المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

أخي الشهيد؛ التاريخ يعيد نفسه

زهراء جوني
كأنني معك مجدداً في تلك اللحظة. أحتار مثلك في لون البدلة وشكلها، ثم نخطئ في اختيار المقاس المناسب لك. كانت كبيرة بعض الشيء، يظهر ذلك في صور زفافك، لكن لا عليك، ابتسامتك يومها أنقذت الموقف. الكلّ كان مأخوذاً بالفرح الذي يسكن خجل وجهك وكل تفاصيلك.  

أراك اليوم مجدداً. كأنك تقف أمامي، ببدلة عرسك السوداء الكبيرة، تسير أمامي وتسألني: "لابقلي كون عريس؟"، حينها أخذت حصتي من كل أفراح الدنيا. لكن لم أكن أعلم أن هذا السؤال صار موجعاً اليوم يا أخي. يليقُ بك الفرح والعرس والحياة، وأن تكون عريساً باهر الحضور كأنك تبزغ مثل الشمس في ساعة الطلوع. وأقول لك شيئاً، إنك لا تزال في بالي الشاب الأنيق الذي يوزّع الابتسامات كأنها مروج سنابل لا تنتهي.

لقد استوطن السؤال فيك، وصرت كل الإجابة. لم تهنأ روحك بغير لقاء المعشوق الأوحد، فقرّبك إليه، وصرت عريس السماء أيضاً. أراضٍ يا شهيد الله؟ 

أتذكرك اليوم مجدداً، وأنا أقف أمام أخينا الصغير؛ آخر العنقود. يعيدني إليك بكل تفاصيل ذلك النهار، بهدوئه وابتساماته وأسئلته عن البدلة التي سيرتديها في يوم زفافه.

حسناً، أعرف أنّك تقف سنداً إلى جانبه. كان حضورك أقوى من عدم ملاحظته والشعور به. كيف استطعت أن تترك لنا كل هذا الفيض ومشاعر الاهتمام ونحن الذين اعتقدنا منذ سنوات أنك غبت فعلاً؟

بالأمس يا أخي تيسرت أمور كثيرة لأننا ننتمي إليك. كل الذين عرفوا أننا عائلتك احتاروا في التعبير عن استعدادهم للمساعدة. هل نستحق كل هذا الكرم منك يا محمد؟

قبل سنوات، حين طلبت منك إشارةً تخصني وسألتك عن رأيك، لم تتأخر عليي في الإجابة، وسبقتنا جميعاً في الحضور. بعد أيام يا أخي سنجتمع مجدداً في فرح أخينا الصغير، وأعلم أنك مجدداً ستكون أول الحاضرين. كل الأمكنة والأفئدة وعيون محبيك ستكون في انتظارك. أي إشارةٍ ستدلنا عليك هذه المرة يا محمد؟

لقد مرت سبع سنوات وبضعة أشهر على شكل الفرح بعد غيابك. صار يعني لحظة الإحساس بك، والشعور بمستوى حضورك في كل المناسبات واللحظات. نحن لا نكبر حين تمرّ علينا تواريخ ميلادنا، نحن نكبر حين تغيب دلائلك عنّا، ونستعيد أنفاسنا حين يأتينا ذلك الطيف البعيد، حاملاً معه أي أثر يعيننا على غيابك أو يمنحنا بعضاً من حضورك..

04-آذار-2023

تعليقات الزوار

استبيان