المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

هكذا رأى الإمام الخميني يوم القدس

عبد الرحمن جاسم

في العام 1979، انتصرت فكرة "المقاومة". هكذا هو الأمر بكل بساطته ومباشرته: إمامٌ قادمٌ من منفاه كي يقود ثورته لطرد شاه عميل لأنظمة الاستكبار العالمية. كان مجرد الكلام في الأمر "حلماً"، كان أكثر الحالمين لا يجرؤون حتى على رفع الصوت والتفكير عالياً في أنَّ الإمام سيستطيع الانتصار على واحدٍ من أقوى الأنظمة وأشدها قسوةً وخسة. كان الانتصار يومها بدايةً لمرحلةٍ جديدة من "المقاومة"، كان أبرز مفاعيلها هو يوم الوحدة الإسلامية: يوم القدس العالمي. نطق الإمام في خطاب انتصار الثورة بكلمة السر التي يعرفها اليوم جميع المقاومين في أنحاء المعمورة: القدس ستظل لأصحابها، ونحنُ أصحابها. كان الإمام يعني جميع المسلمين هذه المرة. هنا أتى تعبير "الكل" ليعني الكل كلاً كاملاً متكاملاً.

بعد سنين عدة سيسأل كثيرون حينما كانوا يشاهدون استعراض يوم القدس العالمي على شاشات التلفزة حينما كان حزب الله (والمقاومة الإسلامية عموماً) يقدم استعراضاً مذهلاً في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، ما هو السبب لكل هذا؟ لماذا يتم القيام بهذا الاستعراض؟ لمن هذه الرسائل أساساً؟ كانت هذه الأسئلة مشروعةً ولا تزال، فالاستعراض كان نوعاً من الإظهار المباشر أن كلام الإمام الخميني لا يزال واضحاً ظاهراً ومؤثراً على كل الأصعدة. كان اختيار الإمام يوم القدس العالمي لإظهار الوحدة بين المسلمين بجميع أطيافهم يحمل معانيَ كثيرة، فهو اختاره أساساً في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان نظراً للمكانة الكبرى التي يحتلها الشهر الفضيل في قلوب وعقول المسلمين في جميع أنحاء المعمورة. يضاف إلى هذا ما لقيمة "القدس" المركزية بين عموم المسلمين (على كافة انتماءاتهم)، فالقدس هي أولى القبلتين ولا تزال حتى اللحظة مصدر "ألمٍ" لجميع من يحبونها ويعتبرونها جزءاً من حياتهم الدينية جراء احتلالها من العدو الصهيوني، وبقائها تحت نير ظلمه.


يأتي يوم القدس صورةً استشرافية مشرقة للفكر الذي حمله الإمام الخميني في تصوره عما سيأتي. كان الإمام يدرك بوضوح أن قساوة الصراع مع الغرب ستصل إلى مكانٍ ستكون الحاجة في أشدها ليومٍ "تجميعي"/"تقريبي" بين المذاهب جميعها. ففكرة الصراع بين المذاهب (لا بين الأديان فحسب) لطالما كانت حبيسة الأدراج، وفكرة المذابح الدينية التي كانت تجتاح العالم (إبان ستينيات وحتى تسعينيات القرن الماضي) كانت ستتحول إلى صراع "طوائف" إسلامية بتدبيرٍ من الاستعمار العالمي الذي يلوّن نفسه ويغير شكله كلما يحتاج كي يصل إلى هدفه المنشود: احتلال اقتصادي قبل أي احتلالٍ عسكري. كانت رؤية الإمام واضحةً للغاية: علينا دائماً أن نجد أرضاً نتفق عليها، كي نقف عليها لنتحاور في أي لحظةٍ شعرنا فيها بأننا ننسى قيمنا ورؤيتنا المشتركة، فالجميع يعرف ما للقدس من قيمةٍ، لذلك فإن البوصلة لطالما أشارت (وستظل تشير) إلى القدس بصفتها المكان الأولى بالجهاد من أي مكانٍ آخر، بالتالي فإن أي بوصلةٍ تحيد عن القدس هي بوصلةٌ مشبوهة. من هنا يكون الأمر أكثر من واضحٍ حينما تجد حركاتٍ سياسية/دينية/طائفية/ثقافية تعتبر القدس آخر اهتماماتها (هل يمكن لأحدٌ الإجابة عن سؤال: لماذا لا توجد للقاعدة –مثلاً- أي خلايا نائمة في القدس مثلاً؟ مع العلم أن للتنظيم خلايا نائمة في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن هذا لماذا لم تقم القاعدة بأي عملية عسكرية في فلسطين أو ضد العدو الصهيوني خلال سني وجودها وفعاليتها؟ نفس الأسئلة يمكن تطبيقها على داعش وجبهة النصرة وسواهما من التنظيمات التي تدعي الإسلام، وتختل بوصلتها عن القدس).

من هنا كان يوم القدس "مصيرياً" وأساسياً لمن يدرك أهمية الصراع ويحدد توجهه ووجهته، فالقدس ستظل أبداً بوصلةً للشرفاء وللمقاومين، فصاحب الدين الذي يقبض على دينه كالقابض على جمرة، يعرف تماماً بأنه في اللحظة المناسبة سيطأ بقدميه المدينة المقدسة، وسيصلي هناك، وقتها ستكون المدينة حرةً غير مدنسةٍ بالإحتلال الصهيوني. هكذا رأى الإمام، وهكذا سيكون!
09-تموز-2015

تعليقات الزوار

استبيان