المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

سينما المقاومة في مصر .. بين الماضي والحاضر

وئام أحمد



لم تعرف السينما المصرية ما اصطلح على تسميته بسينما المقاومة، لأن المراحل التي مرت بها السينما في مصر كانت متأثرة بالحالة الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها هذه الدولة العربية الكبيرة، ولكنها عرفت ما سمي بـ"السينما السياسية"
وإذا حاولنا تعريف هذا النوع من السينما فهو الذي يتناول موضوعات سياسية دون أن يحللها تحليلاً سياسياً، فقد قدمت هذه السينما ميلودراما مضطربة هي (أسياد عبيد) إخراج علي رضا ودراما جيدة هي (وراء الشمس) إخراج محمد راضي. كلا الفيلمين عن المخابرات في مصر بعد هزيمة يونيو 1967.
أهم ما تمتاز به هذه الأفلام أنها عن الإرهاب والتعذيب الجسدي على نحو جعل الجمهور يصفق بحماس في جميع حفلات عرض (وراء الشمس)، وهي ظاهرة تحدث نادراً مع جمهور السينما في مصر.


من السينما السياسية أيضاً عرض فيلم (العمر لحظة) إخراج محمد راضي أيضاً عن حرب تشرين 1973، ولكن الفيلم المأخوذ عن رواية يوسف السباعي يعتبر نموذجاً للأفلام التي تتناول موضوعاً سياسياً دون أدنى قدر من التحليل السياسي، إذ لا نعرف لماذا كانت حرب تشرين ولا كيف، ولا نرى غير قصة حب يمكن أن تحدث في أي وقت.
مع الاحتفال بذكرى حرب تشرين بدأ عرض فيلمين عن حرب الجاسوسية بين مصر و"إسرائيل"، هما (أريد حباً حناناً) إخراج نجدي حافظ، وهو ميلودراما تقترب من الواقعية في عدة مشاهد، و(الصعود الى الهاوية) إخراج كمال الشيخ الذي تحول الى حدث كبير في تاريخ السينما المصرية. والفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية سبق أن نشرت على حلقات في مجلة (آخر ساعة) وتدور حول فتاة مصرية استطاعت المخابرات الصهيونية أن تجندها عن طريق إقناعها بأن كشف الأسرار العسكرية وسيلة لتحقيق السلام بين مصر والكيان الصهيوني، وقد قامت مديحة كامل بتمثيل دور الفتاة، وأدى نجاحها ونجاح الفيلم الباهر الى صعودها الى نجوم الصف الأول في السينما المصرية.

لو حاولنا البحث كثيراً في أرشيف السينما المصرية عن الأفلام التي لها علاقة بمفهوم المقاومة، لوجدنا أن هذه السينما على اختلاف المراحل التي مر بها تطور الأفلام المصرية بين هابط ومحترف، قد عالجت مفهوم المقاومة من عدة أبعاد، فنجد مثلاً أنها تحدثت عن المقاومة الاجتماعية والصراع الموجود بين طبقتين مختلفتين وهما الإقطاع والفلاحين حيث كانت هاتان الفئتان موجودتين خلال فترة حكم الخديوي وغيره، أما النوع الآخر فهو المقاومة العسكرية الوطنية وذلك خلال فترة الصراع المصري الصهيوني. وقد كان فيلم "  الرصاصة لا تزال في جيبي" حيث كان من بطولة الممثل القدير محمود ياسين من أبرزها كما الطريق الى إيلات وهو من بطولة عزت العلايلي الذي تحدث عن عملية خاصة للجيش المصري في مرفأ صهيوني.  كما هناك نوع آخر تحدث عن  الصراع العائلي حيث يكون الأخ مقاوماً والآخر جندياً في جيش الكيان الصهيوني. هذا النوع من الصراع قد عرفه لبنان خلال فترة ما قبل التحرير مع وجود جيش العملاء التابعين للحد.
نوع آخر من المقاومة كان المقاومة الأمنية. وقد زخرت السينما المصرية بهذا النوع من الأفلام لأن تلك الفترة من الصراع قد شهدت تجاذباً كبيراً في صراع الأدمغة. ويعتبر مسلسل رأفت الهجان أبرزها حيث سلط الضوء على حياة مقاوم زرع في قلب الكيان الصهيوني كعميل مزدوج لسنوات عدة استطاع خلالها تقديم خدمات كبيرة لوطنه في صراعه مع الكيان الغاصب. كما كان هناك عدة أفلام مأخوذة من ملفات المخابرات المصرية وكانت من بطولة الممثلة ناديا الجندي التي عرفت كثيراً في وقتها كرمز للمرأة المصرية التي تكون مستعدة للتضحية في سبيل وطنها، ومن هذه الأفلام مهمة في تل أبيب، 48 ساعة في "إسرائيل"،  وغيرها من الأفلام.


ربما لم تشهد السينما المصرية أفلاماً عن المقاومة الشعبية العسكرية كما في الدول الأخرى كلبنان والجزائر وسوريا لأن الوضع في مصر كان مختلفاً كثيراً مع أنه كان هناك نوع من المقاومة السياسية ولكنها برزت في الأفلام  من خلال تناول حياة رموز معينة مثل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي قاد حرب التغيير في مصر، ولأن الدولة في ذلك الوقت كانت هي التي تمول هذه الأفلام وتتحكم في مضمونها.
يبقى أن نقول إن السينما في مصر كانت في مراحل كثيرة تحت سيطرة الدولة من جهة وهيمنة المنتجين الذي توجهوا نحو الأفلام التجارية التي تستطيع أن تحقق إيرادات عالية وأغلبها كان من النوع الكوميدي والرومنسي دون غيره. كما كان المخرجون يقدمون الأفلام التي لا تقترب من انتقاد الدولة وسياسياتها.

15-نيسان-2015

تعليقات الزوار

استبيان