المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

زهرة شعيب: المرأة النموذج في المجتمع المقاوم..

التمرد والتحدي والإلتزام سماتها الأساسية. واكبت حكايا الصبر والصمود مع بدايات الحركة المقاومة للمحتل الغاصب في جنوب لبنان، دون أن يغيب ذكر الشيخ راغب حرب عن تفاصيل تاريخها النضالي.

من فكرها المقاوم بلّغت رسالتها، فكانت مهمتها الدائمة توعية البيئة الجنوبية وحثها على رفض الاحتلال في وقت ذل فيه العرب ورفعوا الرايات البيضاء ونثروا الورد والأرز على جرافات الصهاينة تجتاح أرضنا.

منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، تعقبت الأسيرة المحررة زهرة شعيب خطابات قائد الثورة الإسلامية الإمام روح الله الخميني، فكانت بمثابة البوصلة والموجه إلى الطريق الصحيح، وطبقتها في أدق تفاصيل حياتها.

في رحلة عودتها إلى الجنوب ابان الاجتياح الإسرائيلي للبنان، لم ترهبها غطرسة الجنود الصهاينة على طول الحواجز الملقاة على الطريق، آمنت بضرورة الالتزام بكافة أشكال المقاومة، ليس فقط من خلال حمل السلاح، بل وان كانت المقاومة بملامح غاضبة أو قاسية تظهر على وجهها. ففي احدى المرات واجهت زهرة جنديا صهيونيا على حاجز الاولي، وقالت له: "انت واحد ظالم ومحتل (..)" وظلت ترددها حتى رفع بندقيته في وجهها، وردت بوجهه متحدية : "اذا رجال بتقوص، انتو شفتو المستسلمين بس ما شفتو بعد المسلمين".

بعد وصولها إلى قرية الشرقية، وجدت زهرة ان ملامح ابناء الجنوب تظهر صدمة وحيرة. لم يعرفوا بعد من أين البداية في وقت وصل فيه العدو الى منازلهم. فقصدت منزل الشيخ راغب حرب الذي أشار إليها بضرورة المساهمة نشر الفكر التوعوي بين الجنوبيين في كافة القرى.

بدأنا من الغازية، بعدد قليل من الأخوة والأخوات فكنا نضع خططا لتوزيع الادوار وتأمين انتشار واسع وآمن، في ظل تواجد مكثف للعملاء. فكانت مهامي تتوزع من الغازية وصولا إلى شقرا، واتخذت من سيارتي منزلا متنقلا مع أولادي الثلاثة. وفي كل بلدة كنت انظم مجموعة مركزية من الأخوات لنشر الفكر المقاوم بين الناس، بدءا من محاربة البضائع الصهيونية وحث الجنوبيين على مقاطعتها، كوجه من أوجه المقاومة.

وتحكي زهرة طرافة كبار السن في الجنوب آنذاك، في حادثة جرت معها، وهي في طريقها إلى بلدة الشهابية، حيث التقت بتاجر يبيع بطيخا إسرائيلياً، وقالت له: "انا اذا اسرائيلي ما باكل"، والتفتت إلى حاجة تشتري بالقرب منها، وقالت لها: يا حجة هاي حرام تشتريها هاي اسرائيلية، فاجابتها: يا حبيبتي هلق بطهرها، وردت عليها زهرة لتوجه لمن حضر رسالة رافضة للتطبيع مع كيان العدو: "لأ حرام تدفعي حقا عم تدفعي حق قذيفة تضربنا فيا "اسرائيل"".

ولأن عاشوراء مدرسة للفداء والكرامة، كانت دعوة الإمام الخميني بان يكون الجنوب ساحة حارة لإحياء عاشوراء وضرورة رفع الرايات السوداء في كل البيوت، وقد حرصت زهرة على التطبيق الحرفي لدعوة الإمام، فلم تترك قطعة سوداء في السوق إلا واشترتها، لتتشح جدران القرى الجنوبية بالسواد، ولتنتشر الرايات السوداء على كل شرفة او سطح منزل، دون ان تغفل زهرة عن تداول إقامة مجالس العزاء الحسينية في ساحات القرى الجنوبية، لتأمين أكبر قدر ممكن من المشاركين.

وتحكي زهرة ملابسات لقائها به بعد أن دعاها إلى منزله، يومها أظهرت أمامه شجاعة قل نظيرها، فهي لن تخسر شيئا لأن النتيجة شهادة في سبيل الله. فعند وصول زهرة إلى منزل العميل، وجه إليها بندقيته، فما كان منها إلا أن رفعت مصحفا كان بحوزتها في وجهه، قلئلة: سلاحي أقوى.

في برعشيت، اعتقلت زهرة من قبل جنود العميل عبد النبي، بعد ان كانت قد أعارت سيارتها إلى مجاهدين لتهريب السلاح إلى الجنوب، ما أثار شك الجنود الصهانية حينها. تنقلت زهرة من معتقل إلى آخر في لبنان، في رحلة صعبة فرض الإحتلال فيها وحشيته عليها، إلى ان وصلت إلى المعتقل المركزي في فلسطين المحتلة لتقضي 5 أشهر هنالك.

رفضت زهرة خلال اعتقالها الإعتراف بأي معلومة حول المقاومة في الجنوب، فكانت تلفق لهم الروايات وتقدم لهم اسماء غير معروفة لتبعدهم عن اي معلومات حقيقية يمكن ان تشكل معرفتها خطرا على المقاومة.

وجهت زهرة، خلال التحقيقات، رسائل هامة إلى العدو، وأكدت ان السلاح الفاعل في الجنوب هو الفكر المقاوم والجهادي، قالت مرة لأحد الجنود : سنجلس في بيوتنا ونلبس اكفاننا وننتظر منكم القذائف، لنضمن في ارضنا قبرا يحوينا ونؤكد لكم تمسكنا بأرضنا.

ركز جنود العدو خلال فترة الاعتقال على التعذيب النفسي، حيث وضعت موثوقة اليدين لأيام في صندوق إحدى السيارات، وكانوا يرسلون جنودا ليرغموها على الكلام في هذا الوقت الصعب، وهي تردد : "يا زهراء " "يا زينب " "يا الله"، كما تروي رحلة نقلها من معتقل صيدا إلى معتقل في صور، والتي اتسمت بصعوبتها ومشاهدها الوحشية.

اطلق العدو سراح زهرة بعد أن يئس من انه سوف يستفيد منها فعادت إلى حركتها الجهادية، لتكمل طريقا لم تتوقف يوما عن انتهاجه، وصلت إلى بلدتها واستعادت قواها لتبدأ من جديد رحلة اعلاء الفكر المقاوم في وجه التخاذل والإستسلام.

                                      من الاعتصامات التي كانت تقام بوجه المحتل الصهيوني عند أي اعتقال لمجاهد أو عالم

                                                                                    المشاركة النسائية في الاحتجاجات ضد الاحتلال الصهيوني

23-أيار-2018

تعليقات الزوار

استبيان