من مليتا تعبق رائحة النصر. هناك جلس السيد عباس الموسوي مع أبنائه المجاهدين. هناك صلّى، ودعا ربّه أن يرزقه "شهادة مطهرة أنا اخترتها بنفسي كفارة عن ذنبي شهادة قلّ نظيرها". هناك رسم المجاهدون لوحات البطولة. هناك تحكي المقاومة روايتها للعالم.
دشمة الشهيد السيد عباس الموسوي
بعد قرابة الـ 5 أعوام على افتتاح معلم مليتا للسياحة الجهادية، لا تزال المنطقة مقصداً لكثير من السياح. بعضهم أتى من بلدان عربية كمصر، والأردن، وفلسطين، والبعض الآخر حضر من روسيا وفرنسا ليشاهد آثار المقاومين وجهادهم.
في الذكرى التاسعة للانتصار، يزدحم معلم مليتا بالزوار. تقول احدى اللبنانيات المغتربات في حديث لموقع "المقاومة الاسلامية" إنها غادرت لبنان منذ 15 عاماً، وهي اليوم حضرت من فرنسا برفقة والدتها الفرنسية وقصدت هذا المكان لأنها تشعر بضرورة أن تبقى المقاومة حاضرة في الذاكرة. تقول "هذا المكان يحكي تاريخ لبنان، يتم عرض القصة للزوار بشكل فني رائع، طريقة وضع المجسمات والأسلحة رائعة، الموسيقى الموضوعة تعيدك الى أجواء الحرب، ومع ذلك فإن هذه الأجواء التي نشعر بها ليست الا شيئاً بسيطاً مما عاشه المجاهدون هنا خلال فترة العدوان".
مليتا
الوالدة الفرنسية تزور لبنان للمرة الأولى. تعترف بأنها شعرت بشيء من الخوف لدى دخولها الى المعلم. تقول "بطبيعة الحال الحرب ليست أمرا جيدا، أرى هنا اموراً كان يستحيل أن أراها في بلادنا".
على بعد أمتار قليلة يقف سائحان روسيّان. يشرح لهما أحد العاملين في المعلم عن القنابل العنقودية المنتشرة في البلدات الجنوبية، والتي رماها العدو الصهيوني في بلادنا تعبيراً عن حقده. يقف السائحان في حالة صدمة. لدى سؤالهما عما شاهداه في مليتا، يعبّران عن مفاجأتهما من وجود قنابل عنقودية بين المدنيين. يعتبران الأمر أقرب الى المستحيل "لم يسبق ان شاهدنا ذلك في وسائل الاعلام". برأيهما فإن حكاية الحرب يرويها كلّ شخص أو جهة أو وسيلة اعلامية انطلاقاً من التوجه السياسي الذي ينتمي اليه، ولبنان معقّد جداً من الناحية السياسية، لذلك، فهما حضرا الى مليتا للاستماع الى الرواية وأخذ الحقائق كما هي.
مليتا
يجول كثيرون في نواحي المعلم ويعودون أدراجهم. منهم من تدهشه حكاية الصمود وشجاعة المقاومين وبسالتهم، ومنهم من يُعجبون بالطريقة الفنية الناجحة التي تعكس الصورة النقية عن المجاهدين وتؤرّخ لمقاومتهم. ويبقى على رأس ذلك الجبل الذي حفظ وطأة أقدام المقاومين، دشمة تؤرّخ لمحراب صلاة السيد عباس، ومكان جلوسه المفضّل. هي الدشمة الأكثر تأثيراً وتعبيراً عن الوجدانية، حيث يتردد في أرجاء المكان المسيّج، صوت السّيد الحنون خلال تلاوته للدعاء.. تظلّله شجيرات لا بدّ أنه تفيّأ بظلّها طويلاً.