المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

حزب الله حقق ما فشلت في تحقيقه كل الأنظمة وكل الحركات التحررية في الوطن العربي

نص رسالة الاسير القنطار الأخوات والأخوة الحضور لقد وصلنا إلى هذا اليوم حيث نقف أمام ظاهرة فريدة وطاهرة في هذا العصر الحديث. ظاهرة انتصارات متتالية، تُوّجت بالنصر الاستراتيجي التاريخي، نصر الوعد الصادق.‏

إننا عندما نتحدث عن ظاهرة فريدة فإننا نقصد هذا الحزب الطليعي الذي تمتد جذوره عميقاً في التاريخ والذي يستند إلى نهج ثابت غير متعرج لم يشهد انحداراً يوماً بل تصاعداً، وخصوصاً بعد محطات تاريخية مهمة وبارزة في مسيرة هذا النهج. إنني وبصدق أقول وبعد ثلث قرن من انخراطي في العمل الوطني عاصرت خلال تلك المسيرة الكثير من الحركات التي منها من صعد وتلاشى، ومنها من تذبذب وانحدر، ومنها من بقي يراوح مكانه فاقداً القدرة على الإبداع والانطلاق متخبّطاً في أزمات فكر ونهج وعطاء. وقيادة الحزب الوحيد الذي بدأ ببعض الرجال المؤمنين الصادقين وتعرض لأشرس الحملات السياسية والإعلامية وبقي مصراً على الثبات وتقوية عوده وتطوير قدراته والاستفادة من تجاربه وتجارب غيره، وترسيخ أرفع القيم في صفوفه، والتحامه مع جماهيره ليس بالشعارات التي تدغدغ العواطف بل بتقديم كل العون لهذه الجماهير وتوفير كل وسائل الإبداع والأهم تقديم الأرواح والدماء لحمايتها والدفاع عن كرامتها وعزتها. الحزب الذي أشهد أن قيادته تمتلك التواضع والشجاعة والحكمة والثبات والصدق، هو حزب الله.‏

إن حزب الله أيها الإخوة حقق ما فشلت في تحقيقه كل الأنظمة وكل الحركات التحررية في الوطن العربي، مع احترامي الشديد لعطاءاتها وتضحياتها. لكن الأمور دائماً في خواتيمها، وإن كانت الطريق ما زالت طويلة لكن خواتم المراحل تؤكد صحة ما نقول.‏

لا أخفيكم أن نقاشات دارت وتدور حول هذا الموضوع والبعض يعتقد أن الدعم المادي الكبير الذي يتلقاه حزب الله جعله يملك ترسانة عسكرية حققت له النصر الأخير، هذه النقطة نملك الحجة لنفيها كسبب وحيد في الثبات والتقدم والانتصار. نعم، إن الإمكانات المادية عامل مهم لتحقيق الأهداف لكن الإمكانيات تبقى عاملاً واحداً فقط لأنها لو كانت الأساس الوحيد، فلماذا إذاً عام 1982 سقط الجنوب خلال أيام معدودة إذا لم يكن ساعات، وبعد السقوط بقيت لأسابيع قوافل شاحنات العدو تنقل الصواريخ والذخائر والأسلحة التي غنمتها إلى داخل فلسطين المحتلة.‏

البعض الآخر يقول إن انتصار حزب الله الأخير يعود إلى درجة الاستعداد المتدنية لدى جيش العدو وتخبط قيادته وعدم وضع الخطط الصحيحة أو على الأقل عدم وضوحها. هذه النقطة أيضاً نملك الحجة لدحضها حيث إنني كمتابع لمجريات حرب تموز بدقة وبكل التفاصيل التي نُشرت وأُذيعت خلال الحرب وبعدها، أستطيع التأكيد أن القول بأن جيش العدو لم يكن جاهزاً هو ادعاء باطل ولا أساس له. فقرار الحرب تم اتخاذه وكما بتنا نعلم جميعاً في آذار عام 2006. إذاً قرار الحرب لم يكن وليد ساعات قليلة، وبالتالي استدعى زج جيش لتنفيذ قرار لحظي ليس جاهزاً لتنفيذه. ثانياً إن ألوية النخبة الأساسية المعادية التي اندفعت في هذه المعركة هي دائماً جاهزة لأن مهمتها الأساسية تكمن في الحفاظ على خط الجبهة لمدة 72 ساعة في حال تعرض الكيان الغاصب لهجوم الجيوش العربية مجتمعة حتى يتم استدعاء الاحتياط. لذا لا يمكن ولا بأي شكل القول إن الجيش الإسرائيلي لم يكن جاهزاً على الأقل في ما يتعلق بألوية النخبة النظامية. وعموماً فإن هذه الألوية ومنذ اندلاع انتفاضة الأقصى تخوض مواجهات عنيفة مع المقاومة الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة، أي إنها لم تكن نائمة في ثكناتها. أما في ما يتعلق بتخبّط القيادة العسكرية وعدم وضوح الأوامر العسكرية وتغيّرها من لحظة إلى أخرى، فهذا لا يعود إلى غباء القادة العسكريين لجيش الاحتلال بل إلى الثبات والصمود والمفاجآت التكتيكية للمقاومين الشجعان في الميدان، ما استدعى تغيراً متواصلاً في الأوامر والخطط لدى جيش العدو حتى وصل إلى دخول مرحلة التجربة والفشل وهكذا دواليك على مدار الحرب، وإنه لم يجد بديلاً غير ذلك. ولا يستطيع أن يملك بديلاً غير ذلك. لذا أعود وأؤكد أن هذا النصر كان بفضل وجود حزب ثابت وقوي ومخلص لشعبه ووطنه وأهله وأمته وبرنامجه، وبفضل وجود هذه القيادة الحكيمة الصادقة والشجاعة والمخلصة وفي مقدمها سماحة السيد القائد حسن نصر الله.‏

أيها الحضور الأعزاء‏

إن المتتبع للأوضاع الداخلية اللبنانية لا يمكن إلا أن يربطها في سياق أكبر وأوسع مما يدور داخل البلد، ولقد تناولت هذا الموضوع مطولاً في رسائل سابقة ولن أكرر ما هو معلوم للجميع. لكنني في هذه المناسبة أؤكد أن فريق بولتون اللبناني لا أمل في إقناعه بالعودة إلى ضميره وشعبه ووطنه. إن هؤلاء الذين يستغلون حرصنا الشديد على عدم الانجرار إلى الفتنة المذهبية ويستمرون في السير في مخطط ربط لبنان بالحلقة الأميركية الصهيونية لن يتوانوا عن اللجوء إلى تفجير الوضع أمنياً، وخصوصاً عندما نقترب من موعد الانتخابات، مبكرةًَ كانت أو في موعدها الرسمي، لأنهم ألقوا بكل أوراقهم وراهنوا على كل مصيرهم السياسي ولم يتركوا لأنفسهم خط الرجعة. من هنا أؤكد أنه وبقدر حرصنا على ضرورة تجنيب بلدنا دوامة الدخول في حرب داخلية بقدر ما يجب أن نكون مستعدين للتصدي لأي محاولة تفجير للوضع الداخلي وأن ننتهي في حال حدوث ذلك مرة والى الأبد من هذا السرطان الذي ينخر في جسم الوطن منذ عقود. ولنتذكر جميعاً أننا لن نكون وحيدين، فهناك الكثيرون ممن لن يسمحوا لهذه الحفنة بأخذ البلد إلى مستنقع الدم والارتهان للمشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة. وفي المقابل هذه الحفنة لن تجد بوش ولا شيراك مستعدين لتقديم نقطة دم واحدة للحفاظ على وجودها.‏

إن الدول الغربية تميز جيداً بين الحليف والتابع المرهون. أما القول الذي سمعناه أخيراً والذي يتهم حزب الله بأنه أصبح عبئاً على لبنان، أقول حقاً أيها الإخوة هزلت هزلت، انظروا من يتكلم عن الشرفاء. إن لبنان لم يكن يوماً أكثر قوة وكرامة وعنفواناً ومرفوع الرأس كما هو اليوم. وهذا بفضل حزب الله وحلفائه وجماهير المقاومة. نعم إن المقاومة كما كانت في السابق هي اليوم عبء على الكيان الغاصب ومن لفّ لفّه وستبقى كذلك. وإن لم تكن السنوات الماضية كافية، فإن الأشهر والسنوات القليلة جداً المقبلة ستثبت لهؤلاء من يسير في اتجاه التاريخ ومن هم خارج صفحات كل التاريخ.‏

أما في الموضوع الفلسطيني، فإنني أؤكد أن خيار المقاومة سيبقى هو الخيار الثابت والوحيد لهذا الشعب الاستثنائي والعظيم، وما عملية الزحف التسويقية التي نشهدها لخيارات الاستسلام للصهاينة إلا محاولة جديدة من الإدارة الأميركية لكسب الوقت. فلسطين ستبقى قبلة الأحرار في كل بقاع الأرض، وحق كل فلسطيني في العودة إلى فلسطين التاريخية لا فقط الضفة وغزة، هو حق شخصي ثابت راسخ لا تنازل عنه ولا يسقط بالتقادم أو بالتعويض.‏

أيها الحضور الكريم، في نهاية رسالتي اسمحوا لي أن أنحني إجلالاً وإكباراً لشهداء الوعد الصادق، لهؤلاء الأبطال الذين وبحق أحسدهم على هذه المكانة الرفيعة التي استحقوها بجدارة.‏

اسمحوا لي أن أتوجّه بتحيات قلبية إلى رجال المقاومة الشرفاء وأعدهم أن أكون معهم على الثغور بعد انعتاقي من الأسر. وأتوجه بتحية وفاء إلى قيادة المقاومة وفي مقدمها القائد الحبيب الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله. والى فخامة الرئيس إميل لحود. وأتوجه بالتحية إلى جماهير الوعد الصادق في كل المناطق وأحيّي شجاعتها وأصالتها ولا أنسى أن أحيّي قوى وأحزاب المعارضة الوطنية اللبنانية.‏

وأبعث بالتحية والتقدير إلى فلسطين وشعبها المقاوم المرابض، إلى العراق المقاوم المنتفض في وجه المحتلين، إلى سوريا قلعة العروبة، والى الجمهورية الإسلامية في إيران، والمناضل تشافيز في فنزويلا، وكل معسكر رافضي الهيمنة الأميركية الصهيونية وأعاهدكم أن تكون هامتي مرفوعة وقامتي قوية لا تلين.‏

أطيب تمنياتي، الأسير سمير القنطار، معتقل هداريم، فلسطين‏
22/04/2007
21-كانون الأول-2015

تعليقات الزوار

استبيان