المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

إنطلاقة سينما الدفاع المقدس في إيران

وئام أحمد

بدأت الحرب الإيرانية العراقية سنة 1980 أي منذ بداية الهجوم العراقي على إيران، وامتدت الى المدن ورافقتها عمليات عسكرية برية، جوية وبحرية. واستمرت ثماني سنوات لتنتهي مع قبول القرار الدولي رقم 598 لمجلس الأمن، وقد عرفت هذه الحرب في إيران بالدفاع المقدس.

لم تلبث هذه الحرب أن أصبحت موضوعاً رئيساً من موضوعات السينما الواقعية، وأنتجت نوعاً جديداً في السينما الإيرانية، هو سينما الدفاع المقدس.
تمتاز هذه السينما عن غيرها بأنها عالجت في البدايات مآسي الحرب الإيرانية العراقية بكافة أشكالها، فكانت هناك العمليات الحربية وتحرير المدن المحتلة مثل خرمشهر وغيرها، بالإضافة الى اعادة تجسيد العمليات التي قامت بها القوات الإيرانية في العمق العراقي، ولا ننسى الجانب الإنساني الذي كان حاضراً بشكل فعال في جوهر هذه الأفلام من خلال تسليط الضوء على بعض القضايا الإنسانية مثل تعذيب الجرحى، واضطهاد الناس والاكراد خاصة من جانب الجيش العراقي وقتها.

بدأت هذه السينما بشكل فعلي مع انطلاق الرصاصة الأولى للحرب من خلال مجموعة من المصورين والمخرجين كان على رأسهم الشهيد السعيد مرتضى آويني (الذي سماه السيد القائد الخامنائي بسيد شهداء أهل القلم)، والذي استشهد بعد نهاية الحرب أثناء تصوير فيلم عن الشهداء المفقودي الأثر بانفجار لغم أرضي.


المخرج الشهيد اويني

كانت بدايات أفلام الدفاع المقدس وثائقية من صلب واقع الجبهة، إذ إنها حفظت كل ما كان يدور مع المجاهدين على المحاور. ولعل هذه الأفلام اليوم هي خير أرشيف حي وواقعي لفترة الحرب مع العراق، وقد شكلت مادة دسمة لكل الإنتاجات التي صدرت لاحقاً كراوٍ حقيقي للجبهة.
هكذا أصبح مع الأيام لسينما الدفاع المقدس مقومات خاصة بها تمتاز بها عن باقي سينمات العالم التي عالجت موضوع الحروب (مثل الأفلام عن حروب الفيتنام، العراق، باكستان..) إذ إنها كانت تجسد واقعاً إنسانياً ملحمياً تمثل في بسالة المقاتلين الإيرانيين في الدفاع عن أرضهم، بينما في باقي السينمات كانت الأفلام تبريراً لكل الفشل الذي لحق بالجيش الاميركي في كل حروبه بشكل بروباغاندا فاضحة.

من حيث المكان، تعتبر الجبهة المكان الأكثر وجوداً في هذه الأفلام، وهي تشمل خط النار والجبهات الخلفية والسواتر والحصون، وجغرافياً يقع معظمها في جنوب وغرب إيران اللذين يقعان في جوار العراق.

أما بالنسبة الى الزمان، فهو مشترك بين كل الأفلام إذ انه أيام الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية في الفترة الممتدة ما بين سنة 1980 و1988 .

مشهد من فيلم واحد من بيننا

أما بالنسبة للشخصيات فمعظمها شخصيات ذكورية عادية تتمتع بالأخلاق العالية المتجسدة في الإخلاص والتفاني في الدفاع عن الأرض والوطن، وليست من أصحاب القدرات الخارقة التي كانت موجودة في الأفلام الغربية والتي كانت بعيدة كل البعد عن الواقع العام.

هناك عناصر مشتركة في الأفلام، تتميز في البلاك أو قلادة الحرب التي يمتلك كل جندي واحدة خاصة تحمل رقمه العسكري. وهناك الأسلحة بأنواعها التقليدية، والسبحة والحرز، وثياب قوات التعبئة وكوفياتهم التي أصبحت رمزاً للمقاومة (فيما بعد). أما الجو السائد فهو ديني معنوي، فنرى المحافظة على العبادات، وصلاة الجماعة، ومراسم الأدعية، وكلها نابعة من اعتقاد ديني راسخ إذ إن الحرب قامت للقضاء على كل هذه المظاهر الإسلامية. ويعتبر تصوير رجال شجعان وصالحين يتواجهون مع الاشرار المهاجمين، الموضوع الأساس في معظم أفلام الحرب. وقد ساهمت هذه الأفلام في إظهار مشاهد الحرب من خلال المؤثرات السمعية والبصرية التي تطورت شيئاً فشيئاً، وهكذا خطت سينما الحرب خطوات الى الأمام.

لقد اهتم بعض المؤسسات والمنظمات بإنتاج الأفلام الحربية، وتسجيل أحداث الجبهات، نذكر منها المركز الفني لمنظمة الإعلام الإسلامي، ووحدة الحرب في القناة الأولى للتلفزيون الإيراني، وفريق شاهد التلفزيوني، والوحدة التلفزيونية للحرس الثوري، ومؤسسة الشؤون السينمائية لمؤسسة المستضعفين ومعاقي الحرب، وجمعية سينما الدفاع المقدس، والقسم الثقافي لقوات المحررين، ودائرة الفيلم والمسرح في مؤسسة العقيدة والسياسة للجيش وأخيراً روايت فتح الثقافية.

المصدر: السينما الإيرانية، تاريخ وتحديات، فاطمة برجكاني، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي
مجلة فيلم، العدد 165


02-شباط-2015
استبيان