المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

رعب "الجليل" يستنزف "إسرائيل"


رفيق زهور



لطالما تغنى المنظرون  الإسرائيليون بنظريتهم الأمنية المرتكزة على مبدأ "الحدود الآمنة التي يمكن الدفاع عنها".  ولطالما اعتمد هؤلاء مبدأ "نقل المعركة الى أرض العدو" ركيزة أساسية في العقيدة الإستراتيجية التي صاغوها لكيانهم المصطنع، حيث لاقت هذه المبادئ والعقائد نجاحات ملموسة في مواجهة الجيوش العربية منذ حرب الاستقلال عام 1984 وصولاً إلى الاندحار الإسرائيلي عام 2000.

  أما اليوم، فيعلم الإسرائيليون علم اليقين أن هذا الكلام الذي كان صالحاً في مواجهة العرب ودولهم وجيوشهم الكلاسيكية، بات لا يساوي ثمن الورق الذي كتب عليه، والسبب أن في لبنان قوة ذكية متعلمة مدربة تستخلص العبر وقادرة على تنفيذ تهديد قائدها  بالـ"السيطرة على الجليل"، في منعطف استراتيجي هام في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي.

ترى "إسرائيل"  أن هذا التهديد قائم  وجدّي إلى أبعد الحدود، وهي بحسب تقديراتها تدرك أن حزب الله قادر على تنفيذ تهديده، لا بل هي تتوقعه على لسان ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي لم يكشف عن اسمه  والذي أسرّ لصحيفة جيروزاليم بوست أنه "في حال اندلاع حرب مستقبلية مع حزب الله فإنه من المتوقع أن يدخل الحزب إلى "الأراضي الإسرائيلية"، في مناطق الجليل، بقوة ويسيطر على جزء منه".

هلع اسرائيلي من دخول المقاومة الى الجليل


لذا، تعكف" إسرائيل" ومؤسستها الأمنية  العسكرية على إيجاد الحلول الآيلة إلى التقليل من الخسائر التي ستنجم عن  تطبيق هذا السيناريو،  ووصلت في بعضها إلى حد  التفكير بإخلاء المستوطنات الشمالية في أي حرب مقبلة قد تندلع مع حزب الله، وجعل هذه المنطقة منطقة عسكرية وميداناً للدفاع عن باقي المناطق، مع ما يحمله ذلك من دمار وخسائر تصيب في العادة الأراضي التي تكون مسرحاً للأعمال القتالية، وهو بالتحديد ما كانت تتجنبه" إسرائيل" في الماضي، عبر سعيها الدائم إلى نقل المعركة إلى ارض العدو لتحميله فاتورة الحرب والحفاظ على سلامة أراضيها.

كما بدأت قيادة الجيش الإسرائيلي العمل في الأشهر الماضية على تغيير معالم المنطقة الحدودية، عبر توظيف جهد هندسي جبار لجعل المنطقة مناسبة لأعمال الدفاع في عملية "تحويل الأرض إلى تفوق استراتيجي"، على حد تعبير متحدث باسم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. وعلى سبيل المثال ومنذ أكثر من شهر يعمل سلاح الهندسية الإسرائيلي على تغيير معالم المنطقة قبالة مستوطنة "شلومي"، وكان من الممكن  مشاهدة ما بين ست الى ثماني جرافات تعمل على صنع جرف شديد الانحدار قبالة المستعمرة يرى الإسرائيليون أنه "سيجعل التسلل إلى تخوم المستعمرة عملية لوجستية صعبة".

ويرى الجيش الإسرائيلي أن أي عائق أرضي أو اصطناعي سيكون مجدياً. وهو يدّعي  أن طبيعة الأرض على طول الخط الأزرق ستمكنه من تسخير الطبوغرافيا وتحويلها إلى أداة دفاعية. إلا ان هذا الأمر يكلف أموالاً طائلة، ويحتاج ميزانيات هائلة سوف تدفع الحكومة إلى إقرار اقتطاعات مهمة من ميزانيات التسلح والتطوير خاصة في ظل التقليصات التي تعاني منها الموازنة "الدفاعية"، ما ينذر باستنزاف اقتصادي كبير لـ"إسرائيل".

الجليل مصدر رعب العدو


وان كانت "إسرائيل" على الصعيد حكومي تسعى الى عكس صورة  توحي بشيء من الثقة، فإن مستوطني تلك المنطقة هم في الضفة المقابلة وفي الجانب الآخر المغاير تماماً. هؤلاء يعتبرون أنفسهم هم المهددون في أمنهم وسلامتهم أكثر من أعضاء الحكومة الذين يسكنون القدس وتل أبيب وغوش دان، فحياتهم تحولت رعباً منذ سنوات حين أطلق السيد نصر الله تهديده، فهذا  يسمع أصوات أفراد حزب الله تحت منزله والآخر يرى أشباحهم تمر من أمام نافذته ليلاً، وهم يبدون مستوى متدنياً من الثقة بإجراءات الحماية، وبعضهم  قام بحجز تذاكر الهجرة العكسية إلى أوروبا وأميركا.

إذن، تمكنت المقاومة من دخول الجليل وإن لم تندلع الحرب بعد، وسيطرت على عقول ومعنويات  الإسرائيليين على كافة المستويات حكومةً ومستوطنين قبل أن تحتل مستوطناته، وها هي معركة الجليل تستنزفهم مادياً ومعنوياً قبل أن تبدأ.

 هلع وفوضى واتهامات متبادلة بالتقصير، وشعور بفقدان الأمن والأمان وتفكير بالرحيل عن الأرض التي ومنذ عام 1948 كانت تعتبر حدود "إسرائيل" الآمنة. هم معذورون فهم يدركون أن في لبنان مقاومة من نوع آخر لا تجدي معها نظرية أمنية ولا عقيدة إستراتيجية، إنما مقاومة جدية واثقة، وقائد صادق وشعب أبيّ معطاء، هم أشرف الناس.


20-نيسان-2015

تعليقات الزوار

استبيان