المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

25 أيار: الصغيرة والقاتل – أحمد هادي





استشهد أبوها العام 1996 أثناء دفاعه عن أرض لبنان والتصدي للعدوان الصهيوني المسمى "عناقيد الغضب". يومها كانت جنينًا، أمامها شهران حتى تبصر النور، خاليًا من وجه أبيها للأسف!.
ولدت بأبهى حلة. أشرقت شمس أمها بها وبأخيها الذي يكبرها بثلاثة أعوام. كم تمنت أن ترى والدها الذي كانت تسأل عنه كثيرًا: إنه في الجنة يا حبيبتي.
مرت السنون، وهي تلعب وتلهو على طريقتها إلى أن بزغ فجر التحرير بتضحيات والدها ورفاقه الشهداء والمجاهدين. لم تفهم بنت الأعوام الأربعة معنى التحرير، ولكن بهرتها التجمعات والأعلام الكثيفة والاحتفالات. كان الناس يباركون لها ولأخيها وأمها هذا النصر، نعم فهم يستحقون هذه المعايدة من الناس الممتنين لشهيدهم على بذل النفس والغالي في سبيلهم.
أذكر أنه بعد مرور أيام على التحرير، كيف كان الناس يحجون إلى القرى المحررة، فكيف بأهل النصر والتحرير، عوائل الشهداء، يشاهدون أثناء جولاتهم هناك ثمار ما زرعه أب وأخ وابن وزوج...
 كان موقع العباد الصهيوني المتاخم لأرض بلدة حولا، وقتها من دون أي سياج، فجزء منه تم الانسحاب منه على عجالة، لأنه يقع ضمن أرض لبنانية، حيث تمترس الجنود الصهاينة على جوانبه من دون موانع، مستنجدين بالقوات الدولية للفصل بينهم وبين الأهالي، الذين يقفون بصدورهم العارية، ساخرين مما يسمى جيش النخبة، يقيمون الحفلات والأعراس وحلقات الدبكة اللبنانية فرحين.
اصطحب الصغيرة خالها في رحلة إلى المناطق المحررة. بعد جولة امتدت من الناقورة إلى بنت جبيل، تم التوجه إلى حولا فتلة العباد. كان الخال يحضن ابنة أخته ليهدئ من روعها، ظنًا منه بأنها تخاف من منظر العسكر المدجج بالسلاح. على براءتها سألته من هؤلاء؟ ولما هم خائفون؟ فأخبرها بأنهم الأعداء الذين هزمهم والدها وإخوانه، إنهم جنود صهاينة، ولكن لا تخافي يا صغيرتي فأنا معك والمقاومة تحمينا منهم. فما كان من الصغيرة إلا أن تفلتت من يدي خالها، الذي ظن بأنها خائفة وتريد الهرب إلى الوراء بعيدًا عن الجنود، ولكن ابنة أبيها ركضت حاملة حجرًا بيديها الصغيرتين، تقدمت من الجنود ورشقتهم بحجرها الصغير فأصاب الجندي مباشرة، كأنها تقول: خذ يا قاتل والدي، والدي لا يموت. أتبعت حجرها بآخر أصاب رأس الجندي الذي رمقها بنظرة، لم تزح معها الصغيرة  بصرها عنه حتى أشاح ببصره عنها. احتضنها خالها ولم يملك نفسه عن البكاء، ومثله فعل عدد من الحاضرين. فرحت الصغيرة وعادت إلى أمها تخبرها عن بطولاتها، وكيف ضربت الجندي الذي قتل أباها. الصغيرة لم تعد صغيرة اليوم، فهي تكمل دراستها وتتحضّر لتقديم امتحانات الثانوية العامة. تحتفل سنويًا بعيد التحرير، كمثيلاتها من بنات الشهداء وأبنائهم. هم يكبرون بآبائهم رغم الحنين والشوق المضني. بسماتهم ونظراتهم تقول للموت: آباؤنا لا يموتون.
03-حزيران-2014

تعليقات الزوار

استبيان