المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

خلصة.. حكاية لا تنتهي

هدى محمد رحمة

قبل أيامٍ كنتُ في منطقة خلصة، أُحَضِّر لحلقةٍ خاصةٍ عنها على قناة المنار، وهناك.. تنتقل من عالم المادة، إلى عالم الروح، إلى عالمهم.

أكاد أختنق وأنا أحاول التقاط أنفاسي.. ما الذي عاد بنا إلى هذه الدنيا؟! كيف لمن يكون هناك أن يعود وينزل إلى ما يسمى حياته! كنا في الجنة.. نعم كنا هناك.. رغم حرارة حزيران التي تخطت الأربعين درجة.. أستحقر نفسي حين أفكر أن أكمل وأقول رغم التعب والإرهاق.. وهل أنا إلا ذرة تراب إن قبلوني بها تحت نعالهم! ولن أستطع أن أكمل بشرح تعبهم وإرهاقهم وعرقهم وصيامهم..

"فلو أسطيع أعبرها على رمشي"..

هذه الجملة من قصيدة الفرا هي ما عشته هناك.. كيف لي أن أمشي حيث مشوا! حيث جاهدوا عنا بكل ما أوتوا من بأسٍ حيدري وعشقٍ حسيني.. هي ليست ترتيب كلمات وعبارات.. بل تزدحم الروايات والأحداث وذكرياتٍ لهم، منها ما يصدق ومنها ما لا يصدق.. هم فوق الوصف بل أكثر.. كل كلمة هنا فيها الكثير منهم ولهم وبهم..
من أنا لأمشي حيث سالت دماؤهم! هنا وهنا وهنا.. وألف ألف انحناءةٍ على ما جرى معهم وكل ما عاشوه في كل بقعة هنا..

في شهر رمضان انطلقت مجموعتين من المقاومة الإسلامية في سيارتي "بيك أب" من منطقة البحوث في مدينة حلب إلى قرية خلصة في ريف حلب الجنوبي. وهناك.. في خلصة، كانت الحكاية الكربلائية. التحم مجاهدو حزب الله مع المسلحين في خلصة الشمالية، حيث كانوا متمركزين ومحصنين. دارت معركة حامية، والمجاهدون صيام، وبكامل لباسهم العسكري وعتادهم، تحت حرارة شمسٍ لامست الخمسين درجة. استبسل المجاهدون الصائمون بالقتال للدفاع عن أرضٍ محتلة دنّسها المسلحون من مختلف الفصائل. وكانت النتيجة، قتلى في صفوف المسلحين، وفي الطرف الآخر، في شارع الحارة الشمالية من خلصة، سقط هناك دماء شهداءٍ بيد الله، وسالت دماءُ جرحى، وبقيت أجساد شهداءٍ على أرض خلصة.

لم تنتهِ الحكاية، كل كلمةٍ هنا رواية. في شباط من العام ٢٠٢٠، بدأت معركة كبيرة خاضها المجاهدون لتحرير ريف حلب الجنوبي، ومعهم.. كانت دماء شهداء خلصة والعيس وغيرها، ومنهم شهداء مفقودي الأثر لا زالت أجسادهم الطاهرة هناك.

هذا الجهاد، وهذه الدماء التي سالت هناك، والجراح التي رُسمت هناك، أنبتت نصراً طهّر ريف حلب الجنوبي من الدنس، كما في مكانٍ سقط فيه دم الشهيد فنمى..

 

17-حزيران-2022

تعليقات الزوار

استبيان