المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

هل يعيد الأميركيون والصهاينة حساباتهم بعد الردود العسكرية الايرانية؟

شارل ابي نادر

تشكل المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية اليوم النواة الرئيسة وجبهة الدفاع الأساسية بمواجهة آلة الحرب والدمار والقتل الصهيونية المدعومة بقوة وفي كافة المجالات المؤثرة من قبل الأميركيين. جبهات المساندة الأساسية لهذه المقاومة من لبنان والعراق واليمن لم تقصر جهدًا أو دمًا في هذه المواجهة دعمًا للشعب الفلسطيني ولقضيته المقدسة. كذلك ايران، كانت دائمًا الراعي الأساس لهذه القوى الفاعلة في محور المقاومة، كداعم أساسي في السلاح والمال والخبرات، وصاحبة الدور الأكثر تأثيرًا في تثبيت ومؤازرة جبهة هذا المحور بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وداعميه. ولكن، يمكن القول إن ما نفذته مؤخرًا الجمهورية الإسلامية الإيرانية من استهدافات نوعية ضد الإرهابيين وعناصر الموساد في بعض المناطق من سوريا والعراق وباكستان، أو في شمال المحيط الهندي ضد سفينتين إسرائيليتين (حسب مصادر موثوقة نقلت عنها قناة الميادين هذه المعطيات) يشكل نقلة نوعية ونقطة فاصلة في هذه المواجهة، من الضروري الإضاءة على أبعادها وتأثيراتها على كافة المستويات العسكرية والاستراتيجية.

في البعد العسكري:

أولًا: استهداف الارهابيين وعناصر الموساد في باكستان وسوريا والعراق، والذي تم عبر صواريخ باليستية متطورة - أحدها كان "خيبر شيكن" - حقق أهدافه بدقة لناحية اصابة المواقع المستهدفة بشكل نقطي وموضعي، وبفعالية لناحية القدرة التدميرية الاستثنائية، وعلى مسافات متوسطة في باكستان أو أربيل، وبعيدة وصلت إلى مدى ١٢٣٠ كلم في ريفي إدلب وحلب في سوريا.

ثانيًا: استهداف سفينتي نقل اسرائيليتين في شمال المحيط الهندي، الأولى قرب جزر المالديف والثانية على مسافة حوالي ٢٠٠ ميل بحري من مرفأ كرتشي على سواحل الهند الجنوبية. لم يصدر اي بيان رسمي إيراني حول تبني هذه الاستهدافات، في وقت نشرت قناة "الميادين" استنادًا لمصادر موثوقة بأن الحرس الثوري الايراني هو الذي نفذ هذه الاستهدافات للسفينتين الإسرائيليتين.

أهمية هذا الاستهداف أنه حصل على بعد يتجاوز ٣٥٠٠ كلم من السواحل الجنوبية الإيرانية، وأنه سبب دمارًا غير بسيط للسفينتين، وذلك بحسب ما نقلته الميادين استنادًا للمصادر الموثوقة. هذا الأمر يفترض: إما استعمال صواريخ ومسيّرات بعيدة المدى (على الأقل ٣٥٠٠ كلم) إذا انطلق الاستهداف من مناطق برية أو ساحلية ايرانية، وهذه تعتبر قدرة استثنائية في مسافات الاستهداف، وإما أن الإطلاق حصل من سفن أو مدمّرات ايرانية كانت تبحر في المحيط الهندي في منطقة قريبة من نقاط الإستهداف المذكورة، وهذا ايضًا يعكس قدرة بحرية غير عادية، سمحت للوحدات الإيرانية بالتدخل في ميدان بحري حساس وبعيد عن الأراضي الإيرانية.

في البعد الاستراتيجي:

أكدت هذه الاستهدافات المواقف الإيرانية التالية:

أولًا، في استهداف عناصر الموساد والإرهابيين في أربيل وإدلب وشرق سوريا، فإن رسالة ايران كانت حاسمة وصاعقة ضد المجموعات التي تبين لها من التحقيقات، أنها المسؤولة المباشرة عن تخطيط وتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية داخل الاراضي الإيرانية، والأهم، أكدت ايران أنها رغم احترامها لسيادة الدول أو الاطراف حيث تتواجد هذه المجموعات وتنشط، فإنها لن تسمح لأي طرف إرهابي أو مخابراتي بزعزعة واستهداف مواطنيها وأمنها القومي، رغم حساسية استهدافاتها في أراضي الدول المذكورة، وحيث تعمل هذه المجموعات الإرهابية متجاوزة سلطة حكومات تلك الدول، وتعمل أيضًا بامرة وبرعاية المخابرات الأميركية والاسرائيلية.

ثانيًا، في استهداف السفينتين الإسرائيليتين في المحيط الهندي، ودائمًا بحسب ما أكدته المصادر الموثوقة للميادين، فقد جاء الاستهداف ردًا على اغتيال الشهيدين صالح العاروري في بيروت والقائد العسكري الايراني رضي الموسوي في سوريا، وكانت رسالة ايران في ذلك رسالة تحدٍّ لـ"اسرائيل" ومن ورائها لواشنطن طبعًا، ورسالة قدرة وقوة عبر امكانيات عسكرية نوعية بمستوى دولي بامتياز، وجاءت أيضًا لتؤكد وبحزم موقفها الحاسم ضد جرائم هؤلاء بحق الشعب الفلسطيني وأطراف محور المقاومة.

ويبقى الأهم في رسالة الاستهداف الايراني المزدوج للجماعات الارهابية وعناصر الموساد أو للسفينتين الاسرائيليتين، أن ايران مستعدة للذهاب ضد واشنطن و"تل ابيب"  كراعيتين مباشرتين للمجموعات الارهابية ولعناصر الموساد، أو كمسؤولتين بشكل مباشر عن جرائم القتل والاغتيال بحق الشعب الفلسطيني وبحق قادة وكوادر في محور المقاومة، إلى أبعد مدى في الاشتباك والمواجهة ومهما بلغ مستوى هذا الاشتباك وهذه المواجهة.

20-كانون الثاني-2024
استبيان