المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

المقاومة كأسلوب حياة


عبد الرحمن جاسم

لا تستطيع التعامل مع المقاومة على أساس أنها بندقية وسلاحٌ لا أكثر ولا أقل. فالبندقية لا بد ستتعب وحدها، وحتى اليد الممتشقة السلاح، القابضة عليه جمراً، ستصاب بالوهن إن ظلت وحيدةً، فإن أقوى القوى التاريخية العظمى فقدت قيمتها الحقيقية حينما ابتعدت عن جمهورها الحق. إذاً، باختصار، تزداد المقاومة قوةً باعتمادها على جمهورها واعتماد جمهورها عليها. من هنا كان لا بد للمنطق أن يكون: المقاومة كأسلوب حياة، والحياة بأسلوب المقاومة كردة فعلٍ عقلية منطقية على الأمر.



تعتبر المقاومة أساساً ردةَ فعل على "فعل" الاحتلال، من هنا فإن كثيرين يخطئون بتصنيفها فعلاً أساساً، في حين هي رد فعلٍ موجب على حدثٍ سالب مدمر. باختصار، حين حدوث ردة الفعل الأصلية يستوجب هنا أن تكون هناك بيئةٌ حاضنة كي تحصل تلك "الردة فعل". أي أنه لا يمكن أن تكون هناك مقاومة في بيئةٍ حاضنة لمشروع "الاحتلال"، باختصار إن أي مقاومةٍ لا بد أن تحتاج منذ بداياتها إلى "أصلٍ" كي تبدأ في مكانٍ ما. وللمرة الثانية لا يدرك كثيرون أنَّ أي فعل مقاومة هو فعلٌ جماعي وإن بدأ أحياناً فردياً، أو احتاج حادثاً مفجراً – شراراً - كي يبدأ. فالشاب المقاوم حينما يشرع في عمله المقاوم هو ليس نتيجة تفكيرٍ عقليٍ لحظي نشأ عند حدوث الاحتلال فحسب، بل هو عملٌ تراكمي جراء أحداثٍ كثيرة تجمعت حتى وصلت لحادثها المفجّر الذي أدى إلى تلك اللحظة المقاومة التي ستخلد في الذاكرة. هكذا ندرك فكرتين أولتين: أن المقاومة هي ردة فعل، وأن ردة الفعل هذه لا تكون أحادية، بل هي ردة فعلٍ جماعية، تخلق نوعاً من "الرؤوس" التي سرعان ما تقرر القيام بشيءٍ ما ضد "الاحتلال" (الفعل السالب الأصلي) المسبب لردة الفعل تلك الأساسية.

وبعد إدراكنا لهاتين الصفتين يمكن بسهولة أن ندخل إلى مفهومي "المجتمع المقاوم" و"المقاومة كأسلوب حياة". فالمقاومة هي أساساً جزء لا يتجزأ من الحياة البسيطة التي يعيشها سكان هذه المنطقة تجاه الضغوطات التاريخية/اليومية التي يعيشونها. فالمنطقة هذه بشكلٍ أو بآخر كانت عرضةً للاحتلال أكثر من أيٍ منطقة سواها عبر كل القارات، فضلاً عن أن ظروف احتلالها هي الأطول نسبياً مقارنةً مع أي بقعةٍ أرضيةٍ أخرى (لا ننسى هنا أن فلسطين هي البلد الأخير في العالم الذي لا يزال يرزح تحت وطأة احتلال، فضلاً بالتأكيد عن منطقتي مزارع شبعا اللبنانية والجولان السورية). كانت المقاومة ومنذ البدايات جزءاً لا يتجزأ من "منطق" الحال بالنسبة لغالبية سكان هذه المناطق، فعرفت شعوبها بأنها شعوب "عنيفة" لا تهدأ أمام محتليها، لذلك كان منطق المحتل –كردة فعل- هو خلق "عداوات" محلية، بدلاً من العداوة مع "الغربي"/الغريب، فخلقت العداوة بين المسلمين والمسيحيين، أو المسيحيين والدروز، أو الحروب الطائفية التي تستعر حالياً. كيف نقاوم ذلك إذاً؟ الحل بسيط: إنه المجتمع المقاوم، والمقاومة كأسلوب حياة.

من الحجر الى الصاروخ



ماذا نعني بمقولة: المقاومة كأسلوب حياة؟ إن اختيار المقاومة كأسلوب حياة معناه أن تقبل الآخر، أيّ آخر، لمجرد أنه "مقاومٌ". أن تجد أنك جزءٌ من منظومةٍ "مصارعة" هدفها الوحيد هو تحرير فلسطين قبل أي شيءٍ آخر وطرد المحتل -وإعادته إلى بلاده سالماً أو محملاً سيان-، أن تكون بوصلتك الأساسية هي فلسطين، وفلسطين ليست مجرد كلمة من ستة حروف تنطقها وتحمل سلاحك وتمضي. إنها ببساطة أن تميّز عدوك من صديقك عبر تلك الحروف الستة، المقدرة العالية على الشعور بالأشياء من خلال حبك لتلك الأرض المقدسة. أن تكون المقاومة حياتك معناه أن تعيشها، تأكلها، وتشربها. تحب الناس من خلالها، تكره أعداءك عبرها، تناقش حياتك اليومية فيها، ولا تنساها، لا تنساها أبداً.

حينما تعتنق المقاومة كأسلوب حياة، ساعتها لا تهزم مقاومتك، لأن مقاومتك بحد ذاتها باتت جزءاً من وجودك، وهو أمرٌ غاب عن كثيرٍ من مقاومات قبلاً: أن تكون المقاومة: الحياة والمعاش، اليوم والغد: الأول والأخير.

09-شباط-2015
استبيان