المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

صهيونية تعترف: ليت علم الكيان يشدني كما "العلم الإيراني"

عبد الرحمن جاسم



يظهر أن ترددات الاتفاق النووي لا تزال ترخي بظلالها على الحياة في المجتمع العبري وبقوة، لذلك لم تكن مقالة الكاتبة أورلي نوي (صهيونية من أصلٍ إيراني) مفاجئة. جاءت المقالة التي تقارن بين الانتماء للكيان العبري والجمهورية الإسلامية الإيرانية مختارةً وبشكلٍ مفاجئ جنسية الجمهورية الإيرانية على جنسية العدو لتحكي وبشكلٍ "فاضح" كيف يشعر كثيرون من أصول وأعراقٍ مختلفة تجاه الكيان العبري حتى ولو كانوا يعيشون فيه. يأتي اختيار الكاتبة المفاجئ للجنسية الإيرانية على حساب العبرية كونها تعيش في الكيان العبري، وتحمل جنسيته وفوق كل هذا فإنّها من المفروض تكتب في صحافته وتشتهر هناك لأجل ذلك.

كانت مقالة أورلي نوي التي كتبتها على موقع "سيحاه مكوميت" (والذي يعني بالعربية مكالمة محلية) قد أحدثت ضجةً كبيرة في هذا المجتمع فور ظهورها حيث تتناول الكاتبة احتفالات الشعب الإيراني بمناسبة الاتفاق النووي وكيف تصف هذه الاحتفالات بالعملاقة والسعيدة والمتفائلة للغاية. تشرح نوي كيف أنَّ الجماهير تدفقت إلى الشوارع معبرةً عن ذلك الإنجاز الكبير وفرحها العارم به، حتى أن المعارضين نزلوا كما المؤيدين إلى الشوارع معتبرين إنجاز "الدولة" إنجازهم. وتضيف الكاتبة أنه حتى "الشتات" الإيراني المعارض للنظام احتفل بالإنجاز وحتى أولئك الذين يكنون أكبر العداء للنظام الحالي.
تستغرق الكاتبة في شرح طبيعة الفرح ولماذا جمع كل أطياف المجتمع الإيراني لأنه "بابٌ للأمل فتح أمام ذلك الشعب، وفقد فرحوا بذلك، وفرحت أنا معهم كذلك". هكذا تؤكد نوي بالحرف الواحد. تعود نوي لتفاجئ قراءها الذين هم على ما يبدو كثرٌ في الكيان الغاصب: "إن الجنسية الإيرانية جنسيةٌ لا يمكن التنازل عنها..". وأكثر من هذا تؤكد أنَّ "ألوان العلم الإيراني" مثلاً تجعلها فخورة وتثير انفعالاً حقيقياً بداخلها، في حين أنَّ رموز الدولة العبرية تجعلها غير مرتاحة. هنا تعيد الكاتبة تذكير القراء بأنها كإيرانية هي فخورة، أما كصهيونية مقيمة في كيانٍ محتل فهي غير فخورة بذلك، لكن مع حفاظها على ماء وجهها بأنها "تلتزم التزاماً عميقاً" تجاه المجتمع العبري.
وقبل الولوج في "لماذا" كل هذا التقدير لإيران، تضيء الكاتبة على فكرة أن "في إيران ثمة هوية وطنية صلبة مختلفة ومستقلة"، بينما في "إسرائيل" فـ"الكيان نشأ وتشكّل على هيئة الصهيونية وبقوتها، لذلك يصعب تطوير هوية "وطنية" للكيان الغاصب". من هنا وبحسب الكاتبة يصبح صعباً على أي "قادمٍ" من خارج الإطار المحدد للصهيونية بصفاتها المحدودة أن يشعر بأنه "مواطنٌ" فعلي في ذلك الكيان الهجين.  تعود الكاتبة لطرق فكرة أنَّ المواطن في الكيان العبري ولو كان مختلفاً قليلاً عما تطلبه منه "صهيونية الدولة"(سواء أرادها أم لم يرد) فإنه سيشعر عاجلاً أم آجلاً بغير الانتماء، وسيظل لديه هذا الشعور بالغربة حتى داخل الدولة التي من المفترض أنها موجودة لإيوائه واحتوائه.

هذه الصرخة/المقالة والتي على ما يبدو تحدث نوعاً من الضجة الكبيرة داخل المجتمع العبري باتت متكررة على ما يبدو خلال الأيام الفائتة، فبعد أحداث اليهود الفلاشا الذين لا يزالون يثيرون القلاقل بين الفينة والأخرى في المجتمع العبري، بدأت الأقليات الأخرى برفع صوتها، لأنّها لا تجد أبداً أنه "يرحب" بها مقارنةً مع اليهود "الغربيين" (الأشكيناز) الذين يظهر أنهم لا يسيطرون على كل مفاصل الدولة فحسب، بل إنّهم يرفضون دخول أي من اليهود "الشرقيين" (السفرديم) إليها.
هي حالةٌ مستعصيةٌ منطقية ومتوقعة الانفجار في أي لحظةٍ داخل مجتمع قام أساساً على العنصرية والقتل والدمار تجاه شعوب المنطقة، فكيف يمكن أن يستمر حتى تجاه أبنائه أنفسهم؟
في الختام، ليس هذا المقال هو الأول ولن يكون الأخير في إيضاح ما "للعنصرية" من تأثيرٍ كبير داخل الكيان الغاصب، وكيف أن "طباخ السم" لا بد وأن يتذوقه عاجلاً أم آجلاً، ذلك أن "العنصرية" لن توصلهم إلا إلى النتيجة ذاتها: النهاية.
22-تموز-2015

تعليقات الزوار

استبيان