المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

حسام نسر: نحن خُلقنا لكِ - محمد سرور






يقولون لكل امرئ من اسمه نصيب، فكيف إذا كان حسامًا ونسرًا بالولادة، وأمينًا في الشهادة.
حين صدحت مآذن الجنوب، في منتصف شهر آب المنصرم، تزف نبأ استشهاد القائد حسام نسر، "الحاج أمين"،  لم يكن أحد ليصدق. أمين استشهد؟ أين وكيف؟ يسأل محبٌ، فيجيب أخر: عند السيدة زينب(ع). الحمد لله هذه شهادة تليق به.
من بلدة كفرصير العاملية، طلع هذا النجم المقاوم. وكفرصير بلدة العلم والرقيّ والوطنية. هو كما يصفه العارفون به شاب وسيم بشوش المحيّا، في عينيه وهج ذكاء متقد. ذو خلق وتواضع كبيرين.
كان حسام من الشباب الذين التحقوا باكرًا بالمقاومة الإسلامية لتحرير الأرض والدفاع عن أهلها، فتقلب في صفوفها وهو يشهد نصرًا تلو نصر، ويشارك في صنعه. وقد برع في مجال الالكترونيات، فأسهم في تطوير أسلحة المقاومة، وخصوصًا في مجال الصواريخ. يهمس الشباب في ما بينهم بأن الحاج أمين مايزال يجاهد في كل يوم، فبصماته على ذلك الصاروخ المرعب الذي شغل الإعلام والمحللين العسكريين - الغربيين خصوصًا- . يصفه الجميع بأنه كابوس الإرهاب في حرب المدن.
بعد إتمام التحرير قررت المقاومة تفجير جميع المواقع الإحتلال الإسرائيلي وعملائه وإزالتها من الوجود، فأوكلت المهمة للشهيد الذي كان عمره حينها 19 عامًا فقط.
عرف عن حسام حب التخالط  مع الناس في القرى التي وُجد فيها لأسباب عملية، فكان يسهر معهم ويتابع أنشطتهم الاجتماعية والرياضية. حتى أن الناس كانت تلجأ إليه في أمورها الخاصة والعامة، فيعمد إلى حل المشاكل بالطرق الودية، تاركًا أثرًا طيبًا في نفوس جميع الأطراف.



كان الشهيد مسؤولًا رفيعًا على جبهة عيتا الشعب الحدودية، مع رفيق دربه الشهيد القائد والحسام الآخر "أبو علي الحر"، إلى أن أذن الله لهما بجمع الحسنيين: قتال الاحتلال الإسرائيلي وعملائه التكفيريين. فقد استشعرت قيادة المقاومة خطر هؤلاء على الوحدة الإسلامية، وسعيهم إلى النيل من المقدسات، وفي مقدمها مقام بنت رسول الله (ص) السيدة زينب بنت علي (ع) في إحدى ضواحي دمشق،  وسط دعوات علنية وتحريض من سفهاء القوم لهدم المقام الشريف من دون الإكتراث لحرمته لدى جميع المسلمين. فقررت المقاومة أن تكون كافل زينب (ع) في غربتها الثانية، وبدأ العمل بإرسال ثلة من مقاومي حزب الله لحماية تلك المنطقة المقدسة، درءًا للفتنة المذهبية ما أمكن. وكان حسام على رأس أولئك المقاومين الكربلائيين.
استعرت المواجهات بين المدافعين عن المقام والجماعات التكفيرية، التي كانت تبعد عنهم مئات الأمتار فقط. وكان جهد المقاومة دفاعيًا فنجحت في تأمين المحيط القريب ومنعت سقوطه، ثم أخذت توسع دائرة الأمان شيئًا فشيئًا بتطهير الأحياء المحيطة، والعمل على إعادة أهلها المهجرين إليها. وكان الشهيد حسام يشرف بنفسه على تلك العمليات المعقدة، مساهمًا فيها من ألفها إلى يائها.
في إحدى المهمات الصعبة على الخطوط الأمامية، تقدم حسام برفقة الشهيد ذوالفقار حمود(من رواد سلاح ضد الدروع الذي فتك بآليات العملاء في أكثر من مواجهة زمن احتلال الجنوب) لاستطلاع منطقة خطرة، لم يكن أحد يجرؤ على ولوجها، ولكن قدر الله كان هناك، فكُتب للفارسين حظ الشهادة.
اليوم بعد تحرير محيط المقام الشريف وتأمين منطقة السيدة زينب (ع) بشكل كبير، لا تسأل أحدًا من سكانها عن الشهيد حسام نسر إلا وأجابك: أعرفه... ثم يسرد لك الحكايا عن شخصه وجهاده في أصعب الظروف. وصورة حسام في كل مكان تزين المنطقة كوسام على صدر جهاده.
في الطريق إلى كفرصير،, حين عاد كافل زينب (ع) شهيدًا كأبهى ما يكون، وكلما مر موكب نعشه في بلدة من الجنوب، احتشد أهلها على جنبات الطريق يحيّون الكربلائي العائد، بنثر الورد والزغاريد.
من عاش لله كانت حياته مثل انتظار المسافر على قارعة الرحيل. هكذا كان حسام نسر، وهكذا كان رفيقه "الحر" حسام محمد علي، الذي أبى إلا اللحاق به بعد أيام قليلة، في مواجهة بطولية أخرى.
ألا بارك الله بحزب قادته في الصفوف الأمامية، ولا يقع طعن العدا إلا في نحورهم.
06-آذار-2014

تعليقات الزوار

استبيان