المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

‏‎عن الأزهَر الشَريف..

لوهلة ظننت أني سأدخل إلى مجمع كبير، فيه صحن كتلك الموجودة في مقامات الأئمة عليهم السلام.
‏‎ظننت أن الأزهر سيكون بناء يقطنه فقط أصحاب الجلابيات والوجوه العابسة التي لم تشهد ضحكة في حياتها. كنت أنتظر لحىً طويلة فوضوية صاحبها يظن أن عدم ترتيبها من الإيمان.
‏‎تخيلت أن المرأة هناك ستكون منقبة بكل تأكيد ولم تشهد علما في حياتها غير علوم الحوزة. وإن رأت رجلا، عبست بوجهه من دون سبب بملامح ممزوجة بالغضب، حنت رأسها وأكملت الطريق.
‏‎ذهبت وأنا أظن أن عليَّ أن أكتُمَ مَذهبي الشيعي حتى لا أرمق بنظرات التعصب أو حتى أطرد..
‏‎كنت قبل الزيارة، أعتقد أني أعرف الأزهر.. فما كنت أعرف إلا أوهام زرعت بسبب البعد والخوف من معرفة الآخر. زرعت لأننا سمعنا ولم نر، والفرق بين الحق والباطل أربع أصابع.
‏‎دخلت صرحا أكاد لا أنظر بوجه شيخٍ فيه إلا وأراه مبتسما، وجوهٌ بَشوشة تستقبل الزائرين بحفاوة وحماسٍ لتعرف العالم على الأزهر. أغلب الموجودين على عكس تصوري حليقي الذقن. دخلنا القاعة وانتظرنا شيخ الأزهر. للأسف لم يستطع الحضور لكن حضر وكيله.
مرصد الازهر
‏‎حدثنا عن الأزهر كثيرا، عن الـ ٢،٨٠٠،٠٠٠ ألف طالب الذين يدرسون فيه حاليا من ١١٤ دولة مختلفة موزعين على أكثر من ١٠،٠٠٠ مركز تدريس في مصر. حدثنا عن نبذ التطرف وأهمية التسامح والتحاور ما بين المذاهب والديانات كافة. حاورناه وسألناه عن تجديد الخطاب الديني، وأجاب بأن الأزهر يعمل جاهدا لتجديد الخطاب الديني من دون المس بجوهر الإسلام والدين. وفي الختام، كانت الجولة مع الشيخ حسن يحيى في مرصد الأزهر الإلكتروني.
‏‎مرصد الأزهر هو بالفعل صرحٌ يعطي الفرد فخر الإنتماء للإسلام.
‏‎سأتكلم عنه لكنّي أكيد لن أوفيه حقه.
‏‎أنشئ هذا المرصد سنة ٢٠١٥ م. هو عبارة عن مبنى خاص مجهز بأجهزة حديثة وفيه عدد كبير من الموظفين، بعضهم خريج الأزهر وبعضهم لا.
‏‎يقسم المرصد لعدة أفرع منها القسم المختص بمكافحة التطرف. تجد فيه متحدثين من مختلف اللغات، يجهدون على قراءة المقالات الأجنبية( الأميركية، الأوروبية، العربية..) ويبحثون داخل مواقع التواصل الإجتماعي عن أي نشاط إرهابي. بعد ذلك يستخلصون شبهات يطرحها الإرهابيون على المجتمع ليرد عليها الأزهر بمقاطع فيديو أو صور أو.. ويروج لها. تعطي هذه الدراسات المعمقة والجدية الأزهر القدرة على التنبؤ بعمليات إرهابية قد تحدث في منطقة ما، أو يحقق حتى يصل لحالة إستقطاب وتجنيد إرهابيين. من الأمثلة التي طرحت: إستطاع الأزهر كشف حالة إستقطاب وتجنيد إرهابي داخل السجون الإسبانية، وقد أبلغ السلطات عنها.
فرع استقبال الفتاوى
‏‎من الأفرع التي لفتتني أيضا، فرع إستقبال الفتاوي. وهو قسم كبير يستقبل ما يزيد عن ٤٨،٠٠٠ ألف إستفتاء بالشهر بمختلف الطرق ومن كل العالم. قد يكون عن طريق الإتصال المباشر أو الموقع الإلكتروني أو تطبيق الأزهر على الهواتف. يرد الإتصال من المستفتي، يرد شيخ من الأزهر يكون قد أنهى علومه التي تؤهله الرد. يشرف على الإتصال أستاذ الشيخ الذي يجيب من غرفة ثانية. يستطيع الأستاذ التدخل وسحب الإتصال إن إضطر الوضع لذلك.
‏‎على المجيب أن يتقن لغة المستفتي، ويعرف عن تاريخ بلاده وتقاليدها القليل الذي يساعده في فهم جو السؤال وخلفيته ليحسن الإجابة.
‏‎كل سؤال يطرح، يدخل إلى برنامج ويقسم حسب، المنطقة، العمر، اللغة، السؤال(إجتماعي أسري، علاقات عامة، معاملات..) ووو.. وتظهر كل تلك النتائج أمام المشرف بشكل مباشر ليستخلص منها مشاكل إجتماعية كظاهرة الطلاق في منطقة معينة مثلا. فيدرس البيانات المحفظة والمقسمة ويستخلص منها أسباب الظاهرة ليعالجها.
‏‎هناك عدة أقسام لم أتحدث عنها بعد.
القدس.. وفلسطين
‏‎أردت بعد تلك الجولة أن أطرح أسئلة على الشيخ حسن عن عقيدة الأزهر اتجاه القضية الفلسطينية.
‏‎-"هل أنتم مع حل الدولتين مثلا؟ أو معاهدات سلام؟"
‏‎-"أبدا، موقف الأزهر واضح وعلني. الأزهر لا يؤمن إلا بزوال الكيان الصهيوني!"
‏‎سُررتُ لذلك الجواب الذي لم أتوقعه. ومن هنا أخذت الجرأة لأقول:
‏‎-"أنا بصراحة لست سني، بل شيعي من جنوب لبنان. لكن فعلا أفتخر بهذا الصرح كمسلم بعد الذي رأيته"
‏‎بعد تلك الجملة لم أستطع التكلم من كثرة التأهيل والترحيب بي، مشددا على أن الشيح أحمد الطيب(كبير الأزهر) كثيرا ما يتمثل في وفوده شيعة. وكرر كثيرا أن كل لعبة تخويف السنة والشيعة بعضهم من بعض هي لعبة أميركية هدفها بيع الأسلحة ليربحوا هم ونخسر نحن.
‏‎فعلا، لقد نجحوا في التفرقة حتى التقينا وسمعنا بعضنا. في تلك اللحظة، مع كل نقاش وحوار، كنا نسقط مشروع تفرقتهم.
 

مهدي مقدم

04-تشرين الثاني-2018

تعليقات الزوار

استبيان