المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

في تفاصيل الحكاية

عبد الرحمن جاسم



تقول الحكاية إنَّ كثيراً من المقاومين الأوائل تركوا كل شيءٍ خلفهم وذهبوا تلبيةً للنداء. يحكى حتى أنَّ بعضهم لم يستطع أن يودّع أطفاله قبل رحيله للقاء خالقه. هل كانوا مخطئين يومها؟ هل كانوا يريدون شيئاً لا نستطيع اليوم الإتيان به نحن؟ يبدو أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي والجلوس خلف "أجهزة الحاسوب" والهواتف الذكية جعلت الناس أكثر "خيالاً" وأقل "أفعالاً". يبدو أنّ حماسة كثيرين لم تعد تتعدى أبداً "التعليق" أو "اللايك" على موقفٍ وطني أو مصيري.

في أصل الحكاية أنَّ المقاومين الأوائل كانوا يعرفون حرفياً ماذا ينتظرهم. كانوا لا يضيعون وقتهم بكثيرٍ من كلامٍ، بكثيرٍ من "مهاترات" وأحاديث جانبية ونقاشات. كانوا يعرفون عدوهم تماماً، كانوا يرونه بوضوحٍ بالغ. اليوم، لا يبدو أن كثيراً من الناس بات يميّز ما عليه أن يقوم به، فتارةً يخلق لنفسه عدواً وهمياً ويبدأ بالتصارع معه كما لو أنه عدوه الحقيقي. مثالاً: يعادي البعض السعودي لاعتقادهم بأن الأمر "طائفي" ويصرون على الأمر ويتفاعلون معه على هذا الأساس والطريقة. لكن الحقيقة أن المشكلة لم ولن تكون طائفيةً البتة. المشكلة فيما يقوم به القتلة من آل سعود. المشكلة حرفياً في كل الشرور التي يقومون بها باسم الدين. ليست المشكلة طائفيةً، لكن البعض تتسلى بهم وسائل الإعلام و"الأدوات" الغربية والعربية حينما يحوّلون المعركة من معركة "خيارٍ مقاوم" إلى معركة "طوائفٍ ونحل". نحن –كما المقاومين الأوائل- نعرف بأن هذا الخط لطالما صارع خطاً مواجهاً موازياً، فخط المقاومة مستمرٌّ من عصر الإمام الحسين(ع) وصولاً حتى يومنا هذا، عصر "الأمير المتجبر الظالم" والمقاوم الحر الأبي الذي يرفض الظلم له ولأمته بأكملها. هكذا هي القضية، هكذا هو الأمر بكل مباشرته ومكانه الطبيعي.

التحرير في العام 2000 هزيمة العدو الأولى


إن المقاومة أساساً، وكما هو واضحٌ للغاية، اختيارٌ فعلي وعقلي للدفاع عن المظلومين. وكما قال الإمام الخميني يوماً: "إننا قمنا للدفاع عن المستضعفين، إن ذلك غايتنا أولاً وأساساً". إن الدفاع عن المستضعفين كان ولا يزال الفكرة الأولية للمقاومة، فأنت حينما تقف بوجه حاكمٍ ظالمٍ جائر، تعرف بينك وبين نفسك أنه لا بد وأن العقاب سيكون "وخيماً صعباً وقاسياً". قاوم المقاومون الأوائل الصهاينة. كانوا يعرفون بدقةٍ أن الكيان العبري "متوحش" وأنه سيقتلهم، وسيمثّل بجثثهم، وسينكل بهم وبأحبتهم، ومع هذا رفعوا الصوت عالياً. لم يهابوا ماذا سيحل بهم، لم يخافوا ما سيكون أو حتى من ظلمة زنازين ذلك المحتل. فهل كانوا على خطأ؟ اليوم نعلم تماماً بأن خيارهم كان الصواب، بأن خيارهم لم يكن مجرد خيارٍ. اليوم نحن نعرف بيقين أن خيارهم كان الحقيقة الأولى والأساسية.

كان ذلك المقاوم قائداً، أخاً، صديقاً، و"عماداً"


 وتقول الحكاية إن أحد المقاومين خرج من منزله لا يملك أكثر من 10 ليرات في جيبه. كان حتى لا يملك "سلاحاً" ليقاوم المحتل الصهيوني لأرضه. كان ذلك الشاب المقاوم، يحمل "عقله" المقاوم، وروحه "المستعدة لصناعة الانتصار"، ويده التي ستقبض على الزناد ولن تتركها حتى لحظاتها الأخيرة. خرج ذلك المقاوم وهو يعلم أنه وثلة مقاومين قليلة سيهزمون جيش العدو الذي قيل كثيراً إنه "لا يهزم". خرج ورفع الصوت عالياً، وأصر على أنَّ المقاومة فعلٌ يقوم به من يستطيع، وبقوة الإيمان بدايةً قبل أي شيء. كان هذا المقاوم الفذ يعرف تماماً بأن هذا الطريق الذي يسير عليه لا بد وأن يأتي يومٌ وسيطرقه مئاتٌ بل آلافٌ غيره، حتى ولو كان "مقفراً" في ذلك اليوم البارد. خرج ذاك البطل من رحم تلك الأرض وعرف تماماً بأن ذلك الطريق سيكون فاتحة عصرٍ بأكمله، عصرٍ لن تكون المقاومة إلا أوله. كان ذلك المقاوم حتى يوم شهادته قائداً، أخاً، صديقاً، وفوق كل ذلك "عماداً".


29-نيسان-2015

تعليقات الزوار

استبيان