المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

لماذا يخشى الصهيوني التدخّل في سوريا؟


عبد الرحمن جاسم


هل تدخّل الصهيوني فعلاً في سوريا؟ يعرف الجميع أن الجيش الصهيوني لا يزال حتى اللحظة لم يعترف "علانية" بتدخله في الأزمة السورية إلا عبر "طيرانه"، أي أنه فعلياً لم يقم حتى اللحظة إلا بطلعاتٍ تسمى عسكرياً "ضربات جراحية" (surgical strikes). على الجانب الآخر هو "ساعد"، "موّن" و"درب" بعض الفرق المتحاربة هناك من قبيل جبهة النصرة وأترابها، لكنه حتى اللحظة لم يخطُ خطوةً واحدة داخل الأراضي السورية (بشكلٍ علني على الأقل) معلناً أنه جزءٌ أو طرفٌ مباشر في الأزمة السورية.
ما الذي يخشاه الصهيوني من هذا التدخّل المباشر إلى حدٍ كبير؟ هل تغيّرت عقيدة الجيش الصهيوني القائمة على مبدأ: "حرب الآخرين على أرضهم"؟ أم أن هناك أموراً أخرى مختلفة تدور في الأفق؟

حزب الله "البعبع"
لا ينكر أحدٌ أن لحزب الله وانتصاراته المتعاقبة على الكيان العبري دوراً كبيراً في خلق نوعٍ من "الخوف" ولو كان "خبيئاً" لدى ألوية الجيش الصهيوني (بما فيها النخبة)، لكن هذا لم ولن يمنعه في لحظةٍ ما أن يتدخل وبكل قوته لحل "معركة" يعتقد أنها مصيرية بالنسبة له بحسب ما قاله أفيف كوخافي قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي: " علينا ان نعد قوانا ليوم الأمر، سواء في جبهة لبنان ام في الجبهة الشرقية" ضمن ما أشار إليه مقال لغي بخور في صحيفة يديعوت أحرنوت. ويتعمّق المقال في الإشارة إلى الفكرة في حد ذاتها، أن الصهاينة يعانون مشكلةً كبيرة مع "حزب الله". يميل الصهاينة إلى الحل الأمثل بالنسبة لهم: خلق "حلفاء" من نوعٍ معين يخوضون المعركة مع "خصمهم" الأقوى (حزب الله) وهم يؤدون دور "لاعب الشطرنج"، لا يخسر شيئاً ولكنه يحقق الفوز كاملاً. هذا المنطق هو نفس ما أشار إليه يوسي ميلمان في مقاله في جريدة معاريف حينما أشار إلى أنَّ الجيش العبري يواجه مشكلةً مستعصية في حلفاءٍ محتملين (كالنصرة وما شابه) قد يتحولون في لحظةٍ ما إلى أعداء، لأنه لا يمكن الركون إليهم البتة، لا من الناحية العسكرية (فهم قد يفرون من المعارك دون أي قتال وقد حدث ذلك مراراً) ولا من الناحية العقائدية، فهم أثبتوا مراراً أنهم قد ينقلبون على أصدقائهم في طرفة عين. في نفس الإطار وفي الفكرة عينها، يشير ميلمان إلى أنَّ حلفاء حزب الله مخلصون له، بينما من يمكن أن يكونوا حلفاءاً لنا هم ليسوا أكثر من "تابعين"، "لربما نحن نريدهم دائماً هكذا" في إشارة إلى تجربة جيش لبنان الجنوبي أو ما عرف محلياً باسم جيش لحد في لبنان.

يفضّل الجيش الصهيوني التعاون مع "حلفاء" ضعاف يمكن السيطرة عليهم وضغطهم، كما يفضل بالتأكيد التعاون مع "أقليات"، فيشير غي بخور (في صحيفة يديعوت أحرنوت) إلى أنَّ "مناحيم بيغن رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق وجد في المسيحيين ضالته المنشودة في لحظةٍ ما" لكن ذلك لم يفده كثيراً. يتم الآن البحث عن "حليفٍ" مناسب كي تقوم دولة الاحتلال باعتباره الحليف الأقرب لتحويله إلى تجربة مشابهة لجيش لحد.

   
نتنياهو في زيارة لجرحى من النصرة

لا للتدخل المباشر
لا يرغب الصهاينة أبداً في التدخل المباشر في الداخل السوري، فالتدخل في الشأن اللبناني لم يورث الكيان العبري إلا الهزائم والمهانة، وفي دولةٍ تعتبر جيشها "مقياسها الاقتصادي" يكتسب الجيش أهمية كبرى بعيداً عن مجرد كونه أداة قتال (للعلم فقط يدخل الجيش الصهيوني سنوياً عبر تدريبه لجنود من جيوش مختلفة، وبيعه لأسلحة وإعارة خبراته لدول أكثر من 30 بالمئة من قوة الاقتصاد الاسرائيلي). طوّر الصهاينة فكرة "الجيش" لتتحول إلى فكرة منتجة للمال، لذلك فإن "خسارتهم" لهذه القوة المالية المنتجة هي خسارة على كل الأصعدة، وعليه فإنهم يرون تدخلهم في سوريا غير قابلٍ للحدوث إلا إذا "حشروا" في زاوية لا فكاك منها.

 ولا يبدو أن هذا الأمر قريب الحدوث ذلك أن هناك أملاً كبيراً في إيجاد "حلفاء" محتملين من بين "العصابات المسلحة" العابثة بالأمن السوري. تأتي جبهة النصرة في طليعة هذه التنظيمات المحتملة، فهي لا تجد مشكلة "عقائدياً" في التحالف مع الجيش الإسرائيلي (مع أنها تكفّر الجميع وحتى مثيلاتها من التنظيمات السلفية التكفيرية مثل داعش وسواها). لكن الصهاينة يطمعون لتحالفٍ أعمق من مجرد "علاج للجرحى" و"اعطائهم بعض الأسلحة الخفيفة". يحلم الصهاينة بحزامٍ آمن، يستطيعون من خلاله الجلوس مرتاحين في تل أبيب. الصورة لا تزال بالتأكيد ضبابية، ذلك أن من يراهن على جبهة النصرة كمن يحاول أن يملأ قربته ماءاً باستعمال غربال.
16-حزيران-2015

تعليقات الزوار

استبيان