المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

عماد مغنية "واحدٌ" منا – زينب صالح


بين شعبه، ستحاك له الكثير من الأنسجة وستُعلَّق جميعها على سدرة غيابه. سيعتقد البعض أنّه رآه، ربّما رأوه حقًا، وربما هذه الاعتقادات  ليست أكثر من محض أماني.
الكل بكى بحسرة وفجيعة في يوم تشييعه. للمرة الأولى تخال أنّه عزيزٌ افتقده كل واحد منهم. تخاله أبًا أو أخًا أو حتى أمًا. عند السؤال سيجيبك الجميع بعبارة واحدة: "إنه الشهيد عماد معنية"، وعندما تسأل: من يكون؟ ستكون الإجابة أكثر صعوبة في النطق بها: " إنه المسؤول العسكري الأول في حزب الله... وكفى!".
إذاً عُرِف السبب. هو قائد الإنتصارين، واليد الخفية التي بعقلها المدبّر أعيت الكيان الصهيوني لعقود مضت. مثّل الشهيد إذًا لشعبه قضية الصراع، انتصار العين على المخرز، وانتصار الأمل على نيران البغي المتساقط في تموز. ماذا بعد؟ّ هل يحتاج إلى أكثر من هذا ليمسي بطلًا غائبًا؟!



لكنّ ما يحرك موقد الشوق والحنين للحاج عماد، هي عيدان الغموض التي تلف به. شعبٌ بأكلمه يجلس أمام ذلك الموقد علّه يلتقط شرارة تطفئ جليد انتظاره. جليد الإنتظار قاسٍ في أروقة الشوق. بعض الأخبار عن شخصيّته قد تكون ثمينة جدًا، ثمنها الكثير من الدموع من تلك الطاعنة في السن، التي جلست ليالي الإحتلال تدعو بالفرج القريب، حين كان التحرير حلمًا لا أكثر.
فالحاج عماد كان جليس غربتها وغربة كل من انتظر نصرًا في تموز يفوق كل الآلام. وحصل للشّعب ما أراد.
كان يعرف المختبئُ من الطائرة في حفرةٍ صغيرةٍ بأنّ أمرًا ما سيأتيه ليتابع المعركة. في جعبته الكثير من الأسلحة بعد لم تضرب، وفي الجبال المحيطة به الكثير الكثير، مزروع بفنٍّ وإتقان وحرفية عالية. يناديه بشغف: أن "حان دوري، هيا استخدمني، مللت الانتظار".



وكان يعرف أيضًا ذلك الشاب بأنّ الحرب ليست فرضيّات، وأنّ الأرض تشهد على سنوات عديدة من التحضير والاستعداد والتخطيط لكل الاحتمالات. وهو لا يواجه ظروف الحرب للمرة الأولى، ففي معسكرات تدريبه واجه الكثير، وخلف كل سيناريوهات تدريبه يد خفية. لا يعرف من يكون القائد المدبّر، إلا أنه يعرف كم هو حكيم ذلك الإنسان.
أيكون مجرد إنسان أم أنَّ يد الرحمن قد صنعت معجزةً ما؟! كيف لعقل أن يدبِّر كل هذا؟ّ كيف له أن يتدبّر  أمر الحرب وكأنها أمامه؟! وأن يصنع نصرًا افتراضيًا قبل حدوثه؟!
وقبل التحرير، كيف لمجموعة من الشباب- بقيادته - أن يتأزّروا  ببندقياتٍ يملك العدو منها ما يفوق قدرتها على القتال بأضعافٍ مضاعفة، ثم يمضون وينتصرون!



من أخبرهم بأنّ ذلك الجيش المدعّم ببشرٍ وحجرٍ وعتاد وقوة دوليةٍ وإقليميةٍ سينهزم، وسيخرج مذعورًا في ليلة من دون قمر؟!
هل يقرأ ذلك القائد الغيب؟!
نظرة خاطفة من خلف نظّارات دموع تلميذٍ من تلاميذ الشّهيد عماد، الى نعشٍ أخفى جسده عنهم، تجيب: "نعم هو إنسان، لكنّه رأى الله وعرفه"َ! لم يغترّ بنصر أيار فأكمل الدرب ليخطّط لانتصار آب.
ولأنّه أحبّ الله، أحبه الله، وكتب له شهادة حين شاءت مشيئته، بعد أكثر من عامين من مواجهة أعيت الاستخبارات الإسرائيلية والعالمية.
لم تنته القصة، خلف غموض الشهيد الراحل العديد العديد ممّن يعدّون بصمت انتصاراتنا، لنعرفهم فقط بعد الرحيل.
تحية لعينيك وكل أسرارك يا ساحر المقاومة.


20-شباط-2014
استبيان