المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

خواطر الفتى العاشق – إعداد: زينب صالح









من خواطر الشهيد البطل السيد محمد مهدي مرتضى*

يقول الشهيد، متحدثًا عن حوارٍ جرى بينه وبين صديق عمره، الشهيد فؤاد مرتضى:
تناقشت مع عزيز مخلص عن وضعنا الروحي، كشباب ملتزم وصاحب قضية، في ظل التراجع الملحوظ للمستوى الإيماني في أوساطنا . قال لي العزيز: اعتكفت ليومين في مقام بعيد عن الناس، بلا رفيق ولا أنيس، في صحراء مهجورة إلا من ربها. أحسست بمعنى التعبد والانقطاع إلى الله.
وسألني: أين كنت في آخر أيام شهر رمضان؟
قلت: كنت في دورة عسكرية، ومن بالغ التعب والإجهاد فاتتني أعمال السحر.
قال : قد فاتك الكثير.
قلت: أعلم ... وأنت أيضًا .
قال: يجب أن يخصصوا لكم أوقاتًا للدعاء.
قلت :دعاؤنا رياضة في الصباح شعارها "وأعدوا".
 قال: ونوافل النهار؟
قلت: دروس عسكرية وتعب في الجبال يحقق شرط "وما رميت".
قال، وقد ظن أنه أفحمني، : فأين صلاة الليل، شرف المؤمن ؟
قلت: صليتها من وقوف، منتعلًا حذائي وأنا أقرأ "حراسة ليلة في سبيل الله...".
قال: أفلا تعترف بالمستحبات، وباﻷدعية وبسنن المتعبدين.
قلت: بلى، ولكن لقرائتها في المحاور والمعسكرات طعم آخر، ولقبولها شرط اخر؛
أما طعمها فقرب من الله، لا يفصلك عن لقائه إلا رصاصة أو قذيفة أو خطأ صغير،
وبعد عن الناس والفتن والشهوات، فلا ذهب يبرق ولا أولاد تفتن. ليس هناك سوى نحن والسلاح وهو تعالى، نقاتل في سبيله فيستخلص إليه من فاز منا. نقترب منه ويقترب منا، ومع ذلك يزلزلنا بالبلاء، حتى يصفي معادننا من الشوائب، فنستحق بذلك "باب ... فتحه الله لخاصة أوليائه".

وكانت للشهيد محمد مهدي مرتضى (السيد مالك)، كلمة وجهها إلى ملك الموت، جاء فيها:
السلام عليك يا منفِّذ أمر الله ـ عزَّ وجل ـ . أيها العزيز، قد صحِبتُكَ منذ زمن، وأنا لم أخف منك يومًا؛ لأنه لا يخاف منك إلا من يموت حَتف أنفه، أما من أيقن بالشهادة فيعرف أنه، وكما قال المعصوم حين سُئل عن الشهيد: أيفتن عند موته؟ قال : " كفى ببارقة السيف فوق رأسه فتنة " . لذا أُقسم عليك بمن استأذنته قبل قبض روحه ـ رسولنا الأكرم(ص) ـ أن تشعرني باقترابك، لا لأوصي لشيء من الدنيا، أو لأوَدِّعَ أحدًا، بل أمهلني لأسلِّم على الحسين(ع). كما وأقسم عليك أن لا تبدأ بقبض روحي من لساني، بل اجعله آخر ما ينطفئ مني، ودعني حتى آخر لحظة أقول: يا علي.

كذلك دوّن (ره) كلمات في مناجاة الله عز وجل:
الآن طاب لي الموت. إلهي وسيدي ومولاي، لك الشكر على ما أنعمت به علينا في كل لحظة، فكلّما قلنا: لك الحمد، وجب علينا لذلك أن نقول: لك الحمد. إلهي، قد تفضلت عليَّ بزيارة سادتي أئمة الورى في العراق، وأنا أعرف أن هذا توفيق خاص ورعاية منك، فلك الحمد والشكر على ذلك. إلهي، أقسم عليك بأحب الخلق إليك محمد وآله (ص) أن تسامحني، وتغفِرَ لي، وتعفو عن كثير ظلمي وجرمي بمحبتي لمحمد وآل محمد(ص). إلهي، أطمعتني من عفوك مذ زرعت في قلبي محبة علي بن أبي طالب(ع)، فأخطأتُ و قصّرتُ وأذنبتُ، ولا عذر لي في ذلك، بل لك الحجة التامة والكاملة عليَّ، وأنا أعرفُ أن محبتي لمحمد ولآل محمد لا تزيدني إلّا مسؤولية، وقد طال عليَّ الأمل، وكثرت ذنوبي ولا تُمحى إلا بالشهادة.
إلهي، إن للشهادة أهلها، وأنا لست منهم، لكن أملي بكرمك وجودك وفيضك الذي لا ينقطع، أقنعني أنك ستأخذ بيدي ولو كنت متأخرًا في السير إليك. إلهي، إن لم توفق للشهادة إلا المخلصين، فمن لمن أَبصرَ قلبُهُ وقَصُرَت يداه. سيّدي، ما ظنّي بك أن تحرمني حاجةً أفنيتُ عمري في طلَبِها مِنك، فإن لم أكن أهلًا للدُّعاء فأنت أهلٌ للإجابةِ، ويطمئنني أنَّكَ ستستجيبُ لي دعوتي، لأنك سمحت لي بالمداومة على طلبها، وأنا الذي ما فتئتُ أسألك إيّاها في كل موقفٍ طلبتها منك: أوّل ما رأيتُ قبة الامير(ع)، وتحت قبة الحسين، وعند ضريح أبي الفضل، وعند الشهداء ـ أصحاب الحسين ـ . سيّدي، لا أسألك متاع الدنيا قط، فلا تجعل أجري أجر من عَبَدَ سواك. إلهي وربي، اغفر لي، واحجب ذنوبي عن قلب صاحب الزمان(عج)، فأنا أعلم أنها تسوؤه وتسر أعدائه ، وأني والله أعلم أن سروره أحب إليك من سرور أعدائه . سيدي، أقتلني فيك، وارزقني الشهادة في سبيلك، وارزقني نصرة صاحب الأمر، والعودة في دولة آل محمد (ص). وحين تجمع بيني وبينهم يوم القيامة، استر عليّ يا ستار العيوب، ولا تجعل جوارحي تشهد عليّ. واغفر لي ذنوب النظر، لأن عيني رأت مرقد أمير المؤمنين(ع) ، واغفر لي ذنوب لساني، لأنه مولع بذكر علي بن ابي طالب(ع).
سيدي، لا يمتلك عدمٌ مثلي ما يقدمه لجبار السماء، إلا أنك فتحت بابًا للتقرب إليك، أسميته آل محمد (ص)، فاشهد أنني أهواهم وأبغض عدوهم، قلبي معهم، ونصرتي معدة لهم. اللهم، اجعلني ممن تنتقم به لهم ، ولا تستبدل بي غيري، إنك الجواد الكريم . أحسُ الموتُ ذا يدنو إليّ، فتجري دمعةٌ من مقلتيَّ، لخوفٍ؟ لا، وحق وصي طه. أيخشى الموتَ من يهوى عليًا؟ ولكنني رجوت الله رجوى، وأُمنيتي يجودُ بها عليّ، أن أموت وفي شفاهي "يا علي"، . فمعه يسهل الموت عليّ.‏


*الشهيد محمد مهدي أحمد مرتضى (مالك) – مواليد بعلبك في 02 شباط 1984 – استشهد في سوريا بتاريخ 20 أيار 2013 أثناء مواجهات القصير.

 
15-تشرين الأول-2014

تعليقات الزوار

استبيان