المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

صورة المرأة في سينما الدفاع المقدس الإيرانية


وئام أحمد

لقد أدت المرأة أدواراً متنوعة خلال الحرب الإيرانية العراقية، انطلاقاً من وجودها في عائلة الجنود الذاهبين الى جبهات الحرب، وصولاً الى نشاطاتها في الجبهات الخلفية والمستشفيات الميدانية.

 كانت سينما الدفاع المقدس منذ نشأتها مع بداية الحرب في سنة 1980 قد ركزت على الرجال المناضلين الذين يحملون أسلحتهم وينطلقون نحو الجبهة. وكان للمرأة دور جانبي اقتصر في هذه الأفلام على اهتمامها بشؤون المناضلين وعائلاتهم بشكل لا يتعدى إدارة أمور البيت والأولاد ووداع الأحباب. لكن في السنوات التالية التي أخذت فيها سينما الدفاع المقدس شكلاً جدياً، حدثت تغييرات في دور المرأة، حيث نرى بعض السينمائيين يسلطون الضوء على نواح أخرى من حضور المرأة في الحرب من خلال دورها في الجبهات الخلفية أو المستشفيات الميدانية وحضورهن في متن أحداث الحرب.

في فيلم "رهايى" (الخلاص) للمخرج رسول صدر عاملى سنة 1983 تطرق المخرج الى المرأة التي تضحي بشبابها في سبيل الرجل المناضل حيث تتزوج رجلاً قد فقد رجله في الحرب. لكن،  بما أن الفيلم لا يركز على هذه النقطة فلا يمكن لعمل هذه المرأة أن يعلق في الأذهان، أو يبرز مدى الارتقاء الفكري والأخلاقي والروحي عند المرأة المضحية.
بعد اندلاع الحرب واستشهاد العديد من الرجال، برزت ظاهرة جديدة في المجتمع الإيراني وهي ظاهرة عوائل الشهداء، والأسرى والمفقودين. وفي هذه الظاهرة تبرز المرأة بين العائلة، بالمعاناة التي عليها تحملها والأولاد الذين عليها تربيتهم وقيم الشهيد التي عليها أن تحافظ عليها. 

ملصق فيلم ميم مثل مادر

هذه المرأة هي زوجة الشهيد أو أخته أو أمه، ولكل منها دورها المميز في الحياة العائلية والاجتماعية. وقد برز هؤلاء النساء في أعمال بعض السينمائيين من خلال أبعاد ونواح مختلفة.

من الأفلام الأولى التي اهتمت بهذا النوع  من النساء، نذكر فيلم "برنده آهنين" ( الطائر الحديدي) من إخراج علي شاه حاتمي سنة 1991، الذي يعالج موضوع زوجات المفقودين في الحرب. فناصر طيار مروحية حربية فقد خلال إحدى العمليات واعتقدت عائلته أنه استشهد. أراد بهروز، صديق ناصر، أن يتزوج من فرشته زوجة ناصر، لكن ابن ناصر المراهق يعارض هذا الزواج، معتقداً بأن والده سيعود يوماً. وفي يوم زواجهما الذي يتم بعد ثماني سنوات من فقدان ناصر، يعود الأخير معاقاً بعدما كان أسيراً.
إن نظرة المخرج الى شخصية المرأة هي نظرة واقعية الى حد كبير، فبالرغم من أن فرشته لم تقبل الزواج عن رضى كامل، لكنها في النهاية رضيت به. هذا الأمر أيضاً موجود في الحقيقة عند نساء إيرانيات فقدن أزواجهن، وفي النهاية رضين بالزواج من رجال آخرين نتيجة استسلامهن لكلام الناس.

ويعتبر فيلم "هيوا" لرسول ملا قلي بور سنة 1998 من الأفلام الموفقة التي تتطرق الى شخصية امرأة فقدت زوجها في الحرب، ولم تحصل على جثته. إمرأة صبورة تنتظر عودة زوجها ولا تقبل بالزواج من أي رجل طلب يدها، وتعيش مع رسائل زوجها وصوره، وتحاول في الفيلم أن تجد أثراً لزوجها بمساعدة قائد فريق البحث عن جثث الشهداء.

أما المرأة الإيرانية الموجودة في مستشفيات ميادين الحرب، فلها حضور بارز جداً، إذ قدمت شهيدات في هذا السبيل. هذا البعد من حضور المرأة في الحرب بدا في بعض الأفلام السينمائية، ولكن من زوايا مختلفة. من هذه الأفلام التي تطرقت بشكل مباشر الى هذا الموضوع فيلم "نجات يافتكان" (المنقذون) للمخرج رسول ملا قلي بور سنة 1995. وهو يعالج قصة فتاة مسعفة في الهلال الأحمر تصل بعد عدة أحداث الى خط النار الى جانب مناضل جريح.

فيلم "ميم مثل مادر" (ميم مثل أم) لرسول ملا قلي بور سنة 2006 والذي اعتبر من أفضل الأعمال السينمائية من نوعه، فهو مختلف عن بقية الأفلام المنتجة الى حد كبير، لأنه يتمحور حول دور الأم، فالبطلة الشابة حامل وهي كانت قد أصيبت بالغازات الكيماوية السامة خلال الحرب، وقد أخبرها الأطباء بأن طفلها سيتضرر من ذلك. يعارض زوجها وهو دبلوماسي ولادة الطفل، لكن المرأة تصر على تربية ولدها ويؤدي خلافهما الى الانفصال، فتذهب الأم لتربية ولدها المصاب بمشكلة في التنفس بمشقة كبيرة، فتعلمه الموسيقى. وهكذا تموت الأم بسبب مشكلتها الصحية ولكنها قبل وفاتها تطلب من زوجها السابق الذي يحضر الى جانبها بأن يحضر الحفل الموسيقي الذي يشارك فيه ولدهما وينتهي الفيلم بعودة الولد الى أحضان والده.
24-شباط-2015
استبيان