المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

خلّي النشيد صاحي! - لطيفة الحسيني


ما الذي يبقينا على تماسٍ مع الزمن الذي وُلدت وترعرعت فيه المقاومة الاسلامية في لبنان؟ يسأل خمسيني.. لماذا؟ الإجابة تكمن في حنين يحمله الى كلّ ما يذكّره بفترة الثمانينات وانطلاقة حزب الله. ما السبيل الى ذلك؟ أناشيد خالدة لا تفارق حاسوبه وسيارته.. يقف عند نشيد "الشعب استيقظ يا عباس"، يرى فيه إبداعات فنية لا يمكن سلخها عن مسيرة المقاومة على مدى ثلاثين عاماً وأكثر.

يردّد كلّ من نشأ على خط المقاومة أناشيد البدايات، يحتفظ بها، يواظب على الاستماع إليها، لا بديل لها بنظره.. "رزق الله"، كلمة عفوية يتلفّظ بها أي مُصغٍ لترانيم الماضي. هو سرّ يغلّف تلك الأناشيد، يُميّزها عن أعمال اليوم.. قد تكون للظروف التي أحاطت بها دور أساسي في حفرها في قلوب المؤيّدين لخطّ المقاومة.



نشيد "الشعب استيقظ يا عباس"

أبو حسن شمران، صاحب الأناشيد الاسلامية القديمة واللطميات الحسينية التي رافقت تأسيس حزب الله في ظلّ الاحتلال الاسرائيلي، التزم نهج المقاومة وآمن به، فسخّر صوته لخدمة هذا الخطّ.. واكب احتفالات الأمين العام السابق للحزب الشهيد السيد عباس الموسوي وفيما بعد السيد حسن نصر الله قبل أن يتولّى مسؤولية الأمانة العامة، تنقّل بين الضاحية والجنوب والبقاع، صادحاً للمجاهدين في الميدان من بيروت الى الحدود مع فلسطين.

بشوق كبير، يتحدّث شمران عن تجربته الطويلة على صعيد تقديم أناشيد المقاومة، يركّز أكثر على أهمية دور النشيد في هذه المسيرة، ويفضّل وصف ما كان ولا زال يقوم به، بـ"الإنشاد العسكري". يستذكر "كيف انطلق مع فئة مؤمنة قليلة في الشوارع وعلى الارصفة، عندما كان الناس ينجذبون الى هذا النوع من الأعمال الفنية والإبداعية بإمكانيات متواضعة جداً. "أحبّوها لأنها كانت صادقة وعفوية وهادفة"، يقول.

خلّي النشيد صاحي!

برأيه، "للندبيات تأثيرٌ كبيرٌ على معنويات المقاومين والرعيل الأول في حزب الله بسبب ارتباطها بمعاني عاشوراء والامام الحسين (ع)، والروحية المستمدة من النهج المحمدي والحسيني والعلوي"، ويوضح أن "الإخلاص في العمل الفني أدّى الى نجاح ورواج الأناشيد السابقة".

يستحضر شمران أمامه مشاهد لمقاومين كانوا يلطمون ويحاربون في آن معاً، "فالسلاح ليس فقط بارودة!". هنا يُنقّب صاحب "أين راغب الحرب أين"، في ذكرياته القديمة، ويروي كيف كان السيد حسن يحضر في النويري مجالس الإنشاد واللطم التي كان يشارك فيها، كذلك كان يفعل الشهيد السيد عباس في بلدة النبي شيت.



نشيد بصوت أبو حسن شمران

يعتبر شمران أن "النشيد السياسي المقاوم  أحد أساليب التعبئة لمن اختار السير في هذا الخط، فالمقاومة العسكرية تعتمد على الإعلام والألحان أيضاً لتوصل قضيتها الى أوسع جمهور"، ويبدي اهتماماً بالجمهور الآخر الذي حُكماً يتأثّر لدى سماعه هذا النوع من الأعمال الفنية الملتزمة".

نقاط قوة النشيد بتقدير شمران، تكمن في القضية التي يتناولها واللحن المتبع، وهنا لا يستطيع إلّا التوقف عند أناشيد "أين راغب الحرب أين"، و"يا أبا عبد الله نحن أمة حزب الله"، و"ألا إن حزب الله هم الغالبون"، إنها أعمال فنية لا تموت مع الوقت.

أناشيد اليوم مستمدة من الأمس

المنشد علي العطار، يلاقي شمران في توصيفه للأعمال الفنية المقاومة باعتبارها "وجهاً من أوجه المقاومة الذي يعطي دفعاً للناس ويحمّس الجماهير".

العطار الذي أدّى عشرات الأناشيد الحماسية التي أعقبت تحرير الجنوب عام 2000 ولا سيّما خلال عدوان تموز 2006 متحدّياً القصف الاسرائيلي للضاحية الجنوبية، يبني على قديم التسجيلات الإنشادية لينفذ أعمالاً تليق بمسيرة المقاومة في محطاتها كافة. بنظره، لا يمكن تجاهل "الشعب استيقظ يا عباس" في أي تجربة إنشادية مقاومة، لها وقعٌ خاص ومكانة مميزة لدى جمهور حزب الله وكل من أراد إيصال قضيته الى العالم بصوته.

يصف العطار الأناشيد القديمة بأنها "محفورة في عقول الكبار والصغار"، تحمل ذكريات وحنيناً الى زمن الانتصارات الأولى، ولا سيّما أنها أتت في مرحلة صبر وتحمّل رافقت ولادة المقاومة، "نسترجع بسببها اليوم محطّات غنية من زمن السيد
عباس"، يقول.

علي العطار

النشيد لون من ألوان المقاومة، يضيف العطار، إنه "مقاومة بطريقة فنية، فالجهاد ليس فقط بالبندقية بل بالقلم والفكر والقصائد والنشيد والشعر، ولهذا المقاومة الفنية لا تنفصل عن بيئة الناس".

حنين العطار لا يقتصر على أناشيد المقاومة الاسلامية، بل يتعدّاه الى أناشيد الفنان مارسيل خليفة الثورية والعروبية، التي يجد فيها نموذجاً موسيقياً مقاوماً يحمل العداء لـ"اسرائيل" عنواناً.

بناء على ما سلف من تجارب إنشادية، يعمل صاحب "لبنان أكبر من هيك"، على مشروع "صياغة هوية النشيد الذي يعرّف بالصوت عن المقاومة في لبنان"، مستهدفاً أداء وإنتاج "أناشيد وطنية توحّد الشعب لا ترفقه وتصل الى أكبر عدد من فئاته وتوجّهه الى القضايا المحقة ولا سيّما القضية الفلسطينية بطريقة موسيقية سليمة وجيدة".



اللحن ودوره

لا يبتعد الملحّن زياد بطرس عن أجواء العطار وشمران، فهو أنجز الكثير من الأغاني الوطنية والقومية التي تنشد رفض الاحتلال والطغيان والظلم ودعم الجيش والوطن.. بحزم، يؤكد بطرس أنه لا يلحّن أو يشارك في نشيد لا يعكس أفكاره ومعتقداته ومواقفه السياسية، يقول " لا يمكن أن أوافق على أي عمل فني سياسي لا أكون مقتنعاً بقضيته وجدواه".

بطرس الذي ترعرع في منزل قومي عروبي، ولدى سؤاله عن تأييده لخطّ المقاومة في أعماله الفنية، يسارع الى الإجابة سلاحنا الموسيقى، لو أستطيع أن أكون عسكرياً لقاومت "اسرائيل" لكنني أقاومها بألحاني اليوم".

برأي بطرس، "النشيد الصادق والناجح يبثّ حماساً يواكب المقاومة العسكرية، وينعكس معنويات على المقاومين وجمهورهم، إنه سلاح يلامس مشاعر الناس والرأي العام، وهو من أساليب الإقناع بخطّ المقاومة".

من جهة ثانية، يشير بطرس الى أن "الأعمال الإنشادية المواكبة للمقاومة وُظّفت بالطريقة الصحيحة ونجحت في إيصال الرسالة". لزياد وجهة نظر أيضاً في هذا السياق، هو يعتبر أن "النشيد يعكس حال المقاومة اذا كانت بخير، فاذا كان الانتاج غزيراً ويليق بالخطّ يعني ذلك أن المقاومة في وضع جيّد وهي متفرغة للاهتمام بشقّها الفني".

لأناشيد المقاومة حيّز أساسي في متابعات جمهورها، يعتمدون عليها كوسيلة تضفي حماسةً ترفع مستوى معنوياتهم وتأييدهم لها..المقاومة الفنية تؤازر العسكرية، هذا ما يؤكده إعلام العدو بين فترة وأخرى عندما يخصّص مساحة للحديث عن دور موسيقى حزب الله، وليس صدفة أن تطلق "اسرائيل" في الـ2007 أغنية عنوانها "يلا يا نصر الله" تهاجم فيها المقاومة. العدوّ لم يوفّر أي مستوى من مستويات الصراع حتى الموسيقي منه لذا "خلّي النشيد صاحي!".
23-كانون الثاني-2014

تعليقات الزوار

استبيان