المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

أدب المقاومة: فدوى طوقان "أم الشعر الفلسطيني"


فيصل الأشمر

هي أشهر شاعرة فلسطينية ومن أشهر الشاعرات العرب في العصر الحديث. أسماها محمود درويش، الشاعر الفلسطيني الكبير، "أم الشعر الفلسطيني". ولدت في مدينة نابلس الفلسطينية في العام 1917 حيث تلقت دروسها الأولى. وبعد أن تركت مقاعد الدراسة استمرت في تثقيف نفسها بنفسها، وكان أخوها الشاعر الكبير إبراهيم طوقان يتعهدها بعنايته ورعايته، وهو الذي عرّفها إلى عالم الشعر الذي كتبته بمختلف أنواعه من الشعر العمودي حتى الشعر الحر. وقد كان لموت أخيها إبراهيم الأثر الكبير في نفسها، فبكته في قصائد عديدة أظهرت فيها ألمها وحزنها عليه، حتى لقد شبّهها بعض النقّاد بالشاعرة الجاهلية "الخنساء" التي قضت عمرها ترثي أخويها "صخراً" و"ضراراً".

حصلت فدوى طوقان على عدد كبير من الجوائز، منها جائزة رابطة الكتاب الأردنيين 1983، وجائزة سلطان العويس 1987م، وجائزة ساليرنو للشعر من إيطاليا، ووسام فلسطين، وغيرها.

صدرت للشاعرة عدة مجموعات شعرية منها: ديوان وحدي مع الأيام، وجدتها، أعطنا حباً، الليل والفرسان. كما لها كتب نثرية عديدة منها الكتابان اللذان روت فيهما سيرتها الذاتية: رحلة صعبة - رحلة جبلية، والرحلة الأصعب.
وقد توفيت الشاعرة الكبيرة في مدينة نابلس الفلسطينية في العام 2003.
آمنت فدوى طوفان بقضية وطنها وشعبها، وقضت عمرها تكتب عنهما، زارعة روح المقاومة في قلوب قرائها وسامعيها، حتى أصبحت من أشهر أصوات المقاومة الفلسطينية.




تقول الشاعرة في قصيدة لها موجهة “إلى شعراء المقاومة في الأرض المحتلة":

على أبواب يافا يا أحبائي
وفي فوضى حطام الدور
بين الردم والشوك
وقفتُ وقلتُ للعينين: يا عينين
قفا نبكِ…

وتضيف في القصيدة نفسها:

أحبائي مصابيحَ الدجى، يا إخوتي
في الجرح …
ويا سر الخميرة يا بدار القمح
يموت هنا ليعطينا  ويعطينا  ويعطينا
على طرقاتكم أمضي
وأزرع مثلكم قدمي في وطني وفي أرضي.

وفي قصيدة "نداء الأرض" تصور الشاعرة شيخاً فلسطينياً في لحظة التساؤل المرير عن المصير الذي آل إليه حاله وحال شعبه:

أتُغصب أرضي؟
أيُسلب حقي وأبقى أنا حليف التشرّد أصبحت ذلةَ عاري هنا؟
أأبقى هنا لأموت غربياً بأرض غريبة؟
أأبقى؟ ومَن قالها؟ سأعود لأرضي الحبيبة
سأنهي بنفسي هذه الرواية
فلا بد ، لا بد من عودتي
كان بعينه يرسب شيء
ثقيل كآلامه مظلم
لقد كان يرسب سبع سنين
انتظار طواها بصبر ذليل
تخدره عصبة المجرمين
وترقد تحت حلم ثقيل
أهوى على أرضه في انفعال يشم ثراها
يعانق أشجارها ويضم لآلي حصاها
.
.
.
وكانت عيون العدو اللئيم على خطوتين
رمته بنظرة حقد ونقمة
كما يرشق المتوحش سهمه
ومزق جوف السكوت المهيب صدى طلقتين.

ونختم هذه المقالة بقصيدة فدوى طوقان: الفدائي والأرض، التي تعبر عن عاطفة شاب تجاه والدته وأرضه، وعن عاطفة أمه تجاهه وتجاه الأرض:

1)
أجلس كي أكتبَ، ماذا أكتب؟
ما جدوى القول؟
يا أهلي، يا بلدي، يا شعبي
ما أحقر أن أجلس كي أكتب
في هذا اليوم
هل أحمي أهلي بالكلمة؟
هل أنقذ بلدي بالكلمة؟
كل الكلمات اليوم
ملحٌ لا يورق أو يزهر
في هذا الليل...

(2)
في بهرة الذّهول والضياع
أضاء قنديل إلهيٌّ حنايا قلبه
وشعّ في العينين وهج جمرتين
وأطبق المفكّرة
وهبّ، مازن، الفتى الشّجاع
يحمل عبء حبّه
وكلّ همّ أرضه وشعبه
وكلّ أشتات المنى المبعثرة!!
* * *
- ماضٍ أنا أماه
ماضٍ مع الرفاق
لموعدي
راضٍ عن المصير
أحمله كصخرةٍ مشدودةٍ بعنقي
فمن هنا منطلقي
وكلّ ما لديّ، كل كلّ النبض
والحب والإيثار والعبادة
أبذله لأجلها، للأرض
مهراً، فما أعزّ منك يا
أماه إلا الأرض
- يا ولدي!
يا كبدي!
- أماه موكب الفرح
لم يأت بعد
لكنّه لا بدّ أن يجيء
يحدو خطاه المجد
- يا ولدي!
يا ......
- لا تحزني إذا سقطت قبل
موعد الوصول
فدربنا طويلة شقيّة
ودون موعد الوصول ترتمي على المدى
سواحل الليل الجهنمية
نعبرها على مشاعل الدماء
لكن يجيء بعدنا الفرح
لا بدّ من مجيئه هذا الفرح
فيتساوى الأخذ والعطاء
- يا ولدي
اذهب!
وحوّطته أمه بسورتي قرآن
اذهب!
وعوّذته باسم الله والفرقان
كان مازن الفتى الأمير سيد الفرسان
كان مجدها وكبرياءها وكان
عطاءها الكبير للأوطان
* * *
في خيمة الليل
وفي رحابة العراء
قامت تصلّي
ورفعت إلى السماء وجهها
وكانت السماء
تطفح بالنجوم والألغاز
. . . . . . . .
. . . . . . . .
(يا ولدي
يا كبدي
من أجل هذا اليوم
من أجله ولدتك
من أجله أرضعتك
من أجله منحتك
دمي وكلّ النبض
وكلّ ما يمكن أن تمنحه أمومة
يا ولدي، يا غرسةً كريمة
اقتلعت من أرضها الكريمة
اذهب، فما أعزّ منك يا
بنيّ الاّ الأرض)
* * *

(3)

((طوباس)) وراء الربوات
آذانٌ تتوتّر في الكلمات
وعيون هاجر منها النوم
الريح وراء حدود الصّمت
تلهث خلف النّفس الضائع
تركض في دائرة الموت!
. . . . . . .
يا ألف هلا بالموت!
واحترق النجم الهاوي ومرق
عبر الربوات
برقاً مشتعل الصوت
زارعاً الإشعاع الحيّ على
الربوات
في أرضٍ لن يقهرها الموت!
أبداً لن يقهرها الموت.


19-آذار-2015

تعليقات الزوار

استبيان