المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

يحكى ان..

رنا الساحلي

يحكى  في وطني أنّ سلاماً اتياً لحماية الجليل عام اثنين وثمانين.
ذريعةٌ وضعها الصهاينة ليعيثوا فساداً وارهاباً ودماراً، فلبنان حسب قولهم سيحتلونه بفرقة موسيقية الا انّ الجيوش التي دخلت وقتها فاقت كل عديد ..
لربما دب الرعب في قلوب البعض، الا ان المؤكد ان ثله قليلة على اختلاف الوانها وأطيافها استجمعت قواها وقالت سنقاوم.
بالمعول والمنجل والزيت المغلي وباجسادنا الحية سنقاوم.
وصل العدو الى بيروت وشلالات الدماء تنسكب اثراً تلو أثر ليصنع رعباً في كل الدروب.
انها خلدة اولى الانتصارات التي هزءت بهم رغم دباباتهم وبطشهم الذي طال الحجر والبشر.
القلة القليلة بدأت بعدد اصابع اليد، خرجوا من كل الأحياء الفقيرة من تلك الزواريب التي يفوح منها عطر الكرامة والبأس والعنفوان ...
هلم بنا... فالموعد يا اصدقائي قد حان... فها هو احمد وحسن وبلال وعلي وهيثم واسعد والحر وابو زينب وصلاح واشمر وعمار  اسماء عرفها كل من كان في حينا الصغير... باتوا  بلحظة يرعبون بطيفهم عدواً مكتمل العتاد.
يحكى ان الشجر هناك كان يظللهم، يخاف عليهم ... والصخر يحميهم ويلقى عليهم الستر والساتر... 
يحكى ان الغيم  تنازل للارض وانحنى مقبلا اجسادهم كان يداعب خصيلات شعرهم  فخراً وزهواً واشتياقا.
فكان الموعد في جبشيت وشيخها الشيخ راغب حرب وكان الموقف مع سلاح والمصافحة اعتراف، فرفض القبول بوجودهم او ان يعترف لهم بذاك الكيان الغاصب، فاغتالوه محاولين سحق كل من يعارضهم ولو بالكلمة.. السلاح.
اغتيال الشيخ زاد القلة قوة وعزيمة..
وطالت الايام والليالي، والعمل بدأب، مفارق كثيرة مرّ بها المقاومون...وكان السيد عباس يخترق القلوب والأرواح والعقول. فازدادت المقاومة تأثيراً في كل المناطق التي كان يزورها ويلتقي بأهلها من الضاحية الجنوبية الى البقاع المحروم وصولا الى القرى الجنوبية التي لا تقع ضمن الشريط المحتل وصدى صوته لا زال مكتنزاً في تراب مليتا وصخرها...
كان على موعد مع حكاية جديدة ينسجها المدافعون الاوائل عن خط المقاومة كيف لا والنصر معقود في جبينهم.
انه السادس عشر من شهر شباط ذكرى الشيخ الجليل، وكأن السيد عباس  ينتظر ذاك اللقاء... ربط عزيمته وانطلق ليكون للمقاومة يوم جديد ونصر مخضب بنجيع الشهادة ... فكانت حكاية شهادة تسجل في تاريخ هذه الأمة ... واستشهد السيد وظن الصديق قبل العدو ان وهج هذه الشعلة قد يخمد.
استجمعت المقاومة كل ما لديها... كيف لا ومدرستها كربلاء فدم الشهيد اذا سقط فبيد الله يسقط واذا سقط بيد الله فانه ينمو. وتجددت الدماء في العروق فكان شاباً في عمر الاقحوان أميناً عاماً لحزب الله  لتبدأ قصة فصولها انتصارات متتالية، راكمتها العطاءات والدماء والتضحيات انه السيد حسن نصر الله .
يحكى ان في وطني رجال اعطاهم الله يقيناً فزادوا ايماناً وشجاعة وقوة وباساً وعنفوان ...
فالقلة اصبحت كمواسم زرع  السنابل تزداد مع كل فجر ويزداد علمها وخبرتها في قتال العدو ...  
من قتال  بالرشاش والمدفع وصولاً الى قاهر الميركافا و الصواريخ الدقيقة...
ثمانية عشر عاماً اشرق ايار الانتصارات ليكتمل موسم الزرع وحصاد سنابل القمح... حرية على مدى كل الوطن ويهتز عرش ذاك الجيش الذي قُهِر ذليلاً خانعاً ململماً كل خيباته في جعبته المشوهة... 
وكان عرس كل لبنان  بحرية الارض والانسان   ويكتمل الزرع زرعاً اخضراً في كل الجنوب ويهنأ اللبنانيون  بخيرات بلادهم ....  فموعد الحرية قد حان ... انها حكاية  عام الفين
يحكى ان في وطني غامر العدو الصهيوني مجدداً محاولاً استرجاع هيبة خسرها منذ سنوات ست فاشتعلت الضاحية بنيران حقدهم  وفتتوا الحجر الا ان عزيمة البشر كانت اقوى من غاراتهم واسلحتهم الممنوعة .
ثلاثة وثلاثون يوماً وفي كل غارة يهتز كيانهم باصابات دقيقة ترعبهم ... لكن المعادلات كلها  تغيرت فلبنان لم يعد نزهة  ولم يعد مستباحاً ... فالقوة مطلوبة مع هكذا كيان غاصب لا يفهم بالقوانين ولا يعترف بالحق. وانتصر لبنان مجدداً بقوة شعبه وإيمانه  بمقاومة لم تترك شبراً من ارضها الا واخذت عهداً ان تحرره .. وما بعد بعد  هزمت ذاك الجيش المهزوز داخلياً رغم قوة عتاده.
يحكى ان في وطني كان هناك شبح اسطوري عجز العدو عن ملاحقته، كان فكراً عسكرياً وروحاً معنوية لكل ظهر مقاوم ورؤية تنبهر لها العقول العسكرية والامنية... يحكى ان ذاك الرجل بألف رجل حمل الاساطير بين كتفيه وكأنه معجزة هذا الزمن.... تنامى له حب فلسطين منذ الطفولة  فكان فلسطين ولبنان وإيران والشام وكل مستضعف في اصقاع الارض... كطير تنقل في كل الاماكن كنسائم كل الفصول الجميلة ...
يحكى ان مجلدات عن قدرات وصنائع ذاك الرجل لن تكفي بحور الارض لروايتها... انه الرضوان عماد
‏هي الروح التي قاومت كل تلك السنين...  
يحكى ان ارهاباً تكفيرياً حاصر خاصرة وطني... حاول التفجير والسبي والتدمير... لا فرق بين كنيسة وجامع  او طفل وصبية او عجوز ... كانوا يبطشون بالبشر والحجر دمروا الحضارة والانسان... فكان لهم رجال الله بالمرصاد.
يحكى ان تهديدا طال في الشام  مقام ابنة الرسول فكان لها حماة بلبيك يا زينب ...
وطالت السنين وتوالت الأيام  وكانوا هناك في القلمون ويبرود حيث السيارات التي فخخها اولئك لتطال راس بعلبك والضاحية وكل منطقة آمنة ...
يحكى ان اشجار الكرز والمشمش كانت تتدلى بحنان نحوهم تطلب منهم  الأمان من اولئك الاغراب
يحكى ان الشمس  الحارقة مرت على جباههم ككربلاء.
يحكى ان الثلج و البرد اكل من اجسادهم كل شعور وبقي النبض لبنان وحماية حدوده من اولئك البرابرة  فروت دماءهم حدود كل الوطن من شماله وشرقه فكان التحرير الجديد ليؤكد ان المقاومة وحدها  الرادع .
كانوا قلة قليلة  وتحولوا الى جموع غفيرة ولربما كسحاب يسير في كل تلك القرى... لا تخافوا هم هناك عند كل منحدر وفي تلك الدروب الطويلة  وفي تلك الجبال سترونهم عند كل خطر قد يداهم وطنكم وعند كل مفترق يحاول العدو ان يكمن فيه.
لا تخافوا بأرواحهم  يهيمون حباً وعشقاً لتراب كل الوطن...هم ربيع الفصول الآتية  يحملون كفراشات الحقول سلاماً لكل ورود حدائقنا ...لن يكلوا لن يملوا ما دام في القلب نبض اسمه لبنان.
يحكى ان حكاياتنا ستبقى كتلك الاساطير لكنها حقيقية سيعرفها الأبناء من ابائهم .. سيحكيها الاجداد لأطفال لم يعرفوا سر هذه الانتصارات الا من خلال حكايا الابطال.
سيخبرهم التاريخ عنها بكتابات ممهورة بدماء شهداء مروا من ها هنا.. سيحكيها شواهد من قدم ويد بقيت مزروعة هناك سيروي اولئك الجرحى عن حب ارض لاجله قدموا من اجسادهم ثمناً جميلا.
يحكى ان العدو يوماً سيحاول استباحة المياه والثروات وسيسجل التاريخ مجددا ان المقاومة جاهزة.. واليد دوماً على الزناد.
ولن تنتهي فصول الحكايا..

 

18-حزيران-2022
استبيان