المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

حين ضربت المقاومة عمق العدو في شبعا.. وأسرت ثلاثة من جنوده


صدى انتصارات المقاومة الاسلامية وبطولاتها لا يزال يتردد على مدى السنين. عمليات المجاهدين التي حرّرت أرض الجنوب وفكّت قيود الأسرى لا تبرح الذاكرة. 7/10/2000، تاريخ كتبه شباب مقاومون بحُسن تخطيطهم وأدائهم وشجاعتهم بمواجهة العدو، حيث
وجهت المقاومة الإسلامية ضربة قاسية ومباشرة لقوات الاحتلال في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة ونفذت عملية عسكرية وأمنية مزدوجة أدت إلى أسر ثلاثة جنود صهاينة وجرح أربعة آخرين.


وفي التفاصيل أن مجموعة من المجاهدين الذين كانوا متمركزين في ثماني نقاط على طول الشريط الحدودي الشائك الممتد من محور بركة سدانة شرقاً وفي محور المجيدية غرباً، وحوالي الساعة الواحدة ظهراً تمكنوا من الوصول إلى مسافة حوالي 200 متر عن مدخل موقع تلة رويسة السماقة جنوبي كفرشوبا. وانقسمت المجموعة إلى اثنتين، الأولى أقامت كميناً عند مدخل الموقع والثانية تولت اقتحامه، وبعد ربع ساعة وصلت دورية صهيونية إلى المكان ووقعت في مكمن المقاومة ودار اشتباك استخدم فيه مختلف الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، وفي الوقت نفسه وصلت المجموعة الأخرى إلى الساتر الترابي لموقع رويسة السماقة وعملت على اقتحامه في ظل قصف مدفعي وصاروخي مركز شمل الموقع وسائر المواقع الأخرى في محور مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهي المرصد الإسرائيلي في جبل الشيخ، رويسة العلم، مركز التزلج، رمتا، قفوة، والجل الأحمر، واستمر القصف على هذه المواقع لمدة ساعة مما شكل غطاءً للمجاهدين الذين نجحوا في أسر ثلاثة جنود كانوا في عداد الدورية وسحبهم سيراً على الأقدام حتى محور بركة بعثائيل حيث كانت عدة سيارات مختبئة في المنطقة بانتظارهم، وتم نقل الأسرى وعدد من المجاهدين باتجاه الأراضي المحررة في ظل حماية أمنية للطريق، واستمرت العملية حوالي نصف ساعة، ولم تسفر عن وقوع أي إصابات في صفوف المجاهدين.

وبعد نصف ساعة من الهجوم باشرت مدفعية الاحتلال المتوسطة والثقيلة بقصف مراكز نقاط المراقبة التابعة للمقاومة في محيط كفرشوبا وشبعا التي تم إخلاؤها، وأحصي سقوط أكثر من 300 قذيفة على مدى نصف ساعة، وفي الوقت نفسه حلّقت ثماني مروحيات عسكرية صهيونية فوق قرى كفرشوبا، شبعا، كفرحمام، الهبارية، راشيا الفخار وحاصبيا، واستهدفت بصواريخها السيارات المدنية التي كانت تتحرك على الطرقات بين هذه القرى.

وردت مواقع الجيش اللبناني في منطقة حاصبيا على إطلاق النار من رشاشاتها باتجاه المروحيات المعادية.


مزارع شبعا

وحوالي الساعة الثالثة من بعد الظهر حشد جيش الاحتلال قوة مدرعة قوامها أربعون دبابة ميركافا مع أربعمئة جندي في المنطقة الممتدة من بركة سدانة حتى محور رمتا - قفوة، وأشار المعلقون العسكريون الصهاينة الى أن هذه التعزيزات تهدف إلى القيام بعملية برية واسعة لتطويق المخارج التي يمكن نقل الجنود الأسرى عبرها، وتمركز عدد من الدبابات قرب الشريط الشائك، وما لبثت قوة من الجنود الصهاينة أن اجتازت بوابة بركة بعثائيل لمسافة أربعمئة متر داخل الأراضي اللبنانية وعمدت إلى تمشيط المنطقة، وواصلت المروحيات الصهيونية استهدافها للسيارات المدنية على طريق شبعا حاصبيا في محاولة لمنع نقل الجنود الثلاثة الأسرى إلى خارج المنطقة وأصابت صواريخها عشرين سيارة على طريق شبعا - حاصبيا ما أدى إلى جرح حوالي عشرين شخصاً، كما أصيب الطفل حسين محيي الدين شحرور (13 عاماً) أثناء هروبه من القصف الصهيوني الذي تعرضت له بلدة كفرحمام.

* الاعتراف الصهيوني

أما مصادر العدو، فاعترفت في حينها بأسر الجنود الثلاثة، وأصدر جيش الاحتلال بياناً قال فيه إن "الجنود الثلاثة، وهم من سلاح الهندسة، خطفوا على أيدي عناصر لبنانية من حزب الله في ما يبدو.. وسيبذل الجيش كل جهده لتحديد مكان الجنود المخطوفين وإعادتهم إلى الوطن سالمين".

وفي وقت لاحق صرح ناطق عسكري صهيوني أن "أربعة جنود إسرائيليين أصيبوا بجروح على الحدود خلال تبادل لإطلاق النار مع حزب الله ونقلوا إلى مستشفى صفد للمعالجة".

 وأوردت القناة الثانية في تلفزيون العدو أن مجموعة من حزب الله تستقل سيارة مدنية على طريق موازية للسياج الحدودي فتحت النار على سيارة دورية إسرائيلية على الطريق الموازي وأجبرتها على التوقف، وقطع المقاومون بعد ذلك السياج وأخذوا الجنود إلى الجانب اللبناني ونقلوهم بعيداً، وبعد إبلاغ عائلات الجنود تجمع عشرات المستوطنين قرب منزل أحد الجنود وطالبوا حكومة العدو بالتصرف حيال حزب الله، وتم إعلان التأهب في المستوطنات الشمالية وطلب مما يسمى المجالس المحلية فتح الملاجئ والاستعداد لمواجهة احتمالات مفتوحة ولكن لم يدع المستوطنون للنزول إلى الملاجئ.

* ردود الفعل على عملية الأسر

وبتاريخ 8/10/2000 أعادت القوات الدولية سيارتين استخدمهما المجاهدون في عملية الأسر كانتا متروكتين على مشارف بلدة كفرشوبا، واحدة رانج روفر سوداء اللون وأخرى "نيسان باثفايندر" بيضاء اللون.

وبتاريخ 12/10/2000 فككت قوات الاحتلال منشآت موقع السماقة في تلال كفرشوبا الذي أصابته صواريخ المقاومين بشكل مباشر، وعمدت فرق الصيانة الصهيونية إلى نقل المعدات إلى داخل منطقة مزارع شبعا.

ووجه رئيس حكومة العدو إيهود باراك تحذيراً إلى الحكومتين اللبنانية والسورية بالعمل على الوقف الفوري لأي "نشاط معادٍ" عند الحدود وفرض السيطرة على المنظمات العاملة في لبنان، وقال إن "إسرائيل تنظر بخطورة إلى أي انتهاك للهدوء السائد عند الحدود منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان وتعتزم التحرك بحزم بغية توفير أمن بلدات شمال البلاد"، وفي تصريح آخر قال باراك: " نتوقع الإفراج فوراً عن الأسرى لأن خطفهم، في حد ذاته، كان خرقاً واضحاً للقانون الدولي بعد انسحابنا من لبنان، وإننا نحمّل سوريا وحزب الله والحكومة اللبنانية - وسوريا بصفة خاصة لأن لها دوراً مهيمناً في لبنان - المسؤولية عن حل هذه القضية على وجه السرعة، ونحتفظ بالطبع لأنفسنا بحق الرد في الوقت والمكان المناسبين، وبالوسيلة التي نراها مناسبة".

وأيد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، الذي توجه إلى فلسطين المحتلة على وجه السرعة، مواقف باراك خلال مؤتمر صحفي مشترك معتبراً أن عملية الأسر خرق للقرار 425 ولكنه أكد أن "الجنود بصحة جيدة ويلقون معاملة حسنة، ولكننا لا نستطيع تأكيد ذلك حتى الآن ونعمل على تحقيقه".

وطلب وزير خارجية العدو بالوكالة شلومو بن عامي في اتصالات هاتفية مع وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت ومستشار الأمن القومي ساندي بيرغر والسفير الأميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد هولبروك أن "ينقلوا رسائل واضحة إلى الحكومتين اللبنانية والسورية لجهة ضرورة المحافظة على الهدوء على الحدود الشمالية"، وقال بن عامي إن "الولايات المتحدة تبذل جهوداً دبلوماسية في الشرق الأوسط نيابة عن "إسرائيل" بهدف إطلاق سراح الجنود الثلاثة".

الإعلان عن أسر الجنود الثلاثة حرّك عجلة اتصالات أميركية وغربية مكثفة. وفي هذا السياق نقل مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ادوارد ووكر رسالة تحذير إلى السفير اللبناني في واشنطن فريد عبود تضمنت الموقف الصهيوني الذي "يصر على الإفراج الفوري عن الجنود الثلاثة وإلا فإن الرد سيكون حازماً"، ورد عبود بتذكير المسؤول الأميركي بالرهائن اللبنانيين الذين تحتجزهم "إسرائيل" منبهاً إلى ضرورة أخذ الحذر من ضرب أهداف مدنية لبنانية وحماية المدنيين اللبنانيين، وأجرى ووكر اتصالات مماثلة مع القائم بالأعمال السوري في واشنطن رستم الزغبي والسفير السعودي بندر بن سلطان للغاية نفسها، وتلقى رئيس الجمهورية العماد اميل لحود اتصالاً من الرئيس المصري حسني مبارك والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، كما تلقى رئيس الحكومة سليم الحص اتصالاً من أنان ومن وزيري الخارجية السوري فاروق الشرع والمصري عمرو موسى، وكذلك من السفيرين الأميركي دايفيد ساترفيلد والفرنسي فيليب لوكورتييه. ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن مصادر لبنانية تأكيدها أن "على "إسرائيل" أن تبادر إلى الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية فوراً ودون تخلف إذا رغبت في استعادة جنودها الثلاثة بدلاً من توجيه الإنذارات لرد فعل قد يؤدي إلى تعقيد الأمور وتصعيد الموقف بما تتحمل "إسرائيل" وحدها مسؤولية النتائج المترتبة عنه".

* الرد اللبناني الرسمي

الرد اللبناني الرسمي جاء على لسان رئيس الجمهورية العماد إميل لحود الذي حمّل "إسرائيل مسؤولية التصعيد الأخير على الحدود اللبنانية والمسؤولية الكاملة عن أي ردة فعل يمكن أن تقوم بها ضد لبنان"، وقال أمام زوار قصر بعبدا إن "لبنان يرفض التهديدات ويراها وسيلة غير مجدية لمعالجة الوضع الذي نشأ" موضحاً أن "التطور الأخير ما كان ليحصل لو تجاوبت "إسرائيل" مع مساعي الأمم المتحدة والدعوات التي أطلقت بعيد التحرير في أيار وأفرجت عن المخطوفين اللبنانيين المدنيين في السجون الإسرائيلية" وأكد لحود أن "لبنان ينظر إلى التهديدات الإسرائيلية الأخيرة على أنها محاولة مكشوفة للهروب من الموقف الحرج الذي تواجهه الحكومة الإسرائيلية على الصعيدين السياسي والعسكري بعد التطورات المتسارعة في الأراضي المحتلة".

وكشف الرئيس لحود عن أن السفير الأميركي في بيروت دايفيد ساترفيلد نقل إليه إثر العملية إنذاراً إسرائيلياً "بقصف أماكن عدة في لبنان وتحويله إلى جحيم" إذا لم تطلق المقاومة سراح الجنود الثلاثة خلال أربع ساعات، ورفض لحود الإنذار وأبلغ ساترفيلد أن "لدى "إسرائيل" 19 أسيراً لبنانياً في سجونها فلتطلق سراحهم أولاً، ونحن لا نخاف الإنذارات ولا التهديدات الإسرائيلية". وانقضت الساعات الأربع ولم يحدث شيء إلا أن لحود تلقى خلالها اتصالاً هاتفياً من وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت تجاهلت فيه "الاتصال الهاتفي العاصف" الذي جرى بينهما غداة الاندحار الصهيوني، والذي قطعه لحود بعد تلميح أولبرايت إلى إعادة النظر في التعاطي الأميركي مع لبنان وتحذير المواطنين الأميركيين من السفر إلى بيروت نتيجة رفض السلطات اللبنانية الموافقة على تقرير الأمين العام الذي أعلن فيه إتمام "إسرائيل" تنفيذ القرار 425 على الرغم من استمرار الخروقات الصهيونية وبقاء الاحتلال في مزارع شبعا اللبنانية. وتمنت أولبرايت في الاتصال الهاتفي الجديد على لحود ضبط الوضع على الحدود ومنع الفلسطينيين من الوصول إليه دون أن تتطرق إلى مسألة الجنود الإسرائيليين، ورد لحود بالتأكيد على حرص لبنان على الأمن والاستقرار في المناطق الحدودية، موضحاً أن جنود الاحتلال هم الذين أطلقوا النار على الفلسطينيين وقتلوا ثلاثة منهم.

من جهته أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن "إسرائيل وحدها هي المسؤولة عن سلامة جنودها وليس لبنان أو سوريا، فكيف إذا كان هؤلاء الجنود موجودين على أرض ليست أرضهم وبين شعب أمعنت فيه "إسرائيل" قهراً وقتلاً وتشريداً وتهديداً؟" وقال إننا "كنا أول من حذر منذ الاندحار الإسرائيلي عن أجزاء من أرضنا في الجنوب والبقاع الغربي من أن هذا الاندحار لا يعني السلام وأن إبقاء "إسرائيل" احتلالها لمزارع شبعا واستمرار احتجازها عشرات اللبنانيين في سجونها يعطينا الحق في مواصلة مقاومتنا المشروعة ضد هذا الاحتلال وفي سبيل إعادة الحرية إلى أسرانا وفي مقدمهم الشيخ عبد الكريم عبيد والأخ مصطفى الديراني وسمير القنطار وجواد قصفي، والعملية النوعية الأخيرة للمقاومين اللبنانيين في المقاومة الإسلامية تندرج بكل تفاصيلها وتجلياتها في هذا الإطار، وعلى "إسرائيل" أن تعلم أن مقاومتنا ستبقى مشرعة بكل الوسائل المتاحة لدينا حتى استعادة آخر ذرة من ترابنا في شبعا وغيرها وحتى إطلاق الأسرى اللبنانيين كافة من السجون الإسرائيلية".

وأشاد رئيس أساقفة صور وصيدا ومرجعيون وراشيا الوادي لطائفة الروم الأرثوذكس المطران الياس كفوري بما قام به "عناصر حزب الله من أسر للجنود الإسرائيليين مبدياً إعجابي وتقديري لهؤلاء الشبان الذين خطفوا الجنود الإسرائيليين في مزارع شبعا المحتلة، هذه العملية التي لفتت أنظار العالم إلى أن هذه المزارع اللبنانية ما زالت "إسرائيل" تحتلها خلافاً لكل القرارات الدولية"، كما حيا المطران كفوري الشعب الفلسطيني الذي ناضل ما يزيد على نصف قرن.

وأبرق شيخ الأسرى الشيخ عبد الكريم عبيد من سجنه في فلسطين المحتلة محيياً مجاهدي المقاومة على جهودهم في أسر الجنود الصهاينة الثلاثة وجاء في رسالته: "أعزائي جميعاً.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أطلب منكم، وبالأخص ساجد ومجاهد أن يقبّلا عني الأيادي الطاهرة للمجاهدين الذين ابلوا البلاء الحسن في أسر ثلاثة من الأعداء، وعسى أن يكون بفضل جهدهم المشكور الفرج قريباً واللقاء بكم وبجميع الأحبة والأخوة عاجلاً، وأتمنى لو تسلّموا عليهم إن علمتموهم فرداً فرداً..".

الموقف الأميركي جاء في رسالة بعثت بها وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت إلى رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية ونقلها إليهما السفير الأميركي في بيروت دايفيد ساترفيلد وتضمنت الدعوة إلى "وقف العنف وإمكان إيجاد حل لقضية الجنود الإسرائيليين الثلاثة ووضع حد للأعمال الاستفزازية على الحدود". وصرح ساترفيلد أن "المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة يرون أن على حكومة لبنان أن تتحمل المسؤولية للقيام بما في وسعها لضمان الاستقرار والأمن على الحدود اللبنانية"، وفي المقابل شدد رئيس الحكومة سليم الحص على أن "استمرار "إسرائيل" احتلال مزارع شبعا اللبنانية واحتفاظها بأسرى لبنانيين وإطلاقها النار على المواطنين العزّل هو إدانة لها، أما قضية القدس فالكل يعلم أنها ستبقى مصدر عدم استقرار في المنطقة برمتها إلى أن يعود الحق إلى نصابه وتستعيد المدينة المقدسة عروبتها، وقلنا غير مرة أن قضية القدس ليست قضية الفلسطينيين وحدهم وإنما هي قضية عربية تعني كل العرب مسلمين ومسيحيين".

* موقف سوري داعم للمقاومة

وعلى خط موازٍ شدد الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال مع نظيره المصري حسني مبارك أن "إسرائيل أوجدت وضعاً متأزماً في المنطقة وأن أعمالها العدوانية فاقدة لأي مبرر"، وحمّل في اتصال مع نظيره الأميركي بيل كلينتون "إسرائيل مسؤولية التصعيد والتوتر الناجم عما يحدث وضرورة أن يكون حل المشكلة متكاملاً وليس جزئياً"، وأكد الرئيس الأسد على حق لبنان وشعبه في المقاومة ضد الاحتلال، وقال أثناء لقائه وزير الخارجية الإيراني الدكتور كمال خرازي في دمشق، سلمه فيها رسالة من رئيس الجمهورية الإسلامية السيد محمد خاتمي تتعلق بتطورات المنطقة وتضمنت دعم طهران لدمشق، إن "الدفاع عن النفس ضد الاحتلال الأجنبي هو حق لكل شعب من الشعوب تكفله الشرائع الدولية، وإن مزارع شبعا هي أراضٍ لبنانية تحتلها "إسرائيل" ومن حق الشعب اللبناني أن يناضل ضد محتليها".

بدوره أكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع أن "ما تقوم به المقاومة الوطنية في المناطق اللبنانية المحتلة في شبعا ومطالبها بإطلاق سراح الأسرى هي أعمال مشروعة"، وأبلغ الشرع نظيرته الأميركية مادلين أولبرايت والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في اتصالين هاتفيين أن "إسرائيل هي التي تتحمل مسؤولية الوضع الخطير الذي أوجدته في لبنان".

وواصلت واشنطن ضغوطاتها عبر مباحثات أجرتها أولبرايت مع الرئيس السوري بشار الأسد بتاريخ 18/10/2000 في الرياض، وهو اللقاء الأول لمسؤول أميركي على هذا المستوى مع الأسد منذ توليه السلطة خلفاً لوالده الراحل الرئيس حافظ الأسد، وركزت أولبرايت في اللقاء المنفرد الذي استمر 90 دقيقة على المسألة اللبنانية وضرورة أن تعمل دمشق على احتواء ما وصفته بـ "الأعمال الاستفزازية" التي يقوم بها حزب الله، معتبرة أن "أعمالاً كهذه لا تؤدي إلا إلى زيادة احتمال اتساع نطاق العنف إلى أبعد من "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، ورأت أن "إسرائيل بسحبها قواتها من لبنان امتثلت لقرار الأمم المتحدة 425 وأن واشنطن تود أن ترى سوريا تحترم هذا القرار أيضاً"، ورد الرئيس الأسد بالتأكيد على أن دمشق تريد أن ترى حلاً للقضية الأساسية المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي وسلاماً عادلاً وشاملاً وليس مجرد تفاصيل، مشدداً على أن "استمرار السياسات الإسرائيلية لن يقود إلى السلام العادل والشامل الذي تنشده شعوب المنطقة، وأن أي حلول أو مقترحات يجب أن تأخذ في الاعتبار متطلبات السلام العادل والشامل وتطلعات الشعب العربي الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة، وكذلك تطلعات الشارع الفلسطيني والعربي".

* السيد نصر الله: الحزب لن يدلي بأي معلومات عن الجنود الأسرى مجانا

وفي المقابل أطلق حزب الله على لسان الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله مواقف ساهمت في رفع مستوى الإرباك الذي ساد صفوف المسؤولين الصهاينة، وأكد أن "شروط المقاومة للإفراج عن الجنود واضحة وهي إطلاق سراح اللبنانيين الذين تعتقلهم "إسرائيل" وأن الحزب لن يدلي بأي معلومات عن الجنود الأسرى مجاناً وبدون مقابل لا اليوم ولا غداً، هل هم حياء أو مصابون، والجنود نقلوا إلى مكان لا يمكن ن يصل إليه الإسرائيليون فلا يضيعوا وقتهم". وأكد السيد نصر الله أن الحزب "سيرد بقوة وبشدة إذا حصل أي اعتداء شامل أو غير شامل على لبنان وسنفهمهم بأننا لسنا ضعفاء".

وخلقت عملية الأسر نقاشات حادة في أوساط قيادة جيش الاحتلال، حيث أيد رئيس الأركان شاؤول موفاز توجّه باراك في الدعوة "لضبط النفس" ووافقه في هذا التوجّه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عاموس مالكا الذي اقترح التركيز على المفاوضات وانضم إليه عدد من ضباط الأركان، في حين عارض قائد المنطقة الشمالية غابي أشكينازي هذه السياسة، لا سيما أنه كان حذر سابقاً من "الأخطار المترتبة على وجود البنية العسكرية لحزب الله على طول الحدود"، ورأى أن عملية الأسر لم تنجح بسبب إهمال العسكريين بل أتت لتؤكد التوقعات السابقة في شأن قدرة حزب الله على تنفيذ عمليات بسهولة بعد زوال "الحزام الأمني" وإنهاء الحاجز البشري الذي كان يشكله "جيش لبنان الجنوبي"، وساند أشكينازي في هذا الرأي قادة المناطق الأخرى في جيش الاحتلال الذي أيدوا سياسة أكثر تشدداً.

وبدا أن الأوساط العسكرية الصهيونية عاشت حال توتر شديد بعدما تبدّى العجز الميداني لدى جنود الاحتلال في منع عملية الأسر، حيث أعلنت قيادة جيش العدو أن استمرار الوضع القائم على الحدود مع لبنان هو أمر "غير محتمل" ولا يمكن القبول باستمرار انتشار حزب الله على طول الحدود، وقال المراسل العسكري للقناة الأولى لتلفزيون العدو "ينبغي أن نفهم أنه إذا ما دخل الجيش الإسرائيلي الآن للقتال على طول الحدود فإن القصة تختلف عما كنا نعرفه وقتما كان الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، فمواقع حزب الله قريبة جداً من المستوطنات الإسرائيلية والقتال في مثل هذه الظروف يمكن أن يكون إشكالياً جداً.." ووصف المراسل سيناريوهات الجيش الإسرائيلي لعمليات اختطاف الجنود بأنها "كابوس". وقال إن "أفراد خلية حزب الله عملوا بسرعة و"احتراف وكان الجيش يخشى دوماً من وقوع ذلك، وفي "إسرائيل" اعتقاد يتبلور بأن حزب الله سيحاول التلاعب بأعصاب "إسرائيل" من خلال إطالة أمد المفاوضات حول الأسرى".

* أبعاد العملية

وفي هذا المجال أفادت أوساط حزب الله أن الاتصالات المكثفة التي باشرتها أكثر من جهة دولية وشملت المسؤولين اللبنانيين وقيادة الحزب لإجراء عملية تبادل للجنود الأسرى مقابل إطلاق 19 محتجزاً لبنانياً في سجون الاحتلال لم يتضح أفقها بعد، مستبعدة أن تكون هناك أي تسويات أو صفقات في موعد قريب، وأشارت إلى وجود عدة قنوات اتصال بين حزب الله والجانب الإسرائيلي كاللجنة الدولية للصليب الأحمر أو الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رولف كنوتسن، وأوضحت هذه الأوساط أن عملية الأسر كان لها أبعاداً أساسية أهمها:

• أعلن حزب الله بعد الاندحار الصهيوني عن معظم الأراضي اللبنانية المحتلة من خلال اتصالات بمختلف الاتجاهات أنه لا يزال هناك ملف الأسرى اللبنانيين الذي يتخذهم العدو رهائن للمساومة، ويجب إيجاد حل له بشكل سريع على أساس إنساني. ولكن مع عدم ظهور أي بوادر تحرك في هذا الاتجاه كان لا بد للمقاومة، بعد قصور المنظمات والجمعيات المعنية عن تحريك هذا الملف، من تنفيذ عملية أسر تطال جنوداً إسرائيليين من أجل الضغط لتحرير المحتجزين عبر عملية تبادل.

• شكلت العملية من حيث مكان تنفيذها تأكيداً جديداً من قبل المقاومة على الموقف الذي أعلنته غداة التحرير من أن مزارع شبعا المحتلة لبنانية ولا بد من الاستمرار في اعتماد خيار العمليات العسكرية لتحريرها، وبالتالي التماهي مع الموقف اللبناني الرسمي المتوافق مع الموقف السوري الرافض لبقاء مزارع شبعا اللبنانية تحت الاحتلال وعدم الإقرار بالمقولات التي تتحدث عن تنفيذ "إسرائيل" للقرار 425.

• تزامنت العملية مع ما يجري على أرض فلسطين من مواجهات يخوضها الشعب الفلسطيني ضد قوات الاحتلال التي أمعنت في ارتكاب المجازر بحق المدنيين العزّل، وشكلت موقفاً راسخاً في التواصل بين الشعبين اللبناني والفلسطيني ومقاومتهما ضد الاحتلال، كما شكلت تعبيراً عن التأييد والتضامن اللبناني مع انتفاضة الشعب الفلسطيني.

وأرخت عملية أسر الجنود الثلاثة بثقلها في الأوساط الصهيونية وطرحت قيادات في جيش الاحتلال مجموعة من الأسئلة حول أسباب نجاح عملية الأسر، لا سيما أن شعبة الاستخبارات العسكرية أطلقت قبل أشهر إنذارات متكررة حول نية حزب الله خطف جنود إسرائيليين من أجل التوصل إلى إطلاق الشيخ عبد الكريم عبيد والحاج مصطفى الديراني، وترجمت هذه الإنذارات إلى توجيهات صارمة للوحدات العسكرية المنتشرة على الأرض بهدف إحباط أي محاولة من هذا النوع وأعطيت أوامر واضحة إلى الجنود حول كيفية التحرك في المنطقة، وكيف يتصرفون في حال تعرضهم للهجوم مع التشديد على احتمال الهجوم من مسافة قريبة، والتقدير هو أن الدورية التي هوجم جنودها عملت بشكل يخالف الأوامر.

وأجرت قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال تحقيقاً حول العملية شارك فيه قادة المناطق الآخرين، وأشارت نتائج التحقيق إلى أنه كان على الدورية مواصلة سيرها بعد تعرضها للهجوم وعدم التوقف خصوصاً إذا صحت الدلائل الميدانية التي أشارت إلى أن الجنود لم يصابوا، كما وجهت انتقاداً حول عدم وجود سوى ثلاثة جنود في الآلية العسكرية التي هوجمت مع أن الأوامر تفرض وجود أربعة جنود في كل دورية، "حيث كان بإمكان جندي رابع أن يقدم المساعدة في المعركة، وربما أحبط عملية الخطف" بحسب رأي أحد الضباط، وإلى جانب هذه الملاحظات كان اللافت مرور حوالي 25 دقيقة من اللحظة التي هوجمت فيها الآلية حتى وصول قوة النجدة إليها واكتشافها حصول عملية الخطف، فهذا الوقت الطويل مكن الخاطفين من الفرار مع الجنود الأسرى، وقال الضابط إن "المسؤولية عن هذا الخلل ملقاة على عاتق لواء حرمون القطاعي الذي ظهرت فيه إخفاقات خطيرة في مجال التنسيق والإشراف على القوات التي استخدمها.. ويبدو أنهم، في اللواء، كانوا منشغلين في الاحتماء من القصف المدفعي على المواقع ولم يدركوا أن الأمر يتعلق بتمويه وعملية أكثر تعقيداً"، وقال رئيس أركان جيش الاحتلال شاؤول موفاز إن "الأمر يتعلق بخلل خطير.. وهذه العملية هي حادث لا ينطبق على الواقع، وعلى الرغم من أن القوات دربت، والوعي في صفوف الجنود كان كبيراً، إلا أننا لم ننجح في منع عملية الخطف".

ونشرت صحيفة معاريف مقتطفات من نتائج التحقيقات أفادت أن تعليمات واضحة أعطيت للدوريات تعلقت بكيفية تجنب الوقوع في عمليات خطف، وجرى الاتفاق على أن تكون كل دورية مؤلفة من مركبتين تسبقها فرقة استطلاع متقدمة، ولكن هذه التعليمات لم توضع قيد التنفيذ، ولم يتضح السبب الذي دفع الدورية التي تعرضت للعملية إلى مواصلة تقدمها حتى وصولها إلى البوابة، وبيّنت التحقيقات أن عناصر حزب الله لم يطلقوا الصواريخ باتجاه سيارة الجيب بل عمدوا إلى إضرام النار فيها لإخفاء الأدلة، مشيرة إلى العثور على سلاح عائد لأحد الجنود وظهور آثار دماء في الآلية ما يرجّح وقوع إصابات في صفوفهم، واعتبر الضباط أن العملية كشفت تقصيراً في أداء الجنود على الرغم من الإعداد الذي استغرق شهوراً لمواجهة عمليات من هذا النوع، وتبين أن الجنود ما زالوا غير مستعدين لذلك.

وأدى نجاح المقاومين في أسر الجنود الثلاثة إلى تسليط الضوء على تاريخ كتيبة سلاح الهندسة التي ينتمون إليها، حيث كشفت المعلومات تجاوزات خطيرة ارتكبها الجنود فيها لدرجة اعتبارها كتيبة "لصوص ومخدرات وشغب"، ما طرح علامات استفهام حول قرار تحميلها مسؤولية "حماية الحدود"، والكتيبة المذكورة نقلت إلى الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة بغرض تنفيذ مهمات تدريب، ولم يكن من المفترض أن يكون الجنود الثلاثة في المكان الذي أسروا فيه، وهو ما شكل محوراً أساسياً في التحقيقات التي دارت بشأن عملية الأسر، وأفادت المعلومات أن عدداً من أفراد هذه الكتيبة سرقوا حاجيات جنود صهاينة في اصطدام مروحيتين عسكريتين للعدو لدى توجههما إلى جنوب لبنان في شباط عام 1997، وقتل آنذاك كل من كان على متنهما وعددهم 75 جندياً وضابطاً، وكانت هذه الكتيبة موجودة عند الحدود فاستدعيت على عجل لتحاول إنقاذ ما أمكن، ولكن عندما تبينوا أن جميع الجنود قتلوا عمدوا إلى سرقة ما أمكنهم من الحقائب العسكرية، وبدأوا في ما بعد يتباهون بفعلتهم ولم يتم تقديمهم إلى محاكمة جدية على هذا التصرف، بل حاولت القيادة الشمالية لجيش الاحتلال التستر عليهم، وفي حزيران من العام نفسه نشب شجار بين جنديين من هذه الكتيبة إثر خلاف حول استخدام الهاتف مما أدى إلى مقتل أحد الجنديين ويدعى ألفرد كوهين برتبة رقيب، وفي صيف العام 1998 اعتقل العديد من أفراد هذه الكتيبة وتم تقديمهم للمحاكمة بتهمة استخدام المخدرات، واتضح أنهم كانوا يتعاطون المخدرات فعلاً، وخلال عامي 1998 - 1999 شب حريقان هائلان داخل معسكر تدريب للكتيبة أقيم في هضبة الجولان السورية المحتلة، وأتى كل حريق على كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر والعتاد والأجهزة، وعلى الرغم من أن القيادة لم تقدم أحداً للمحاكمة إلا أنه كان واضحاً أن السبب يعود إلى إهمال مقصود.

وذكرت صحيفة "معاريف" أن أهالي عناصر سلاح الهندسة الذي ينتمي إليها الجنود الثلاثة طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق للبحث في ما رأوه تقديم معلومات خاطئة من جانب الجيش الإسرائيلي حول عملية الخطف. وقالوا في رسالة بعثوا بها إلى قائد المنطقة الشمالية غابي أشكينازي إن الجنود الثلاثة الذين خطفوا كانت لديهم تعليمات واضحة للوصول إلى النقطة التي خطفوا فيها، أي البوابة الحدودية المؤدية إلى قرية شبعا في وقت ادعى فيه الجيش أنه كان من المفترض بالدورية أن تتوقف عند نقطة أخرى، وقال الأهالي إن هذا الكلام كاذب وأشاروا إلى أن مهمات كثيرة فرضت على الفرقة مثل الحفاظ على الأمن أكثر من 12 ساعة متواصلة في اليوم الواحد، وحتى في ساعات راحتهم، واتهموا قادة القطاع بأنهم ضللوا رئاسة الأركان عندما قالوا إنه لم يكن يفترض بالجنود الوصول إلى النقطة التي خطفوا فيها، الأمر الذي أدى إلى انتشار شائعات عن إمكان قيام الجنود بتهريب المخدرات.

الإخفاق الميداني الذي أظهره نجاح المقاومين في تنفيذ عملية الأسر دفع قيادة الاحتلال إلى اتخاذ إجراءات عسكرية استثنائية، خصوصاً في مزارع شبعا المحتلة. وأشار المعلق العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هارئيل إلى تكثيف وتيرة إقامة المواقع والدوريات والحراسات الليلية خشية فتح جبهة إضافية على أيدي جنود حزب الله، كما قررت قيادة الجبهة الشمالية في جيش الاحتلال عدم استبدال جنود كتائب المظليين وجفعاتي الذين ينتشرون في المزارع بسبب التوتر المتزايد في تلك المنطقة. وأضاف أن الأجواء تغيرت منذ اختطاف الجنود الثلاثة وبات مفروضاً على الآليات في القوافل أن تكون مدرعة وأن يكون الجنود مدرجين ضمن الوحدات القتالية وأن تحظى كل قافلة قبل تحركها بتصديق المستويات العسكرية العليا، كما أقدم جيش الاحتلال على إقامة سياج إلكتروني يفصل مزارع شبعا عن المستوطنات الصهيونية.

وعملت الورش الإسرائيلية بتاريخ 7/11/2000 على تغيير معالم الطريق المحاذية للسياج الشائك في مستوطنة مسكاف عام التي تفصلها عن بلدة العديسة اللبنانية وجعلها مرتفعة للحيلولة دون رؤية السيارات التي تتحرك في المستوطنة، كما عمد جيش الاحتلال إلى إقامة غرف من الباطون المسلح بسماكة سبعين سنتمتراً لتكون مواقع محصنة لجنود العدو، كما أقامت الفرق الهندسية الصهيونية سياجاً حول مستوطنة كريات شمونة يمتد من مستوطنة المطلة إلى جبل الشيخ.

وبتاريخ 9/11/2000 أخلى جيش الاحتلال موقع البلانة الواقع شمالي موقع الحماري وسحب عناصره وآلياته إلى داخل موقع الحماري، وعزت مصادر أمنية السبب إلى الأوضاع الأمنية السائدة في المنطقة في أعقاب المخاوف الإسرائيلية من عملية خطف جديدة لجنود آخرين ينفذها حزب الله.

وشرع الكيان الصهيوني بتاريخ 15/11/2000 بإقامة سياج أمني حول مستعمرة كريات شمونة، ويبلغ طوله عشرة كيلومترات، وبجانبه طريق أمنية لمرور الدوريات، وأوضحت صحيفة معاريف أن هذه هي المرة الأولى التي يقام فيها سياج أمني حول إحدى المستعمرات، حيث جرت العادة على إقامة سياج أمني حول مستوطنات صغيرة تقع مباشرة على الحدود مع لبنان، وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان طالب ضباط في القيادة الشمالية في جيش الاحتلال بإقامة هذا السياج.

وانساق هذا الإجراء أيضاً على مستعمرة المطلة التي أقام الاحتلال سياجاً أمنياً حولها مع شبكة طرق دائرية تطوقها من جهة الحدود اللبنانية. واستحدث العدو لذلك ثلاثة طرق متوازية وأقيم خلف كل طريق ساتر من الأسلاك الشائكة فضلاً عن نظام إنارة وإنذار كل عشرين متراً، كما أقيمت شبكة من أبراج المراقبة وعبر مسافة بلغ طولها 15 كيلومتراً، ويفصل بين الأبراج مسافة لا تتجاوز 50 متراً، وتم تركيز عدة كاميرات فيديو للمراقبة في المرتفعات المشرفة على المستعمرة فضلاً عن سلسلة من الرادارات الحديثة داخل مواقع ضخمة أقامها الاحتلال في تلة مرتفعة تدعى "تلة الرياق" تحوي أيضاً أجهزة تنصت ودبابات من نوع ميركافا ومنصة صواريخ ومدفعية مباشرة ومهبط للمروحيات.

وفي السياق نفسه نقلت معاريف عن مصدر صهيوني أمني رفيع المستوى قوله إنه "بسبب الوضع تقرر في القيادة الشمالية نقل مقاتلي وحدة "إيغوز" (التي تلقت أقسى الضربات على يد مجاهدي المقاومة الإسلامية) إلى الحدود الشمالية فتقديراتنا أن القتال سوف يتواصل هناك من جانب حزب الله، وهؤلاء الجنود هم الأكثر أهلية لهذه المهمة".

وقالت الصحيفة إن حزب الله نشر صواريخ مضادة للدبابات من طراز "ساغر" حول مزارع شبعا على بعد عشرات الأمتار فقط من المواقع الإسرائيلية مشيرة إلى أن مواقع الرصد الإسرائيلية لاحظت بتاريخ 17/11/2000 حركة كبيرة في مواقع حزب الله وقيام عناصره بنصب راجمات الصواريخ قرب قرية الغجر وموقع "توليب" غير البعيد عن كيبوتس "دان". وأضافت معاريف أن "حزب الله كان إلى وقت قريب يكتفي بالمراقبة وتسيير دوريات، ولكن الآن أصبح بإمكان سكان المطلة أن يروا رجال حزب الله المسلحين ببنادق كلاشينكوف يجولون على بعد عشرات الأمتار من المستوطنة.

وأعلنت إذاعة العدو أن قيادة جيش الاحتلال شكلت لجنة تحقيق ثانية برئاسة الضابط المتقاعد يوسي بيليد لإعادة التحقيق في كيفية حصول عملية خطف الجنود الثلاثة، والأسباب التي أدت إلى نجاح العملية على الرغم من الإجراءات العسكرية الجوية والبرية.
07-تشرين الأول-2015
استبيان