المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

25 أيار: "صُوَر" – زينب صالح





تتنوّع حكاياتهم يوم كانوا فتيةً قرّروا مقاومة المخرز، فوق أرض الجنوب الغافي في أحضان الظلام. يومها كانوا في بداية عهدهم مع الحياة، فصنعوا قصصًا مع جذوع الشجر وحبيبات التراب، تجلّت لنا نصرًا مدوّيًا.
رغم ضراوة المواجهات وصعوبة ما كانوا يفعلونه، إلا أن الذاكرة تحكي "ذكريات جميلة ببساطتها وعفوية أصحابها".  فبعد مرور 14 عامًا على التحرير، نعود إلى تلك البساتين لنسأل سالكيها عمّا يخطَ لنا شغف الوصول إلى تلك اللحظات.

الصورة الأولى: العطش!
يروي "مجاهد1" لأولاده بعض تفاصيل يُعدها مضحكة وجميلة، عن تلك الذكريات البعيدة، يوم كان يتركهم أطفالًا صغارًا، ويذهب مع زملاء دربه:
"كان الظلام دامسًا، ولم يعد معنا قطرة ماء واحدة. عطشنا كثيرًا. كل ما استطعنا تمييزه هو بركة ماء. صحيح أنّ رائحة المكان كانت كريهة، لكن، المهم ماء! شربنا، وإذا بنا نشمئز من طعم المياه. كان مقرفًا"!
في الصباح، وعند بزوغ النور، نظرنا إلى البركة، وإذا بنا نرى جيفة ماعز ميْتة في البركة. تبادلنا النظرات. خرقتها عبارة أحدنا: صحتين يا شباب! ثم غرقنا في موجة ضحك.
كنا عادة نشرب المياه التي تخزنها الصخور عندما ننقطع من المياه، لكنّ اضّرارنا دفعنا كثيرًا إلى المجازفة. ففي إحدى المرات شربنا مياهًا من ممر مائي وجدناه في أحد البيوت. وعند الصباح رأينا الصدأ والأوساخ تملؤه. هذه الذكريات البسيطة نستذكرها دائمًا، ونضحك منها وعليها".

الصورة الثانية: زوادة الكمين!
"مجاهد 2":
 "كنّا نجهّز لإعداد كمين في منطقة يوجد فيها الإسرائيليون. وكان هذا المكان نقطة مواجهة بيننا وبينهم، فمن يسبق الآخر ينصب له الكمين. كان دوري أن أتقدم للاستطلاع بحذر شديد، وكل 20 مترًا أقف لأعطي إشارة لزملائي في المجموعة. بينما أنا أتقدم رأيت جُبًا من نبات "العلّيق"(نبات ينمو كالجبوب يحمل ثمرًا صغيرًا لذيذ الطعم)، تلمع حباته كأنها تضيء في الظلام الحالك الذي يلفنا. كانت تهتز يمينًا ويسارًا كأنّ أحدًا ما يختبئ خلفها ويحرك أغصانها. هيأت نفسي للمواجهة وتقدمت، وإذا بي أرى زميلًا مجاهدًا، صرخت به: ماذا تفعل هنا في هذا الوقت؟ أجاب: لقد أتيت لقطف حبات العلّيق، أخبّئها في جيوبي كي نقتات بها قبل تنفيذ العملية. إنها لذيذة الطعم جدًا! صرخت في وجهه، لكننا سرعان ما ضحكنا. ضحكنا كثيرًا قبل أن يعود أدراجه ونكمل ما قد بدأنا به".

الصور الثالثة: الدفء!
"مجاهد3":
" كان البرد قارسًا. الثلج يغطي الأرض والمرتفعات، ولا نرى سوى بياض يلف كل المكان. كدنا  نتجمد من البرد الى ان قدّم أحدنا اقتراحًا.
استلقى على الأرض بعد أن نظف المكان من الثلج، وقال لي: هيّا، قف فوق جسدي وامشِ عليّ، ثم اضربني!
نظرت إليه مبتسمًا، فقاطع ابتسامتي صارخًا: هل تريدنا أن نتجمّد؟! هيا افعل ذلك، أريد بعضًا من الحرارة في جسدي، أريد الدفء!
ففعلت ما طلب. كانت طريقة جميلة، التمسنا بواسطتها بعض الدفء الذاتي المصدر"!.

28-أيار-2014

تعليقات الزوار

استبيان