المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

الكوميديا في سينما الدفاع المقدس الإيرانية


وئام أحمد

خلال الأيام التي كانت الحرب فيها لا تزال جارية، بين إيران والعراق، وتشغل بال المواطنين بتداعياتها، لم يكن هناك مجال لدخول الكوميديا في سينما الحرب والدفاع المقدس. لكن بعد انتهاء الحرب، لم يعد هناك ما يمنع محاولة السينمائيين إضحاك الناس من خلال أفلام الحرب. وربما يعود السبب في ذلك إلى أنهم أدركوا أن أيام الحرب لم تكن تحتوي المعاناة فحسب، بل كانت هناك لحظات تستحق الضحك. ومن هنا بدأت الكوميديا تدخل في الأفلام التي عالجت موضوع الحرب.

أول الأفلام كان "ليلي با من است" (ليلي معي) للمخرج كمال تبريزي سنة 1995 وكانت أول محاولة في هذا الاتجاه حيث عبر كل الخطوط الحمراء وفتح الباب أمام إدخال الكوميديا في الأفام الحربية.

يتناول الفيلم قصة صادق المصور في التلفزيون الذي يخاف من الجبهة كثيراً، لكنه من أجل أن يأخذ قرضاً من صندوق التلفزيون لإتمام إعمار بيته، كان عليه أن يذهب الى الجبهة لتصوير فيلم وثائقي، فيكتب وصيته وينطلق مرغماً الى الجبهة مع رجل يدعى كمالي، وكي لا يصل الى خط النار يقوم بأعمال غريبة وعجيبة.

هو فيلم قوي لمخرج أتقن صناعة هذا النوع من الأفلام وخاصة أن بطل الفيلم كان الممثل المخضرم برويز برستوي.

أما فيلم "بيك نيك در ميدان جنك" (بيك نيك في ساحة الحرب) للمخرج سيد رحيم حسني الذي أنتج سنة 2004 وعرض سنة 2007 فيتحدث عن شاب قروي ساذج يدعى سهراب، يلتحق بالمناضلين من دون ان تكون لديه الرغبة بذلك، فيفرض عليه أن يأسر خمسة وعشرين عراقياً كي يتمكن من الزواج بالفتاة التي يحب. يبدأ الفيلم عندما يكون سهراب قد أسر ثلاثة وعشرين عراقياً. لكنه يتلقى رسالة من الفتاة تخبره فيها بأنها تزوجت، فينشب خلاف بينه وبين شقيق الفتاة الذي هو من المجاهدين في الجبهة، ويدور الفيلم حول الأحداث التي يحدثها الشاب الساذج بعد فشله في حبه، فيوقع الآخرين في مشاكل، وصولاً الى حصار منطقة المجاهدين الإيرانيين من قبل الجنود العراقيين.
إنه فيلم يستخدم موضوع الحرب في قالب كوميدي ساخر، ولا يركز على نجوم السينما بل يكتفي بممثل عادي يدخل في شخصية شاب ساذج يسبب المشاكل للآخرين.



هناك نوع آخر من هذه الأفلام وقد أحدث ضجة كبيرة في هذا العالم وهو فيلم "إخراجى ها" (المطرودون) لمسعود ده نمكي سنة 2006.
يتحدث الفيلم عن شاب يدعى مجيد، ويعرف بمجيد سوزوكي، وهو من شباب الشوارع في جنوب طهران، والذي يمثل دوره الممثل الكوميدي "أكبر عبدي" . يغرم مجيد بابنة رجل مؤمن يدعى ميرزا ويشترط والدها عليه ليزوجه بابنته أن يغير سلوكه ويعود الى طريق الصواب ويبتعد عن ممارسة الرذيلة ورفاق السوء.

حتى لا ينافس أحد مجيداً على عروسه، يدعي أنه ذاهب الى الحج، وفي الحقيقة كان قد افتعل مشكلاً ودخل السجن.
بداية يكون الحال جيداً لكن عندما ينكشف أمره، وترفضه الفتاة، يفكر مجيد بشكل جدي بالذهاب الى الجبهة ليس حباً بالجهاد بل لانها الطريقة الوحيدة والسليمة التي تقنع ميرزا.

يلحق رفاق مجيد به الى الجبهة، وتبدأ معها الأحداث الطريفة والمضحكة منذ لحظة تسجيل الأسماء في المسجد وصولاً للوصول الى أرض الجبهة.

يمثل مجيد ورفاقه الأشخاص غير الملتزمين دينياً ولكنهم من أصحاب الطينة الطيبة، وهذا ما يظهر جلياً في مواقف عديدة، بينما هناك أشخاص يدعون التدين مثل مختار الحي الذي كان رافضاً لفكرة انضمام مجيد ورفاقه الى الجبهة بينما سبب ذهابه كان من أجل الادعاء، وهناك شقيق مرضية (محبوبة مجيد) الذي يدعي التدين وفي باطنه يخاف من الجبهة.

في الجزء الاول يختبر مجيد ورفاقه، ويجسدون أروع ما يراه المرء من مشاعر نبيلة ووطنية تنتهي باستشهاد مجيد مدافعاً عن الجرحى أثناء هجوم العراقيين على المستشفى الميداني.
في الجزء الثاني نتابع رفاق مجيد اثناء اقتيا



دهم الى المعسكر وهناك تكون بانتظارنا شخصيات جديدة، مثل شخصية المترجم الذي يأخذ بالوقائع دور مجيد في إمرة الأسرى، ولكن يكون هناك الأسرى الذي يتآمرون مع العراقيين طمعاً بالسجائر، وهنا تظهر لنا ملامح جديدة من حياة الأسر تتمثل بمشاهد التعذيب، ومظاهر الطرب لافساد المجاهدين وبناء صورة اعلامية مغايرة للحقيقة وبثها للعالم، ولكن تبقى عزيمة الأسرى الوطنيين هي الأكبر والأصلب أمام كل محاولات الفتنة بينهم.

في الجزء الثالث نذهب مع المطرودين الى الواقع الجديد، وكيف أن هؤلاء الذين ذهبوا للجبهة قديماً حباً بالدنيا يحاولون استغلال هذا التاريخ المزيف للترشح للانتخابات النيابية، مضللين معهم بعضاً من رفاق مجيد الذين لا يعرفون شيئاً لسذاجتهم.
لكن يقف بوجههم القادة القدماء للجبهة وتدور نقاشات سياسية وأخلاقية حامية خاصة أن بعضاً من أولاد الشهداء يضللون أيضاً وراء من ترشحوا للأنتخابات.
إن كوميديا الجبهة ليست للضحك ولكن لإدخال السرور الى قلب المجاهدين بنكهة خاصة. والسينما الإيرانية قد نجحت في خلق هذا النوع من الكوميديا البعيد عن الابتذال والضعف، كما نجحت في مجالات إنسانية أخرى.

وتبقى السينما الإيرانية بتجربتها رائدة في السينما العالمية خاصة أنها تعبر عن قيمنا ومبادئنا الإسلامية وتقودنا الى ساحة محصنة ونظيفة من الأفكار المضللة الغربية.

28-آذار-2015

تعليقات الزوار

استبيان