المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

نكون كما يجب لنا أن نكون

عبد الرحمن جاسم
 

"لا شيء يعجبني" قالها الشاعر الفلسطيني محمود درويش ذات يوم، لكننا اليوم نختلف معه وعنه. هناك ما يعجبنا، نحن من نسمّي أنفسنا عتاد المقاومة وأهلها، نحن لدينا من يعجبنا، لدينا ما يعجبنا. نحن الذين اخترنا أن نمشي هذا الدرب وحدنا، إلى آخره وآخرنا، وجدنا في آخر هذا المطاف ضالتنا: أنت يا سيدنا. إنا نمشي هذا الدرب ونعرف أننا معك لمنتصرون.

قد سمعنا خطابك قبل أيامٍ وتأملنا غضبك الذي يشبه غضبنا. تأملنا يا سيدنا فيما تقوله، وما تحكيه. يا سماحة السيّد، لقد شاهدنا البارحة غضبتك وانفعالك، وكنا ننتظر ذلك ونفهمه. كلامك كان واقعياً ومنتظراً بالنسبة لنا، فنحن نقوله في القلوب منذ سنين. نحن أكثر من يعرف ذلك الأمير المترف الذي لا يرانا إلا مجرد أرقام على سطح لعبته الورقية. نحن أولئك الذين يعتبرهم ذلك الملك الشره مجرد أحجار على رقعة "شطرنجه" يلعب بنا كما يشاء، ويرمينا كما يشاء. يقتل أحبتنا وأفراحنا، ويسبب آلامنا وأحزاننا. نحن يا سيدنا، نعرف هذا "القاتل" أكثر من غيرنا، لأننا يومياً نعاقر آثامه، نحن يومياً نحس أذاه والذل الذي يخلّفه وراءه.

يا سيدنا لقد قلت البارحة ما كنا نريد قوله منذ سنواتٍ طوال. كانت سنواتٍ عجافاً، سنواتٍ بات الحق فيها معلقاً على صليبٍ محترق. فالملك يا سيدنا خطٌ أحمر، وكيف لا يكون وهو الممول وصاحب المال الذي يغرف منه أصحاب الأبواق؟ كيف لا يكون الملك هذا "ملكاً" إن لم يكن حوله حملة الطبول والأعلام والمشاعل؟ يا سيدنا لم يكن أحدٌ يرفع الصوت بوجه الملك ويبقى حياً. كنا وحدنا في تلك الساح، حتى أتيت، يا سيدنا.

نحن يا سيدنا وقفنا نتفرج وننتظر، جلسنا كثيراً ننتظر، حتى ملَّ الانتظار منا. يا سيدنا، كان الوقت طويلاً حتى أتيت، لست أقول إننا لم نكن نفعل شيئاً بل كنا. كنا نقاوم، وننتظر، كنا نحارب وننتظر. كانت أظفارنا تنشب في التراب. كانت سكين القاتل تغوص في ملامحنا كل يوم، كانت وحوش الملوك والأمراء تغرس أنيابها يوماً بعد يومٍ في أحلام أطفالنا، لكننا لم نكن لنسكت: كنا نقاوم وننتظر. كثيرون يا سيدنا يرون أننا قصّرنا، كثيرون يعتقدون بأننا نسينا الدرب. يا سيدنا ليست الدرب درباً إن لم نكن معاً فيها. هو انتظار أن يأتي أحبتك بشيء مختلفٍ ويقولون قولاً جميلاً، لكنك كنت أكثر أحبتنا صوتاً وضربت بيدك أصنامهم. يا سيدنا حطمت أصناماً تقام حول الكعبة من جديد، فأنت تعرف أن "خادم الحرمين الشريفين" ليس بخادم إلا لنفسه، وأن الملك والأمراء حوله ليسوا أكثر من "سدنة" للنار، فكيف يكون للإيمان والأخلاق منهم مكان؟ يا سيدنا كنا ننتظرك وجئت، فهلا أضأت الدرب طويلاً؟

 يا سيدنا، جلسنا البارحة نصغي لغضبك. كنا نعرف أن الصوت قد ضل الطريق طويلاً، وأن الحزن الذي فينا بات أكثر من محتمل، كنا نعرف أن شوقنا للصواب يذوب شيئاً فشيئاً. ما نفع الضوء لعيون لا تراه؟ أخبرنا. كنا لا نرى أبعد في عتمةٍ تلف كل ما حولنا. كنا ننتظر وأتيت. سيقول البعض إننا نعطيك حجماً ليس لك، ومكاناً لست تحوزه، ذاك خيارهم، هل إن غطيت الشمس تختفي؟ هل إن وضعت يديك على عينيك أخفيتها؟؟ الشمس تبقى الشمس، والتراب يبقى التراب.

يا سيدنا، سيغارون منك، وسيكرهونك، وسيكرهوننا أكثر منك، فهم يغارون منا على ما نحنُ فيه. فأن يكون لديك "قائد" يعني أن تعرف الطريق الصراط المستقيم الحق، ذاك الطريق الذي لن تضل فيه أبداً. يا سيدنا، شكراً على البارحة، شكراً من كل من رأى فيك عبدالناصر، وغيفارا، وعبد القادر الحسيني، والقسام، ومانديلا. شكراً على كل شيء.

ملاحظة مهمة: يا سيدنا لا تهتم إن شتمك كثيرون، وهم سيفعلون ذلك على فكرة، وسيتلونون وستدفع لهم الأموال الكثيرة، وسيرشح لهم الزيت، لكن لا تهتم، فنحن نعرفك ونعرف طينتك وقيمتك، وأنت تعرفها كذلك. فكل ما سيكون، سيكون، وكل ما هو كائنٌ كائن. فطوبى للغرباء، أولئك يعرفون الطريق جيداً.

                                                                                   التوقيع: أبناؤك المحبون
31-آذار-2015

تعليقات الزوار

استبيان