المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

الذكرى 8 لعدوان تموز:"نجم الشباب" شهيدًا – زينب صالح



يبدأ موقع المقاومة ابتداء من اليوم نشر ملف خاص عن الذكرى السنوية الثامنة لعدوان تموز 2006





إنها الحرب. ليست نزهةً على شرفات شبابٍ لم تتجاوز أعمارهم العشرين، فلأول مرة يقف "شادي" و"محمد" و"يوسف" وكثيرون وجهًا لوجه في قتال عدوٍّ يتربص بهم منذ تحرير الـ 2000، في قرى تخلو من كزدرات الصبايا وحنان الوالدَيْن. وأمام دنيا الأهل والبيت والأحبّة، ما الذي يدفع هؤلاء إلى صمودٍ يغيّر مستقبل الشرق الأوسط، وينكّس رؤوس محاربين أفنوا أعمارهم في التّدرب لاحتلال الجنوب؟!
الشهيد شادي هاني سعد(19عاما) نموذجًا.
-    استشهد شادي.
-    من شادي؟!
-    شادي سعد! ألا تعرفونه! إنّه أشهر من أن يُعرَّف!
-    بلى نعرف شادي! لكن شادي استشهد؟! وهل بقي شادي في القرية ليحارب؟! وهل كان شادي في صفوف المقاومة؟!
كان مميّزًا خبر شهادة شادي سعد، على الأقل في بيئةٍ تخوض حربًا لأول مرة في  "عيتا الشعب"، القرية التي يحاول الإسرائيليون بكل قوّتهم دخولها.
وقرار الصّمود ليس سهلًا. إذ خرج أهالي القرية في اليوم الثالث للعدوان في مواكب تفاديًا لمشاهد المجازر الجماعية لأنّ القذائف تتساقط كالمطر فوق البيوت، لتخلو القرية من أهلها سوى ما ندر.




"شادي" والحياة!
لا تنسى أم شادي كيف، وقبيل يومين من حرب تموز 2006،  امتلأت الحارة كلها بزمير سيارة ابنها البكر ذي العنينين الواسعتين، والوجه الجميل، والشخصية المرحة التي يحبها كل الناس. يومها خرجت مسرعةً إلى الشرفة والفرحة تعلو وجهها والدموع تسابقها لاستقبال حبيبها المدلّل، معانقة: "مبروك يا حبيبي". وهو ينادي: "نجحت يا إمي، نجحت"، لينهي مرحلة الدراسة الثانوية في قسم "الاجتماع والاقتصاد"، ويهيئ نفسه، إما للسفر أو للتسجيل في إحدى جامعات لبنان في اختصاص الهندسة.
لكن، قبل ذلك، كان طلبه، أن يخطب حبيبته(...)، ففاتح والده في أمرها واتفقا على زيارة أهلها نهار الأربعاء الواقع فيه 12 تموز 2006.
"لم أكن أرفض له طلبًا، هو أول فرحتي في الحياة، وحبنا له لم يكن محدودًا. شادي هو فرحة البيت وروحه وجماله، أناديه كل ساعة، يلبي حاجاتي، يمزح معي، يلاطفني. حتى عندما أخبرني بأنه يحب فتاة، لم أعارض المبدأ ووعدته بأن أخطبها له بعد نجاحه في الامتحانات الرسمية". تقول أم شادي والدمعة في عينها، ثم تضيف:" لا أنسى كيف أجابني عندما سألته عنها: هل تشبهني؟ أجاب: ومن يشبهك أنت يا أمي!".
تتنهّد وكأنّ سنوات ابنها ماثلةٌ أمامها:"طلب شادي سيارة اشتريناها له، كنا  نقدّم له كل ما يريد، لم ينقصه شيء من متطلبات الحياة ولا حتى من كمالياتها، ومع هذا في ساحة الحرب قرّر الصّمود".



شادي لن يترك عيتا
يتحدث زملاء شادي في أيام المواجهة عنه. فيقول علي(اسم مستعار):"طٌلب من شادي النزوح، وأن يبتعد عن القرية. قلنا له بأن مستقبله الجهادي أمامه، وأنه مُبرأ الذمة في الخروج من القرية، لكنّه أابى، وقال: "لو خرجت أنا وهو وأنت فمن يبقى؟! هل نترك الإسرائيلي يدخل القرية كما يريد؟! لن أدع الحسين ينادي وحيدًا ولا يجد ناصرًا أو معينًا. لا لن أترك عيتا، وسأبقى معكم".



نجم عيتا شهيدًا
عن بعض أيام الصمود يقول جهاد(اسم مستعار):" كنّا نجتمع في أحد البيوت، وكنا جميعًا متزوجين ونتحدث عن عائلاتنا وزوجاتنا وأولادنا، وشادي كان أصغرنا سنًا، حتى طلب منا بعفوية ومرح أن نغيّر الموضوع لأنه الأعزب الوحيد بيننا. ثم قال: أشعر بأنّ أبي سيستلم شهادة نجاحي كما فعل والد الشهيد عبد الكريم دقدوق، لأنني سوف أستشهد. ثم طلب أن يقرأ لنا دعاء كميل بصوته قائلًا: لعلّني أقرأه للمرة الأخيرة في عمري".



كان شادي(جبريل) في مجموعة القاسم ابن الحسن، التي بقيت في وسط البلدة تمد المقاومين بالمؤن من دون أن تتمكن من الالتحاق بالصفوف الأمامية.
في يوم 3 آب 2006، كان شباب المجموعة ينتقلون من مكان إلى مكان لشعورهم بالخطر، فما عاد في عيتا مكان آمن من القصف العشوائي الذي يطال كل البيوت. وعن هذا اليوم يتحدث أحد المجاهدين الناجين:" كان شادي يعد الطعام، والبشاشة لا تفارق وجهه الطفولي، عندما سقطت على البيت مجموعة من الصواريخ. ناديت على جبريل(شادي)، سمعت أنينًا، ظننت أنّ هذا صوته، لكنه كان صوت مجاهد آخر أُصيب جراء القصف. عند ساعات الفجر الأولى تفقدنا زميلنا، فوجدنا ما يؤرق وجداننا على شاب كالبدر، كالقاسم ابن الحسن، وعلي الأكبر، رسمت منه كربلاء عيتا الشعب صورة انتصارها".

11-تموز-2014

تعليقات الزوار

استبيان