المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

لا يخلف مواعيده(الشهيد محمد حيدر) – محمد سرور






يوم أتت إسرائيل بخيلها ورجلها لتسوم المقاومة وأهلها شر العذاب، لجرأتهم على تحديها، ثبت في مواجهتها عشرات الشباب في كل قرية من القرى الأمامية بالجنوب. لم ترهبهم هالة ذاك الجيش الذي قيل إنه لا يقهر، ولا تهديده بالويل والثبور، بل قهروا جبروتها بجميل الصبر وعزم الصمود، وقارعوا جبروتها بعزم لا يلين، حتى انثنى سيفها عن هزيمة مدوية، لم تصحُ منها حتى اليوم.
كان الشهيد محمد حيدر "ذو الفقار"*، من أولئك المقاومين، ذي الفقار بحق. قاتل 33 يومًا كربلائيًا دفاعًا عن بلدته عيتا الشعب، مع ضراوة القتال وطول أمد النزال. ويذكر أهل البلدة جيدًا كيف واجه محمد وإخوانه نخبة جيش الاحتلال المتسللين، وأوقعوا في صفوفهم قتلى وجرحى، تحت وطأة القصف الجوي والمدفعي العنيف. لكن في تلك الحرب ودع الشهيد اللاحق أعز أصدقائه وأصغر شهداء المقاومة سنًا في عيتا الشعب، الشهيد شادي سعد (18 ربيعًا)، فذاق فؤاد محمد شهد الانتصار وألم الفراق.
كان هذا قبل ثماني سنوات، أثناء حرب الوعد الصادق، لكن الحرب لم تنتهِ حقًا في 14 آب 2006. إسرائيل التي كانت دومًا تغزونا من الجنوب، عادت هذه المرة لتقاتلنا من الشمال بأسماء وهويات أخرى. بدأت طلائع "جيش لحدها" الجديد تقترب أكثر من القرى اللبنانية على الحدود السورية، وتجاهر علنًا بعدائها للمقاومة، وتهدد مقدسات المسلمين ومقاماتهم التاريخية بالدمار والفتنة، بينما نقاط تماسهم مع الإسرائيليين في الجولان آمنة.
يومها لم يكن للمقاومة من خيار سوى مواجهة الإرهاب التكفيري، قبل استفحال خطره، مهما بدا الأمر مُرًا إعلاميًا وسياسيًا، امتثالًا لقول أمير المؤمنين عليّ(ع): "ردوا الحجر من حيث جاء، فإن الشر لا يدفعه إلا الشر". فخاضت المقاومة الإسلامية المعركة تلو المعركة، على خط تأمين حدود لبنان. حررت القصير وأجزاء واسعة من ريف دمشق وغوطتيها، وأمّنت منطقة السيدة زينب(ع)، وشهيدنا ذو الفقار جزء من كل هذه الانتصارات، يغيب عن أهله أسابيع ثم يعود مكللًا بالعزة.


مع رفيق دربه الشهيد شادي سعد

ضاقت السبل على التكفيريين في الغوطة الشرقية، حين توالت هزائمهم وأحكمت المقاومة، ومن معها، الحصار حول مناطق تمركزهم. فأيقن المسلحون، ومن يديرهم من الخارج، بأن الأمر يحتاج إلى هجوم كبير يكسر الحصار ويوقف تقدم المقاومة التدريجي قرية إثر قرية. وفي أواخر الشهر تشرين الثاني من سنة 2013، نفذ التكفيريون هجومًا واسعًا، قوامه 5 آلاف مسلح على جبهات الغوطة. واجهتم المقاومة بأعداد أقل بكثير. وكانت أشد المعارك في بلدة العتيبة، عند أقصى شرقي الغوطة نظرًا إلى أهميتها الجغرافية.
على عجل، جمع ذو الفقار أغراضه، ودع طفلته الوحيدة زينب وزوجته، وأوصاها إن أتاكِ نبأ استشهادي لا تبكي ولا تحزني، بل افرحي وزغردي لأجل من دافع عن ابنة سيدة النساء(ع). إلى العتيبة وصل ذو الفقار، وكأن تلك المعارك قد خُلق لأجلها. كانت أيامًا عصيبة وقتالًا ضاريًا، استبسل المقاومون فيها بالدفاع عن البلدة، مع استماتة المهاجمين للدخول إليها، فسقوط العتيبة كان يعني فك الحصار من جهة البادية، لكن مسعاهم خاب، مع كثرة عديدهم وعتادهم.
تحت أزيز الرصاص ودوي القذائف سجل أبناء المقاومة الإسلامية بصمودهم ودمائهم نصرًا باهرًا جديدًا، فكانت بدرًا أخرى ينصر الله فيها الأقل عددًا والأكثر إيمانًا. وكان محمد أول شهداء بلدته في حرب الدفاع المقدس، تبعه آخرون بعدما أشعل رحيله في قلوب عارفيه عزمًا وشوقًا لفداء نهج الحسين(ع). وأما هو فقد التحق برفيق صباه وجهاده الأول، الشهيد شادي سعد حيث لا فراق بعدها.


*الشهيد محمد أحمد حيدر - مواليد عيتا الشعب 1984 - استشهد في 30-11-2013

17-تشرين الثاني-2014

تعليقات الزوار

استبيان