المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

كلام السيد وعنوان الردع للمرحلة القادمة: "الصواريخ تطعم خبزاً"

عبير بسّام
حسم السيد حسن نصر الله في خطاب السبت نهاية مراحل وجدال كثير، صحيح أن البعض سيجدون أن الخطاب يشكل مدخلاً لجدال، والبعض الآخر سيرون في كلامه راحة وتقديراً، إلا أن الجعجعة القادمة، إن أتت، لن تغير في الحقائق شيئاً! ومنها التوافق الحكومي مع تهديدات المقاومة، مع أن البعض من أصدقاء المقاومة في الموقف الرسمي حاول التقليل من قيمة الأمر. ومنها أيضاً، أن المسيرات التي أرسلتها المقاومة لتحوم فوق منصة كاريش، وفوق إنرجي تحديداً، جعلتها تغادر المنطقة حتى يبت بالأمر. ولكن الكلام المبطن في آخر كلام الأمين العام لحزب الله هو فعلياً ما يثلج القلب، ويمنح الثقة للحزب مرة بعد مرة.

هناك مشكلتين كبيرتين تعاني منهما الدولة اللبنانية، الأولى أن لبنان اعتاد منذ تاسيسه التركيز على المراحل دون البناء على ما قبلها والتحضير لما يليها. وبناء على هذا الأمر، حددت الطريقة التي يتصرف فيها مسؤولو هذه الدولة منذ التأسيس، وليس فقط منذ الطائف وحتى اليوم: وهي أن الخطأ في إدارة شؤون الدولة ليس حالة تراكمية، وأن الصواب هو إنجاز فردي ووليد مرحلة. وهذه المشكلة تحديداً، هي من أهم أسباب تراجع قوة لبنان الإقتصادية والسياسية حتى كاد يلامس الدرك الأسفل. لذلك عندما حدد السيد نصر الله أن الإنجاز هو تظافر الجهود مجتمعة، وهي حصيلة عمل مشترك منذ العام 2011 وحتى اليوم كان الأمر ملفتاً. فإنجاز الترسيم ليس فقط إنجاز "عهد"، بل هو تظافر جهود لرئيس مجلس النواب، الأستاذ نبيه بري، وهو تقدير لدور الجميع، للجيش الذي كان حاضراً منذ البداية وكان على قدر المسؤولية، وهو يحدد الخرائط الطبوغرافية ويقيس المسافات بدقة لا متناهية، وتقدير للخبراء الحقوقيين الذي دققوا تفاصيل النص الموقع، وهو صبر وتظافر جهود منذ اتخذ القرار بترسيم الحدود وحتى لحظة ترسيم الحدود "البحرية" في المرحلة الحالية على الأقل. والأمر بهذا الشأن واضح، إن ترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة قد يعيد الحسابات وقد يبقيها. ولكن بالتأكيد، فإن من سجل حقل قانا كاملاً للبنان، كان ذا بعد نظر لأنه يرى مستقبل الحدود البرية واضحاً كالشمس، خاصة حين أشار السيد إلى: "بقاء مربع صغير عالقاً مساحته 2.5 كلم مربع"، وهو متعلق بترسيم الحدود البرية.

ما قبل الطائف كان يتحمل مسؤولية أي خطأ رئيس الوزراء، وتقال الوزارة ورئيسها، في حين أن وقتها كان القرار رئاسياً صرفاً، ولم يكن يتحمل الرئيس مسؤولية أي من الأخطاء، وإنما تنسب له الإنجازات فقط. وبعد الطائف كنا نشهد استقالات الحكومات مع ثبات رئيس الحكومة، وتنسب الأخطاء للوزراء، مع أن يد رئيس الوزراء بعد الطائف هي الأعلى، والقرارات السياسية والإقتصادية يحددها هو، وهذا الأمر، وللأسف لا يصح إلّا في لبنان. وهنا نحن نتحدث مع استثناء ثلاث رؤوساء وزرات، كانوا حالة فريدة في لبنان منذ الطائف وحتى اليوم، وهم: دولة الرئيس سليم الحص، ودولة الرئيس المرحوم عمر كرامي، ودولة الرئيس حسان دياب. ويستحقون الذكر مع ألقابهم، لأنهم فعلياً كانوا "دولة رئيس" للبنان.

والمشكلة الثانية، هي محاولة تحجيم إنجازات المقاومة، وحتى السيد نصرالله وهو يعرف حق المعرفة إنجازات المقاومات المختلفة على طول تاريخ ولادة الكيان المسخ في جنوب لبنان، هو جزء هام من تغيير المعادلات فيه لتأخذ شكلها الوطني. وفي الحقيقة أن المفاوضات، التي امتدت منذ العام 2011، ولم تنتهي وتحسم وبحق لصالح لبنان كاملة، إلّا لأن لبنان كشر عن أنيابه وأظهر قوته الحقيقة، التي ارعبت العدو الصهيوني والأميركي والأوروبي الغربي معاً. وما زاد من قوة المقاومة هو وقوف جمهورها والأحرار في لبنان خلف القيادة الحازمة في الملفات المصيرية، وهذا ما يحتاجه لبنان، الحزم في الملفات المصيرية، وكان في هذا لفة هامة جداً من السيد نصرالله حين جاء على الكلام عن الهبة الإيرانية وغيرها.

ولكن أهم الحزم كان هو رفض التهويل حول المرحلة القادمة إذا ما شهدت فراغاً رئاسياً أو حتى حكومياً، لأن هناك وزراء موجودون وكل منهم يستطيع تولي ملفاته. هذا الكلام هام جداً، وفيه مقاومة سياسية ووطنية داخلية مشهودة، وهي رفض أن تسلم القيادة في لبنان لشخص لا يشهد له بالمكانة الوطنية التي تضمن حقوق البلد، ومن أهم حقوق البلد وكل صراحة الحفاظ على ودعم مقاومته، وإلا فعلياً فمصيرنا دونها السير في الزمن خلفاً حتى نصبح "طورا بورا" ثانيةً، وخاصة إذا ما استطال سكننا، ومن يحتل فلسطيننا ابن سوء. ولذلك فإن من أجمل الكلام كان يوم السبت هو تقدير موقف المقاومة للواقع العربي المقاوم في فلسطين واليمن وسوريا، وامتداده باتجاه إيران، والذي سيجعل ثمن أي حرب تشن من قبل الكيان ضد لبنان كبيراً، وغير مضمون النتائج والإمتداد، وهو ما أرعب فعلياً العدو ولجمه عن الذهاب لأي حرب، على الأقل في المرحلة الحالية.

ومن أجمل الكلام كان التوجه نحو المسؤولين والعالم وقوله: "يلا تفضلوا يا توتال واستخرجوأ لأن لبنان ضيع وقت كتير". والسؤال الأخير الذي افترضه السيد حول ضمانة استخراج النفط والغاز، كان السؤال الذي ينتظره اللبنانيون فعلياً!  وجوابه بأن الضمانة هي موقف لبنان الرسمي، والكلام فيه احترام، والمقاومة، التي هي فعلياً من مكن من توقيع الإتفاق، وهي مقاومة على مختلف الصعد، ابتداءً من الأمن والجيش والشعب والدولة بمختلف مؤسساتها والمقاومة بقوتها، وهنا مربط الفرس.

ونهاية الكلام وبدء المرحلة الجديدة أن لبنان والمقاومة ليسوا مردوعين، بل المردوع هو العدو الصهيوني، وإذا ما اقتضت المصالح الوطنية الكبرى تجاوز قواعد الإشتباك بما يقتضي سلامة اللبنانيين، "فالمقاومة لن تتردد ولو اقتضى ذلك الذهاب إلى الحرب". وبالتاكيد "لن يستطيع أحد استخراج الغاز أو يستمر بذلك إذا منع لبنان من استخراج غازه".. و"طلعت الصواريخ بتطعمي خبز!".

31-تشرين الأول-2022

تعليقات الزوار

استبيان