المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

رضا حريري، مربي الأجيال الأولى – محمد قشاقش




"... وأخيرًا اعملوا لأن هذه الحياة الدنيا سفينة إلى بحر الآخرة، وأعمالكم هي شاطئ الأمان أو شاطئ الأحزان، فاعملوا خيرًا هو رصيد المؤمنين، وإلى لقاء تحت ظل رحمة الإله يوم لا ظل الا ظله".
خط قلم حمزة* هذه الكلمات، كتبها بالقاني المبارك، علها تلامس قلوب أرهقها جور الزمن، و تهتف فينا لنكون حسينيين كما يحب و اخوته الشهداء .
رضا الشاب المثقف المؤمن، المقاوم في جبهات القتال والإرشاد. أستاذ الدفعات الأولى من سرايا العشق، صاحب الابتسامة الهادئة واللحية الندية، المعتلي منابر المساجد و الندوات، الصادح خير الكلمات، المعلم كيف طريق الحق يخاطب المشاعر على أبواب القلوب، العالم بأول أسرار الجهاد، الملتحف بدر عاملة في كل الوديان. رضا المربي على نهج باقر الصدر والخميني.



لما كان يرتقي المنبر، تزاحمه الكلمات لعلها تفوز بأن ينطقها. خطيب مميز يداوي جراح الناس بطيب كلامه، يهدي إلى كل خير: " كي تستطيع مواجهة الطاغوت في سوح الوغى، لابد أن تواجه أولًا الجبت في داخل نفسك. الأعداء كثر فلا تزيد عددهم بسوء أخلاقك". كان المجاهد في ساحات طاعة الله وإرشاد الناس، مثلما كما كان على بندقيته في جبهات الشوق، يرتل أبيات عرفانية من داخل معتقله:
"رتل قرآن في الفجر و استل سلاحك في حجر".
حمزة أو رضا، كلا الاسمين لملاك نثر عطره الكربلائي في القرى. مرة طُلب للتحقيق في مكاتب بعض من أرادوا الشر بهذه الحركة الإسلامية، فوقف أسدًا على منبره، وردد بضع كلمات: " إن الحق يمكن أن يكلف الانسان حياته، ولسنا أفضل من السيد محمد باقر الصدر، فان قتلنا فشهداء، و ان عذبنا فجاهدون، و ان غيبنا فلأننا على الحق".



لو جمعنا فيض فلسفته الجهادية لأدركنا عظمة هذا القائد المؤسس. علمنا في طريق عطائه أن كل ما نبذله إنما هو لوجه الله وحفظ لدينه.
مرت سنون جهاده وهو كل يوم يزداد عشقًا وولهًا للقاء المحبوب، حتى فجر الحادي عشر من أيلول 1986، اليوم الذي خطه الإله لارتقاء أرواح علوية إلى عالم الخلود. الهدف: موقع الحقبان في بلدة ياطر. المنفذون: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
انطلقت العملية بنداء السيد عباس الموسوي. ابتسامة السماء تزاحم الرجال في تقدمهم. ملائكة الله صفًا صفًا خلفهم. ساعات والعملية أنجزت، الموقع حرر، الطهر يطوف هناك، تقدم رضا و إخوانه باتجاه ملالة صهيونية. جندي خبيث ما زال يختبئ هناك. استشهد الفرسان عند أبواب مقام العرفان.
تقول الحكاية أن أجسادهم رشحت وردًا. طاف رحيقها إلى بيت أم رضا فكبرت ونادت : "اللهم تقبل منا هذا القربان". عادت الأجساد المباركة إلى مستشفى جبل عامل: رضا حريري، محمود قاروط، مصطفى عبد الكريم. السيد عباس الموسوي حاضر عند تغسيل وتكفين الأجساد. سيد الشهداء، الحسين بن علي، يبارك الفوز المبين.


وصل موكب الشهيد رضا إلى مدخل بلدته، حُمل النعش ووضع على ظهر الملالة التي غنمها المجاهدون، و طافت البلدة على وقع كلمات السيد عباس : " هذا موقف عزة أيها المؤمنون، الشهيد رضا أتى بآلية عسكرية إلى بيته".
هل هذا عرس أم مأتم. صوت الشهيد ما زال مدويًا في آذان الناس :" كلما طرق الحزن باب قلوبكم، توسلوا إلى الله بلقاء الأرواح في جنته". فزتَ ورب محمد وعلي. فزت على درب الخميني العظيم كما كنت تردد دائمًا: " الخميني سوف يمسح بحقيقة الدماء غشاوة المقل وظلام البصيرة".
هو عرس فعلًا. رضا زف إلى السماء. المقاومة الإسلامية تضرب الصهيوني في مقتل. فكر رضا يسافر في المدى علويًا حرًا معلمًا للأجيال. شعب المقاومة يزداد بهاء وأم رضا في محراب تعبدها تنشد ما علمها طفلها الشهيد:
"أماه إن زف النسيم إليك أنباء العزاء، أمطري الناعي ورودًا، و ارتدي ثوب الضياء".
و نحن اليوم هنا نتكئ تحت ظل فيض دمائكم أعزاء.


*الشهيد رضا محمد حريري – مواليد دير قانون النهر 25-03-1963 –استشهد في 11-09-1986 في تلة الحقبان.


15-أيلول-2014

تعليقات الزوار

استبيان