المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

الشعر الوطني الفلسطيني 1: قبل عام النكبة – فيصل الأشمر



يعد الشعر الوطني الفلسطيني من أهم نماذج للشعر الوطني، بسبب المدة الطويلة التي مرت على احتلال فلسطين من جانب المحتلين الصهاينة، ومواكبة الشعراء لهذا الاحتلال،  ولمقاومته من جهة، وكثافة المادة الشعرية التي كان موضوعها مقاومة هذا العدو من جهة أخرى. والملاحظ في ذلك غلَبة الشعر على ما سواه من أنواع الأدب الأخرى، من قصة ورواية ومسرح، ربما لأن الشعر أقرب إلى الوجدان من هذه الأنواع، ولأنه خير معبّر عن الألم والمأساة والغربة التي عاناها الفلسطيني، وكذلك عن بطولته وجهاده ومقاومته وصموده في وجه الاحتلال كل هذه السنين.




ويعود الشعر الوطني الفلسطيني إلى ما قبل النكبة واحتلال الصهاينة لهذا البلد العربي. مثلًا: في شهر آب من العام 1929 نشأت اضطرابات عنيفة بين العرب واليهود في القدس، بسبب ادعاء اليهود ملكيتهم جزءًا من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف، والمعروف بحائط البراق. ثم انتشرت هذه الاضطرابات في أنحاء مختلفة من فلسطين، وقد عُرفت بـ"ثورة البراق". قُتل وجُرح في هذه الثورة مئات الأشخاص، وأصدرت حكومة الانتداب البريطاني حكمًا بإعدام 26 عربيًا من المشاركين فيها، ثم استبدلته بحكم السجن المؤبد على 23 شخصًا، وأثبتت الإعدام على ثلاثة، هم: فؤاد حجازي، وعطا الزير، ومحمد جمجوم.

الشهيد الشيخ عز الدين القسام

بعد مرور أيام على إعدام هؤلاء الشهداء، ألقى الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان قصديته "الثلثاء الحمراء" التي مطلعها:
لمّا تعرَّض نجمُـك المنحـوسُ     وترَّنحت بعرى الحبال كؤوس
ناح الأذان وأعـول الناقـوس      فالليل أكدر والنهار عبوس
طفـقـت تـثـور عـواصـفٌ وعـواطــفُ  والـمـوت حيـنـا طـائــفٌ او خـائــفُ
والمعول الأبدي يمعن في الثرى      ليردهم في قلبها المتحجرِ
ويختمها بالتالي:
أجسادهم في تربـة الأوطـانْ   أرواحهم في جنة الرضوان
وهناك لا شكـوى ولا طغيـان  وهناك فيض العفو والغفرانْ
لا تـرجُ عفـوًا مــن ســواه هــو الإله   وهـو الـذي ملـكـت يــداه كــل جــاه
جبروته فـوق الذيـن يغرهـم     جبروتهم في برهم والأبحرِ
الشاعر الفلسطيني إبرهيم طوقان

بعد ثورة البراق حصلت الثورة التي قادها الشيخ عز الدين القسام ضد
الإنكليز، التي انتهت باستشهاده وعدد من رفاقه في العام 1935، فرثاه عدد من الشعراء، ومن بينهم الشاعر محمد علي الصالح في قصيدة قال فيها:
إيـــهِ جـــنـدَ الـبــغـاةِ غـــيـر بـــعـيـــدٍ                        يــومــكـم مــــن مَــصــارع الأيـــــاِم
وإذا نِــلْــتُــمُ مـــن الـغـــاب وتـْـــرًا                      فــهــو لــم يـَــخْــلُ بَـعْــدُ مــن ضِــرغـــاِم
مَـطـلــب الشــعــب أن يُــرى مسـتــق                      رافـــــلاً فــــي ســــيـــادة وســــلامِ
كذلك رثاه الشاعر فؤاد الخطيب، ومن ما قاله:
يا أيها العرب الذين تقسَّمت شتى الديار بهم وهم إخوانُ
زعم العِداة عن (الجزيرة) أنها خنعت وقلّم ظفرها الخذلان
أين الذين تودهم وتعدهم ركنًا إذا اضطربت لها أركان
هل تنظرون إلى البوائق حولكم وإلى القلوب تفتها الأضغان
إن (العروبة) كهفكم وثمالكم ليست تفرق بينها الأديان
ومن رثاء الشاعر نديم الملاح له يقول:
ما كان ذودك عن بلادك عارًا بل كان مجدًا باذخًا وفخارا
سمّوك زورًا بالشقي ولم تكن  إلا بهم أشقى البرية دارا
قتلوا الفضيلة والإباء بقتلهم لك واستذلوا قومك الأحرارا
أنكرت باطلهم وبغيَ نفوسهم  فاسترسلوا في كيدك استكبارا
فثبتَّ بين رصاصهم مستبسلًا  يَفِرون منك وتدرك الأوتارا
ورأيت كأس الموت أطيب موردًا من عيشة ملئت أذًى وصغارا

هذه بعض النماذج القليلة عن الشعر الوطني الفلسطيني قبل نكبة العام 1948، ولنا في الايام القادمة إطلالات على الشعر الوطني الفلسطيني منذ عام النكبة، مستعرضين قصائد لعدد من الشعراء الفلسطينيين.


14-نيسان-2014

تعليقات الزوار

استبيان