المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

خادم الشعب.. "يا هَنا من عاش عصرك"

طهران ـ ياسر رحال

يُحكي أن الإمام الخميني(قده)، قرّر في أحد الأيام الباردة إيقاف التدفئة من منزله في "نوفل لا شاتو" الباريسية.. يومها كان الثائرون يواجهون في الصقيع أعنف جهاز استخبارات مدعوم من الموساد والـ CIA، والذي ارتكب أفظع الجرائم بالرصاص الحي ونكَّل بالمتظاهرين.

وعند سؤاله عن السبب، أجاب: "لا أرضى أن أجلس قرب المدفأة والشعب الإيراني في الشوارع.. والغاز مقطوع عن المنازل، يجب أن أعيش معهم"، وهكذا بقي الإمام وفياً للشعب الذي كان وفياً للثورة.
يوم عاد إلى طهران، قرر الذهاب إلى "بهشت الزهراء" (جنة الزهراء) بمجرد أن وطأت قدماه الأرض، وهي الروضة التي تضم أضرحة الشهداء المدافعين عن تلك الثورة المباركة، ومن أمام أضرحتهم رفع أصبعه وأطلق مقولته المشهورة: "أنا.. وبالسلطة الممنوحة لي من الشعب سأعين الحكومة".
وقد كرست بلدية طهران هذا المشهد بمنحوتة في المكان الذي جلس فيه الإمام الخميني(قده).

في العادة يذهب الزائر إلى أي بلد ليشاهد معالمها التاريخية، وآثارها، إلا في طهران، فأول ما يشدك هو قصور الشاه، فترى فيها مقدار الطاغوتية التي كانت تحكم هذا الشعب؛ إذ يحتل قصر نياوران مساحة ضخمة، ويضم الصرح قصرين، أحدهما قديم الطراز، والآخر حديث البناء على النمط الاوروبي.
القصر القديم قيد الترميم، سيما وان سقفه قد تعرض للتلف بفعل مرور الزمن، أما الجديد والذي تنتصب أمامه أرزة يقال أن أحد الرؤساء اللبنانيين قدمها هدية للشاه ليزرعها في قصره، فيشتمل على قاعات استقبال ضخمة، بالإضافة إلى غرف الأطفال والعائلة وبينهما غرف الخدم.
فساتين فرح ديبا، زوجة الشاه محمد رضا، لا تزال معلقة مكانها، وكذلك بزات الشاه العسكرية والمدنية.. قاعات الطعام والتسلية، مرآب يضم بعض من السيارات والدراجات النارية التي كان يمتلكها الشاه واولاده.

بين نياوران وجمكاران

مباشرة، وبعد تلك الزيارة الخاطفة، تبحث عن منزل قائد الثورة التي أذلت هذا الطاغوت، فإذا بك تدلف إلى "زاروب" يصل إلى منزل يتكون من ست غرف، ثلاث منها للحرس والاستقبال، واثنتان تعيش فيهما عائلة مفجر ثورة القرن العشرين.
في إحدى تلك الغرف التي خصصها الإمام لأعماله اليومية، كان يستقبل المسؤولين والمراجعين، بل ورؤساء الدول ومندوبيها.. تلك الغرفة نفسها استقبل الإمام وزير خارجية الاتحاد السوفياتي، لدقائق، غادر بعدها تاركاً شيفرنادزة في حيرة من أمره.. ماذا يفعل؟..

هذه الغرفة لا تزال على حالها، كما تركها ساكنها... المرآة على الجدار، أشرطة التسجيل، الراديو، الصورة المنسوخة عن اللوحة المزعومة للرسول الأعظم(ص)، وقد أضيف إليها سجادة تحمل رسماً لنجل الإمام السيد أحمد، وهو عند رأسه لحظات عروجه الشريف نحو الملكوت.
زرافات تأتي الوفود من أقطار العالم لتشاهد بساطة عيش هذا الرجال الذي تولّى قيادة دولة تمتلك أهم احتياطات الغاز والنفط في العالم.
تدخل إلى الحسينية، التي كانت مقر التعبئة والخطابة، فإّذا هي على بساطتها كما كانت أيام الإمام، وكأن الزمن توقف مع رحيله، كاميرا النقل المباشر، كرسي الإمام، حتى سجادها لم يتغير.
الغرفة التي كانت مخصصة على يمين الحسينية كعيادة طبية للإمام تحولت إلى مستشفى تخصصي للقلب، يعالج فيها كلُّ المحتاجين.


"خادم الشعب" لم يتغير، وكذلك الشعب الذي بقي وفياً لقائده، لم يخذله وعند كل الملمات يبقى حاضراً، ناصراً، مدافعاً عن نظام الجمهورية الاسلامية التي ترجع إليه عند كل مفصل ليدلي بدلوه في الاستفتاءات التي جاوزت الثلاثين كما عمر الثورة.
ومع مغادرتنا لبيت الإمام (قده) نردد كما كنّا: "يا هنا من عاش عصرك".

04-تشرين الثاني-2017

تعليقات الزوار

استبيان