المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

انهيار لبنان.. "خط العتبة" في كلام السيد نصر الله

مريم رضا
لم يمضِ أسبوع على صدور مقال جهاز الاستخبارات الإسرائيلي بعنوان "في رأس نصر الله"، حتى قدّم الأمين العام لحزب الله مادة دسمة لمنابر الإعلام الإسرائيلية والمكاتب السياسية الأمريكية على حد سواء لتحليل دلالات كلمته المتلفزة بمناسبة يوم الجريح المقاوم.

إنه لمثل معروف في الشارع العربي: "إن اللبيب من الإشارة يفهم"، وما أطلقه السيد نصر الله من مواقف سيشغل كل عناصر لواء الأبحاث في الفريق الاستخباراتي، أمان، المهووس بمتابعة السيد ٢٤ ساعة على مدار الأسبوع، لأن سمة "اللبابة" ليست من صفاتهم كما ظهر في تقريرهم الاستخباراتي.

بالعودة لكلمة السيد، وضع الأمين العام النقاط على الحروف، وحدد الخطوط الحمراء لكل من تسوّل له نفسه المزايدة بالأزمة المعيشية والاجتماعية الخانقة بعيدًا عن تحمل المسؤولية والتصرف العاقل الواعي. يظهر الخط الأحمر العام  في مشروع الحرب الأهلية الذي يسعى إلى إحيائه بعض تجار الأزمات، أما العتبة في كلمة السيد التي لن يتم السكوت عنها بالمطلق فهو الجوع الحقيقي ضمن مشروع خيار الانهيار الذي يستثمره الامريكي جيدا لإخضاع القوى المقاومة،  سواء في سوريا أو لبنان. إنه الفن الدبلوماسي الأمريكي في استثمار العقوبات التراكمية وخنق منافذ الحلول العملية الجدية، والمراوحة في تجميد الأزمات بالتوازي مع تحميل قوى المقاومة مسؤولية ما تؤول إليه الأوضاع باستخدام المنابر والأبواق الداخلية. إنها سياسة محاولات تفتيت الدول الممانعة من الداخل عبر الإشغال بالأزمات الداخلية والاستنزاف الاقتصادي والاجتماعي. ومن هنا، كان مساعد وزير الخارجية السابق في مكتب شوون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الامريكية، ديفيد شنكر، قد توقع منذ أيام، قبل ارتفاع سعر صرف الدولار الأخير، وجود أيام صعبة على لبنان فرجّح ازدياد الوضع اللبناني سوءًا، وجاء كلامه شهادة من داخل بيت التخطيط لتجويع اللبنانيين، وحماية الفساد وسياسات رأس المصرف المركزي الذي لن تتنازل عنه إدارة بايدن تمامًا كما لن تتنازل عن ابن سلمان، رغم تقارير إدانتهما.

لأمثال هؤلاء ومَن يدور في فلكهم، أعلن السيد نصر الله بصريح العبارة أن العودة إلى أيام تفلت السلاح الفردي في الداخل بما يعيد لبنان إلى أتون الحرب الأهلية لن تسمح به قوى المقاومة ذات الخيارات المفتوحة. ويمكن الوقوف عند نقطتين في غاية الأهمية ينبغي لأصحاب مشروع تحميل حزب الله مسؤولية ما يحصل في البلاد التفكير بهما مليًّا قبل اتخاذ أي خطوات مشروع فوضوي في لبنان:
النقطة الأولى، وهي تعبير السيد بالاكتفاء في ما يخص ظاهرة إقفال الطرقات غير المسؤول، والمستمر لأوجاع المواطنين وأزماتهم المعيشية والصحية. إن قطع الطرقات في حسابات قيادة المقاومة معروف الأهداف والغايات إذا ما أخِذ بعين الاعتبار الدلالة الجغرافية للمناطق المستهدَفة، وتداعيات قطعها على المنظور المتوسط والبعيد. لذا، جاءت النبرة على مستوى حساسية المخاطر، لا سيما مع موقف المؤسسة العسكرية مؤخرا بالتزام الثكنات أو عدم فتح الطرقات مع تصاعد الضغوط الخارجية عليها.

النقطة الثانية، وهي قول السيد نصر الله: "عندما نصل إلى جوع حقيقي في البلد ولن نستطيع تطبيق بعض الخطوات عبر الدولة وقتها سنتحرك...". بالطبع، ما بعد هذه الكلمة ليس كما قبلها البتة، للسفارة الأمريكية كما لفريق "أمان" الاستخباراتي. ما بعد هذه الكلمة سيضرب هذه الأخماس بالأسداس لتوقع خطوات السيد التي تركها مفتوحة.

ستطول لائحة الأسئلة: ماذا في "رأس نصر الله"؟ وما هي الخطوات الممكنة، وأيها قابلة للتنفيذ؟ وهل هي جاهزة؟ حقيقية أم تضليلية؟ وهل سيتخذ حزب الله "القرارات الجريئة" التي كان يتحدث عنها السيد نصر الله ويحث الحكومة المستقبلية على تحمل مسؤوليتها؟ والسؤال الأخطر، في أي فلك سيصبح لبنان عمليًّا في تلك المرحلة؟ وهل سنخسره بأيدينا ونحن نسير به قدمًا باتجاه الانهيار؟ وأي انعكاسات لزيارة وفد حزب الله الى موسكو؟ كثيرة هي الأسئلة ذات الأجوبة اللا يقينية إلا من خبر يقيني واحد مفاده، وبشهادة فريق "أمان" الاستخباراتي، أن "نصر الله هو الثابت الوحيد في واقع متغير في الشرق الاوسط"، وبأنه يمكن ان يكون "أكثر مبادرة، كما كان في الماضي، ويسمح لنفسه بأكثر إذا ما حشر في الزاوية".

19-آذار-2021

تعليقات الزوار

استبيان