المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

لاءات الإمام الخامنئي... ’هوامش’ للداخل وخطوط حُمر للخارج

حمزة الخنسا

رسم آية الله العظمى الإمام السيّد علي الخامنئي حدوداً جديدة للعبة مع الولايات المتحدة الأميركية. أطلق لاءاته في اتجاهين داخلياً وخارجياً. ففيما كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب تمارس سياسة التناقضات في سلوكها مع إيران، جاء ردّ السيد الخامنئي حاسماً ومبدئياً: لا تفاوض مع واشنطن ولا حرب معها أيضاً.

 في إيران، فُهم الموقف على أنه مرحلة جديدة يطلقها "قائد الثورة". إذ لم يعد مقبولاً بعد اليوم وجود خطاب داخلي ينادي بالتفاوض مع واشنطن. قال بلغة أخرى فهمها الداخل جيداً إن تجربة التفاوض مع أميركا من بوابة الملف النووي الإيراني انتهت بفشل ذريع. الفشل شخّص مكامنه الرجل بوضوح، فـ" أميركا لن تفي أبداً بتعهداتها في المحادثات وهي لا تقدّم سوى كلمات جوفاء، وسلوكها خلال السنة والنصف الماضيين أصبح أكثر وقاحة ولا يراعي الآداب الدبلوماسية".

المهلة التي فَسَحها القائد الأعلى للقوات المسلحة في الجمهورية الإسلامية، أمام التيار الداعي للتقارب مع الغرب انتهت. خطاب الاثنين حمل تأكيداً على هذا الأمر، مدعّماً بتذكير لموقف مماثل كان آية الله الخميني قد أطلقه في مرحلة سابقة.

إعلان انتهاء "التجربة الأميركية" لا يعني التخلي عن حكومة الرئيس حسن روحاني، التي رفعتها شعاراً فازت بموجبه في الانتخابات مرتين متتاليتين. حصّن الإمام الخامنئي الشيخ الرئيس. قال إن "مَن يدعو الى استقالة الحكومة كمن يلعب دوراً في خطة الأعداء"، مؤكّداً أن الحكومة "يجب أن تبقى وتكون قوية وتمارس وظائفها في حلّ مشاكل الشعب".

"مشاكل الشعب" هي الكلمة المفتاحية في الخطاب الأخير، حدّد السيد الخامنئي بوصلة حكومة روحاني عبره. اعتبر أن العقوبات على إيران "لن تؤثر كثيراً لو كان أداء المسؤولين أفضل وأكثر تدبيراً وقوة وفي التوقيت المناسب".

خارجياً، أتى موقف الإمام الخامنئي الرافض للتفاوض مع واشنطن إثر دعوة مفاجئة وجهها ترامب للتفاوض غير المشروط مع طهران. قرأ الإيرانيون الدعوة تلك في سياق متناقض مع المسار التصعيدي الاميركي تجاههم، بدءًا من الانسحاب من الاتفاق النووي وصولاً إلى إعادة تفعيل العقوبات ضد إيران.

لا يفصل الإيرانيون الدعوة تلك عن حاجة ترامب الداخلية عشية الانتخابات النصفية مطلع تشرين الثاني المقبل. يعتبرون أن الرئيس الأميركي يريد عبر "دعوة السلام" تلك، مخاطبة الرأي العام الأميركي بما يعزز فرص نجاح مرشحي الحزب الجمهوري. هذا من جهة، أما من جهة أخرى لا يفوت الإيرانيين محاولة ترامب إحراجهم أمام المجتمع الدولي، وهو المتيقن من استحالة تعامل طهران مع دعوته "الملغومة".

في هذا الإطار، جاء الرد الإيراني الواسع الرافض لتلك الدعوة والقائم في الأساس على عدم الثقة بترامب وإدارته. وفي هذا الإطار أيضاً يمكن وضع تصريح وزير الخارجية في حكومة روحاني، محمد جواد ظريف، الذي أكّد أن "عرض ترامب للحوار مجرّد دعاية".

الخطوط الحمر الخارجية التي رسمها السيد الخامنئي في خطابه الأخير، مبنية على قراءة إيرانية معمّقة لسلوك ترامب حيال طهران. يقول الإيرانيون إن الإدارة الأميركية منذ تسلّمها مهامها وضعت إيران في مرمى نيرانها كعدو أول لها في المنطقة، وهي تعمل على احتواء نفوذها والسعي لعزلها من خلال حزمة من السياسيات، بدأت بالانسحاب من الاتفاق النووي تمهيداً لإعادة تفعيل العقوبات، وصولاً، تحت ضغط العقوبات، إلى تخيير طهران بين أمرين: عدم الاستقرار أو الرضوخ للشروط.

لا يقرأ الإيرانيون أي تحرّك أميركي تجاههم خارج هذا السياق، على الأقل في مرحلة ما بعد خطاب الإمام الخامنئي الأخير. وعليه، تبدو الجبهة الداخلة الإيرانية مقبلة على مزيد من الاختبارات الصعبة بدءًا من الاقتصاد وصولاً إلى الحرب التي شملتها لاءات السيد الخامنئي. غير أن قول "القائد" أن لا حرب مع أميركا يضعه الإيرانيون في خانة القوة لا الضعف، إذ يفسّرون القول من زاوية أن "لا جهة قادرة حالياً على خوض حرب مباشرة مع إيران".

15-آب-2018

تعليقات الزوار

استبيان