المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

في الإعلام والحرب الثقافية

تتشكل صورة المجتمعات من محتواها الثقافي، وتُبنى منظومتها القيمية من العقيدة التي تنتمي إليها او تتبعها. وفي ظل صعود الإيديولوجيات وتقديمها نفسها كبديل عن المستعمر الذي يبتغي نهب ثروات الشعوب، كان دور الاستخبارات المركزية الاميركية شيطنة العديد منها.

الامثلة كثيرة.. من أميركا اللاتينية، إلى منظومة الدول الاشتراكية، إضافة إلى بعض الدول العربية، ومع صعود الحالة الإسلامية إلى الواجهة مع الثورة الاسلامية في إيران، تحول الاهتمام الغربي والأميركي تحديداً إلى مواجهة الثورة الفتية، وما تحمل من منظومة قيم جسدتها انتصاراً على أرض الواقع، وشكلت حكومتها الغير منتمية لا إلى الشرق ولا إلى الغرب.. بل جمهورية إسلامية.

شكل انتصار الثورة في إيران نبضاً تدفق في عروق الحركات الاسلامية عموماً، فخرجت لتقدم نفسها على الساحة معتمدة على نجاح التجربة الإيرانية. فكانت المخابرات المركزية الاميركية بالمرصاد للعديد منها، قتلاً، اختراقاً، حرفاً عن البوصلة.. كما عادة المستعمر المستكبر بمواجهة المستضعف. وكشفت العديد من الدراسات والكتب والابحاث مدى تغلغل مكاتب الاستخبارات في العالم في تفاصيل المجتمعات.. سيما في الدول التي تشكل خطراً على "الغدة السرطانية" التي زرعها الاستعمار البريطاني ولاحقاً الأميركي في وسط المنطقة العربية.

وفي خضم المعارك الباردة والساخنة، ومع غياب أي نجاح عسكري في مواجهة حركات المقاومة، برز النشاط الثقافي عبر وسائل أخرى أبرزها الإعلام.

موّلت قنوات، ودُرب العديد من الإعلاميين، على حساب الخارجية الأميركية وفعلياً على يد الاستخبارات المركزية.. لن ندخل في أسماء حتى لا نخوض سجالا يحقق هدف هؤلاء.. سنكتفي بالإشارة إلى آداة التاديب المعتمدة والابرز وهي قمع كل من يواجه إعلامياً إما بتهم معاداة السامية، أو بحجبه عن الاقمار الصناعية أو شبكات التواصل الاجتماعي.

رغم كل هذا الحصار نجح المتصدون للهجوم الإعلامي باختراق معظم الساحات، فلجأ العدو إلى مواجهة من نوع آخر..ضرب القيم في مجتمعات الرافضين للاستعمار الثقافي.

فكان ابتداع سلسلة من البرامج التي تشغل الأفراد بقضايا البعض منها كما يقول الحديث: "كلام حق أُريد به باطل" والبعض الآخر شبهات لذر الرماد في العيون..تارة تحت مزاعم حقوق المرأة، وطوراً حقوق الطفل، وبينهما حقوق وواجبات كفل الشرع معظمها بأفضل من مما يقدم المشرّع الوضعي..أما الفضائحية والإثارة زالكذب لجذب المتابعين فهي لعبة قديمة.
 
"صدقوني..أنا أكذب".. هو من أكثر العروض التقديمية فضحاً لدور الإعلام في تضليل الجمهور.. يتحدث فيه أحد الإعلاميين الاميركيين عن كيفية صناعة خبر من لا شيء وجعله الخبر الأولى ومدار اهتمام الإعلام لشغل الرأي العام بأمور غير حيوية وحرف الانظار عن المواجهة الحقيقية.

وفي ظل عدم الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية، ومع الدفق المالي الهائل لهكذا إنتاجات، ومع جيل معدي "التقارير الصفراء"، ومع غياب أي محاسبة للتركيب الذي يجري في بعض التقارير فضلاً عن الكذب في بعضها الآخر، بات من الواجب التصدي لهذه الحالات.

اما كيف وعلى أي أساس فهو ما يحتاج إلى جيل مواجهة مدرب ومثقف وقادر على كشف التدليس، والتصدي للشبهة، وفضح الكذب.

أما الادوات فهي متاحة، والمنصات كذلك.. يبقى استعدادنا لهذه المواجهة، فهل نلتفت إلى أن وسائل التواصل ليست فقط للرصد، ونشر النوستاليجيا، وتضييع ساعات وساعات في الإبحار فيها بل هي جبهة متقدمة يمكن هزيمة الاعداء فيها أيضاً وعلى الصعد كافة.

ياسر رحال

08-تشرين الثاني-2018

تعليقات الزوار

استبيان