المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

مناجاة.. في يوم الشهيد

 

من أيّ مشهد أبدأ يا أبي، وفي أيّ صورة أرسمك؟ وقد تعملقَت صورتك في داخلي حتى باتت كلّي.
بحثتُ بين الألحان عن لحنٍ يشبهُك، فاهتزّت كل الأوتار تقدّم أنغامها! لكن... لا لحنَ يشبهك؛ وأنت المعزوفة التي ما برحت تقاسمني حياتي، والوتر النابض في قلبي.
نادتني الطيور، تشبك ألحانها على الأغصان النديّة، زقزقة تنشج مع مواويل الألم المتدفق في داخلي، تسطّر "نوتاتها" على دفتر الأيّام، تدندن معي... أن هلمّي إليّ لنصنع تعويذة النجاة.
لا زالت قطرة الدم تفور من تحت التراب، فتلسع قلبي بلونها القاني، وتتوحّد مع جمره المتوقد حباً لك، وشغفاً واشتياقاً.. فأتشبثُ بحبّات التراب، وأمسح بها جبيني المتعرّق، فأخضّبه عزة وجلالاً من عبير تضحياتك، وتتوقف يدي عند الوجنات، فتلك الدموع أريدها أن تجفَّ على خدِّي، ليتندّى بعطر الحياة.
والدي، لا زالت عيناك في عيني ترمقُ حمرةَ المغيب، فكم كان يحلو لك أن تراقب هذا المشهد المهيب، وأنت تقول لي "سأغادر يوماً كمثل تلك الشمس، مخضّباً بحمرة دمائي". آه لذلك الأصبع الذي ما زال يشير إليها! كأنك هي.. حتى كُنْتَها! فغادرتَ مثلها، تاركاً وراءك حمرة الشفق، ولوناً أرجوانياً يهدي للشعراء شعرهم، وللناس حبّهم... ولكنك عدتَ لتشرق من جديد في كل يوم من أيّامنا، بنور لا ينضب مهما طال علينا الزمن.
في يوم الشهيد، أنا طفلتك التي كبرَت، على صورة، على رسم، على ضريح... وها أنا أجلس عند ضريحك، أشتمّ نسيم عطرك الآتي من تحت التراب، وأحدّق في صورتك أكثر فأكثر، لأكون أنا أنت... وكما تريد.
 

ماجدة ريا

11-تشرين الثاني-2016

تعليقات الزوار

استبيان