المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

مناظرة تلفزيونية تنزع ورقة التوت عن زعيم الدولة العبرية الجديد

عبد الرحمن جاسم

قبل أيامٍ كانت القناة الثانية في التلفزيون العبري على موعدٍ مع برنامجٍ مثيرٍ للاهتمام: ثمانية رؤساء أحزاب جلسوا إلى طاولةٍ واحدة في تحضير للانتخابات القادمة بعد فترة وجيزة. إنها لحظة "تعرية" المجتمع نفسه، وهذه المرة لا يحتاج عدواً كي يقوم بذلك، إنه ببساطة يظهر "أبشع" ما فيه و"أخبث"، بكل رحابة صدرٍ وعلانية أمام الجميع. كانت البداية كالعادة "متفجرة" حينما اتهم أفيغدور ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية الحالي أيمن عودة (رئيس القائمة العربية الموحدة) بأنه "طابور خامس" و"غير محبذٍ تواجده" في هذه المناظرة. كان كلام الوزير مفعماً بالعنصرية، لكن هذا كان أول الغيث. من جانبٍ آخر كان اجتماع زهافا غالئون من الحزب اليساري ميريتس وزعيم "البيت اليهودي" الوزير نفتالي بينيت، مثالاً آخر على صراعٍ خبيء في الحياة الصهيونية: صراع اقصى اليمين وأقصى اليسار. ولأن الحياة الدينية اليهودية هي جزءٌ من الحياة السياسية اليومية للصهاينة كان التقاء حزبي "ياحد" و"شاس" اللذين يعتبران الحاخام المقتول عوفاديا يوسف "قائدهما" الأبدي صراعاً بين زعيمي الحزبين أرييه درعي وإيلي يشاري. لذلك كانت هذه المناظرة التلفزيونية المنتظرة بشدة نوعاً من تمظهر للحياة السياسية "الهشة" التي يعيشها الكيان العبري. 

مارس المشاركون في المناظرة كل أنواع ألعاب الحواة، فمثلاً أرييه درعي حاول خلال الأسابيع والأشهر السابقة الحديث عن "عنصرية" الكيان تجاه "اليهود الشرقيين" ومع هذا فإن كل كلامه في هذا الإطار لم يفده كثيراً بل بالعكس فإنه انعكس عليه سلبياً. ففي معرض هجومه على نفتالي بينت (من البيت اليهودي) سأله لماذا رفضوا ترشيح إيلي أوحانا (لاعب كرة قدم شهير صهيونياً من أصول شرقية) مثلاً؟ وكذلك عن تعليقات علييت شاكيد (إحدى زعيمات البيت اليهودي) أشارت بأنها سمعت أن "اوحانا" ذكي (في إشارة إلى أن اليهود الشرقيين أغبياء). كان هذا الكلام قد يبدو جيداً لو لم يكن الرد من بينيت قاسياً إلى حدٍ كبير: علييت شاكيد نصف عراقية، وإيلي بن دهان (أحد زعماء الحزب) ولد في المغرب. بدا درعي محطماً للغاية. وعطفاً على تلك "اللكمة" القاتلة، عاد درعي إلى الصراع على وراثة "عوفاديا يوسف". ذلك الصراع الوراثي سيقوده حتماً إلى شريحةٍ أوسع من الناخبين، فهو في النهاية يعرف ان أصوات حزبه ستأتي من "قطعة الجبن" المتنازع عليها مع "ياحد" التي "تغني نفس الأغنية" مثله: اقتلوا العرب، اقتلوا العرب، اقتلوا العرب. 

أسخف المشاركين كان بالتأكيد وزير الخارجية ليبرمان الذي لم يلجأ أحدٌ من المشاركين الصهاينة الآخرين لمهاجمته أو مقاطعته حين كلامه، ذلك أنهم يعرفون تماماً "حجمه" الحقيقي وقيمته الفعلية "انتخابيا"، وهو من جهته يفهم اللعبة جيداً فاختار ببساطة أضعف الخصوم في كل الجلسة، وأكثر المكروهين: أيمن عودة، العربي الوحيد في المكان. وليبرمان إذ أظهر أنه وحزبه "إسرائيل بيتنا" فاشلان تماماً في كل محاولاتهم لتطبيق أي قانون "منطقي" و"فاعل" في الكيان، دافع بهجومٍ على عودة الذي بدا كما لو أنه "ضيفٌ" لا أكثر. فهو كان ضعيفاً من خلال إصراره على أنه "مع الدولة الصهيونية" وأنه "يسعى للعمل مع أحزاب دينية مثل شاس" ومد أكثر من يدٍ خلال المناظرة للحوار مع غير حزب. ظهر عودة كما لو أنه "يشحذ شيئاً غير موجود" من أشخاصٍ "لا يمكنهم ولا يريدون حتى إعطاءه إياه". رد رئيس حزب شاس على تلك اليد الممدودة مثلاً كان "بقطعها" من خلال إشارات من نوع: "بدلاً من أن يهتم النواب العرب بالدفاع عن "المقاومة" عليهم أن يهتموا بناخبيهم العرب". عودة بدا ساهماً وضعيفاً في آنٍ واحد. من جهتها بدت الزعيمة اليسارية "العتيقة" زهافا غالئون ضعيفة وغير معبرةٍ عن اتجاه واضح: فهي تكره الأحزاب اليمينية، والدينية، وبالتأكيد "المعسكر الصهيوني" (تحالف حزبي إسحاق هرتزوغ من حزب العمل مع تسيبي ليفني من حزب "الحركة") الذي بحسب رأيها سيكون انتخابه أو اعطاؤه الأصوات بمثابة "جريمة" لأنه سيكرر أخطاء رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو (من الليكود).
28-شباط-2015

تعليقات الزوار

استبيان