المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

ليلة مرّغ رجال الله أنف هرتسي هاليفي في تراب عقماتا

ليلة مرّغ رجال الله أنف هرتسي هاليفي في تراب عقماتا: خطة " الركن الجديد " تتبخر مع أول احتكاك بالمقاومة

يوسف الشيخ

سوف تظل أحداث ليلة الثلاثاء  17-18  أيار 1993 عالقة بذهن رئيس هيئة أركان جيش العدو الحالي هرتسي (هرتزل) هاليفي إلى الأبد. في هذه الليلة حدث فشل ثلاثي كبير لأصحاب منطق مهاجمة العدو في عمقه وهم: العميد غابي أشكينازي قائد وحدة الإرتباط آنذاك والعقيد إيرز غيرشتاين قائد اللواء الشرقي التابع لقيادة وحدة الارتباط والرائد في ذلك الوقت هرتسي (هرتزل) هاليفي قائد وحدة ( أوريف 35 – الكوكب ) المظلية، وهي أهمّ وحدة جمع للمعلومات الاستخباراتية والمراقبة وتوجيه النيران عملت في لبنان خلال احتلاله بين عامي 1982 و 2000.

وللحديث عن الحكاية سنبدأ من البداية. يعتبر اجتماع الثلاثي (اشكينازي – غيرشتاين – وهاليفي) في نفس الميدان في القطاع الشرقي لجنوب لبنان قضية عملياتية كبيرة تعكس تغييراً في نمط تشغيل القوات وتكتيكات التقرب من المناطق المحررة، كما يعتبر تشكيل الثلاثة في نفس الوقت أواخر العام 1992  لمناصبهم الجديدة (المتناغمة تعبوياً) مؤشراً قوياً على أن العدو اتخذ في ذلك الوقت منحى التصادم والتلاحم مع المقاومة، وأن المستقبل يحمل تغيراً في الأهداف من حالة المطاولة إلى حالة القتال المتبادل في العمق وأخذ أنماط القتال إلى مستوى غير مقيد بشروط لتثبيت مفهوم التجذر والارتكاز في الميدان للطرف الذي يكسب هكذا جولات من القتال.
 
ولتوضيح ما سلف، فإن العدو بعدما تلقّى سلسلة طويلة من الانكسارات بين عامي 1985 عام الانسحاب الأكبر وعام 1988 عام الهزائم (في ميدون وصافي واللويزة وغيرها).

اتجه العدو صيف العام 1989 إلى عمليات كبيرة موضعية خلف الخطوط ومنها عملية اعتقال شيخ الأسرى عبد الكريم عبيد في تموز 1989، وعملية اغتيال سيد شهداء المقاومة الاسلامية سماحة السيد عباس الموسوي في شباط 1992 مطبّقاً مأ أسماه جنرالات العدو مبدأ المسّ بالثقل الذي يعتبر أحد مبادئ الحرب الهجومية باعتبار أن تحييد الثقل أو إسقاطه يعني حكماً في فن الحرب التأثير على الكتلة والحشد وإضعافهما، إلا أن العدو وبعد تقييم الأثر وتحليل الدروس المستفادة وجد أنه يقاتل بنياناً جهادياً عقائدياً يطبق منهجاً في حرب العصابات لا يعتمد على الثقل بل على عناصر أخرى.

 

القتيل في الكمين الأول الملازم زوهار حلميش (رقم عسكري 513673)
 

 

بصمات إيرز غيرشتاين

ونتيجة لدراسات معمّقة قامت بها مراكز تخطيط العمليات في كيان العدو وجدت أن قتال "العدو" وهو المقاومة يجب أن يكون بأسلوبها، أوصت اللجان التي درست الميدان اللبناني برفع مستوى الاعتماد على القوات الخاصة النوعية وزجّ قوات من النخبة لتنفيذ ما يلي:

1- تعديل في المبدأ التشغيلي والقتالي في القطاع الشرقي (الاقليم البقاع الغربي ) والزج بقوات مشاة نخبوية في أماكن ومواقع عسكرية قريبة من منطقة التماس المباشر مع المقاومة.

2- التعديل في بنية القيادة وتشكيل قيادة للعمليات الخاصة الميدانية مهمتها وضع الخطط والبرامج لتنفيذ عمليات على الحافة الأمامية مباشرة وعلى الخط التأميني الأول الذي يقع خلف الحافة والذي يمتد إلى 2-3 كيلومتر في البقاع الغربي و 1-2 كيلومتر في اقليم التفاح والنبطية ومئات الامتار في ما يعرف بالأوسط ( مجدل سلم – كفرا – ياطر – محاور جنوب صور)، ويندمج هذا الخط التأميني مع الحافة في حالات القتال ليصبحا منطقة قتال وقتل واحدة تتسع بين 1و 5 كيلومتر وتسمح للمقاومة بالمناورة بالحركة والنار في ميدان واسع ومريح.

3- بناء قوة تتلاءم مع المبدأ التشغيلي والقتالي المقترح واعادة تشكيل وتفعيل وحدة الإيجوز ووحدات مشابهة وتسخير قوات المناورة النارية الفعالة لدعم الوحدات الجديدة التي سيتم تفعيلها.

4- تأسيس قوة مؤقتة من ألوية المظليين تقوم بالعمل ريثما يتم إعادة تشكيل وتأهيل القوة المقترحة في البند رقم 3.

5- تحديد أماكن تموضع وانتشار القوات المقترحة (ثكنة الريحان – ثكنة العيشية – ثكنة الطيبة – ثكنة الدواوير – ثكنة الشومرية – وموقع ال 17 مقر اللواء الغربي في بنت جبيل).

6- حدّدت مدة المشروع الذي سمي بـ"الركن الجديد"  بـ3 سنوات قابلة للتجديد.

بناءً على ما تقدم، تمّ وبشكل متزامن بين شهر 9- 1992 و شهر 12-1992  تشكيل العميد غابي أشكينازي لرئاسة وحدة الارتباط في لبنان والعقيد مغوار إيرز غيرشتاين لقيادة اللواء الشرقي التابع لوحدة الارتباط، ترفيع النقيب المظلي هرتسي هاليفي قائد وحدة أوريف 35 المعروفة بوحدة الكوكب إلى رتبة رائد وتعيبينه قائداً لثكنة الريحان مع صلاحيات بقيادة كل السرايا المظلية المنتشرة في الشريط الحدودي بمعنى أنه أصبح قائداً لقوة المظليين في لبنان.

 


القتيل في الكمين الأول الرقيب عوفر أريئيلي (رقم عسكري 513675)

 

164 عملية في 6 أشهر

في المقابل، كثّفت المقاومة عملياتها منذ تشرين الثاني 1991 بعد مؤتمر مدريد واغتيال أمينها العام السيد عباس الموسوي. عقب ذلك بـ 3 أشهر في شباط 1992، أخذ المنحى البياني لعمليات المقاومة بالتصاعد بشكل كبير وخاصة في نهاية العام 1992، حينها بلغ مجموع عملياتها في 6 أشهر بين تشرين ثاني 1992 و أيار 1993 (حسب بيانات العدو)  164 عملية توزّعت على الشكل التالي:
- 72 عملية هجوم مباشر (على مواقع ودوريات وقوافل ومراكز وبيوت عملاء كبار)
- 37 عملية تفجير (طالت 3 منها مشغلين أمنيين من كبار عملاء العدو)
- 55 عملية قصف بالمدفعية والصواريخ طالت 11 منها مستعمرات العدو.
- أدت الى مقتل 11 جندياً وضابطاً صهيونياً وجرح 28 آخرين، ومقتل 12 عنصراً من ميليشيات لحد بينهم 3 مشغلين أمنيين وإصابة ٧٦ بجراح.

عمليات الاستنزاف هذه كانت نتيجة تخطيط ودراسة من جهة قيادة المقاومة، والملاحظ أن 50 % من العمليات السالفة الـ 164 استهدفت قوات صهيونية متحركة بهدف حرمانها من الحركة والانتقال ورفع ثمن التحرك إلى مستوى القتل، ممّا فرض على العدو الحدّ من مستوى الانتقال والدوريات إلى أقل من 10 % في الأماكن القريبة من الحدود والتي اعتبرها العدو مُحصّنة أمنياً ولا يمكن للمقاومة اختراقها وتنفيذ عمليات فيها بأعداد كبيرة.
لازم العدو مواقعه واستعاض عن الشلل في الحركة الذي فرضته المقاومة باستخدام المناورة الأرضية والجوية وبإحصاء " عمليات العدو المضادة " في نفس الفترة أي بين تشرين ثاني 1992 و أيار 1993 فإنه نفّذ الاعتداءات التالية:
- نفّذت الطائرات الحربية والعمودية الاسرائيلية 21 غارة جوية.

- أطلقت المدافع الاسرائيلية المتنوعة العيارات بما فيها المدفعية بعيدة المدى (155 و175 ملم) ومدفعية الدبابات نحو 8000
قذيفة.
 
- أدت الى سقوط37 شهيدا و 120 جريحاً وتدمير وإحراق وتضرر 335 منزلاً، إضافة الى الاضرار التي أصابت المؤسسات الرسمية التربوية والصحية والبنى التحتية في المدن والبلدات والقرى في جنوب لبنان وإحراق الثروة الحرجية في تلك المنطقة.

 

القتيل في الكمين الثاني الملازم زور تسفي إسرائيل (رقم عسكري 513775)

 

المقاومة تستبق عملية هاليفي بخطة خداع كبيرة

بداية شهر نيسان 1992، بدأت المقاومة الاسلامية وفق خطة الاستنزاف المقررة تصعيد استهدافها وهجماتها  على مواقع العدو وعملائه ومراكز تجمّعهم ونقاط تموينهم ومستودعات ذخيرتهم ومرابض مدفعيتهم وخطوط امدادهم اللوجستية وذلك بأسلوبين:
 
الأول: ضرب الدشم والمواقع بالأسلحة المباشرة والصاروخية الفعالة وتدميرها وعدم السماح للعدو بإعادة بنائها أو صيانتها من خلال تكثيف واستمرارية الضربات عليها.

الثاني: اقتحام المواقع وتحريرها واغتنام ذخائر ومعدات منها وأسر جنود ( معظمهم لحديين فيما نفذ العدو تطبيق هنيبعل في عمليتي أسر واحدة في القطاع الشرقي والثانية في القطاع الغربي قتل خلالها 3 جنود صهاينة واستشهد فيها مقاومان )

وخلال هذه الفترة حصلت عدة اشتباكات بين دوريات الاستطلاع الصهيونية ودوريات استطلاع المقاومة، فتبيّن لقيادة الأخيرة من خلالها أن أعلى نسبة استطلاع بشري للعدو تركزت في قاطع العمليات الشرقي الممتد من جنوب شرق جزين وحتى شرق الزواطر، مع تكثيف كبير في قاطع عمليات الريحان ومن خلال رصد نشاط دوريات استطلاع العدو في قاطع الريحان. اتّضح أن التشكيل الذي ينفّذ هذا الجهد الاستخباري هو تشكيل باستعداد كبير، وأن نمط مناوراته وحركته في الميدان ومهارته في اجتياز الموانع الصعبة في المنطقة فضلاً عن الأجهزة التي زوّد بها (قناصة - رشاشات أم 4 بكواتم – أجهزة اتصال حصينة ومشفرة – أجهزة رؤية ليلية وحرارية) وقطع عناصر دوريات المقاومة الاستطلاعية ومراكز الرصد المتقدمة أن هذه الدوريات الاستطلاعية تتبع لوحدات نخبوية، ومن خلال دراسة عكسية لتحديد أغراض وأهداف العدو وتتبع مناطق تركيزه والجغرافيا التي يعمل عليها، تبيّن لقيادة العمليات في المقاومة أن الهدف هو إقليم التفاح وتحديداً نقطتي اللويزة ومليتا.

قررت قيادة المقاومة تنفيذ عملية استباقية على موقعي سجد وبئر كلاب المقابل لاقتحامهما  وقياس ودراسة ردة الفعل على العملية المزدوجة وتعمّد المجاهدون التقرب من جهة واحدة والانسحاب من نفس الجهة من الموقعين، خلافاً لنمط اقتحام المواقع الذي بدأت المقاومة تنفذه منذ العام 1985. وزيادة في الخداع، سربت المقاومة خبراً مزيفاً بأن قيادة العمليات في الاقليم والنبطية جرى تبديلها بموجب تعديلات المقررات الجهادية للمؤتمر الأخير لحزب الله المنعقد في نيسان 1993 وتكليفها بالعمل في مناطق أخرى، وتزامن ذلك مع سحب قادة ميدانيين إلى دورة ثقافية متقدمة مغلقة خارج منطقة العمليات.

استفادت المقاومة من ثلاث عناصر لإقناع عدوها بهذا الخداع:

1- انعقاد المؤتمر الثالث لحزب الله والاستفادة من سرية مقرراته للإيحاء للعدو بحصول تبديل في هيكليات حزب الله بما فيه المقاومة.

2- تغييب قادة ميدانيين يتابعهم عملاء العدو من الميدان وافهام العدو أنهم نقلوا إلى مناطق جديدة.

3- تباطؤ مؤقت للعمليات في إقليم التفاح لمدة 15 يوماً والاقتصار على عمليتي سجد وبئر كلاب وبعض عمليات القصف في ميدان كان يعتبره العدو بؤرة العمل العسكري للمقاومة.

بعد يومين من العملية التي نفّذت بنجاح يوم الاربعاء 12-5-1993 وأُلحقت ببيان أشار إلى ذكرى النكبة والذكرى العاشرة للسابع عشر من أيار، بدأ العدو يحشد قواته في ثكنة الريحان ومحيطها وفي ثكنة الطيبة، فيما كانت مجموعات من المقاومة قد وضعت في نقاط مشرفة على مناطق كمائن ونقاط قتل بعضها تعرضي داخل خطوط العدو وبعضها دفاعي تأميني في مروج عقماتا وأطراف اللويزة وفي مليتا ونلة مياسة في جبل صافي.

 كان قادة العدو يناقشون بين ثكنتي مرجعيون والريحان آخر تفاصيل عملية " الركن الأخر". كان أشدهم فرحاً هو إيرز خصاة أن العملية (التي بيّنت له التقارير الاستخبارية المستحدثة بأنها ستكون سهلة) ستطلق نمطاً جديداً من القتال في الميدان اللبناني صاغه غيرشتاين بنفسه منذ سنوات، ولم تقبل به القيادة العسكرية منذ طرحه لأول مرة خلال التحضير لعملية "سيدرز"  التي هاجم فيها العدو بقوات كبيرة قرية ميدون في 2-3 أيار 1988 أي قبل خمس سنوات بالتمام والكمال.

عناصر الخطة جاهزة:
- رئيس أركان (ايهود باراك) متجاوب ومشجع
- قائد منطقة شمالية ( اسحق موردخاي ) الذي تعرض قبل أشهر لعملية في حولا (قادها الحاج خالد بزي وعاونه فيها الاستشهادي صلاح غندور)  كادت أن تزهق روح موردخاي الذي كان متحفزاً لتقديم إنجاز لقيادته، وهذه العملية تقدم له الإنجاز المطلوب على طبق من فضة.
- مسؤول مباشر هو قائد لجنة الارتباط العميد أشكينازي متجاوب وساهم بنقل الحصان الأسود (هرتسي هاليفي) إلى منطقة العمليات المحددة.

- قائد التشكيل الذي سينفذ (هارتسي هاليفي) هو واحد من ألمع ضباط المظليين العاملين في لبنان ولديه جميع عناصر وأدوات النجاح (ضابط مجرب عمل تحت الضغط ونجح عدة مرات – قوة متجانسة تدين بالولاء الشديد لمعلمها ومدربها هاليفي – الحماسة التي كان يبديها هاليفي للعملية)

تفاصيل عملية "الركن الآخر"

 عشية ليلة 17/18 أيار 1993، وقّع كل من أشكينازي وغيرشتاين أمر مهمة لتنفيذ عملية  (الركن الآخر הפינה השנייה ) والتي تهدف إلى:
- الإضرار بحزب الله وضرب بنيته التحتية في المنطقة المستهدفة.
 
- جمع معلومات استخبارية عن اللويزة المحاذية لمنطقة جبل سجد والتي كانت بمثابة قاعدة عمليات لعناصر التنظيم في جنوب لبنان.

ووصف أمر المهمة حزب الله بأنه كان يعتبر التضاريس الجبلية شديدة الانحدار والصعبة، والمشبعة بالصخور الكبيرة والنباتات المتشابكة، مكاناً مريحاً، إذ أن بقاء عناصر التنظيم في مواقع مموّهة، وإطلاق نيران الأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون والصواريخ المضادة للدبابات باتجاه مواقع الجيش الإسرائيلي، وكذلك الخروج منها للقيام بعمليات اختراق في الشريط الأمني.

قبيل منتصف الليل، تحركت القوة برئاسة الرائد هارتسي هاليفي بصمت لاسلكي كامل من ثكنة الريحان الاسرائيلية المتقدمة، وتحركت عبر أحراش الجبال حتى اتخذت مواقع مموهة في منطقة قريبة من اللويزة واستعدت مجموعة الاشتباك للتقدم إلى منطقة "مروج عقماتا" المشرفة على على اللويزة من الجهة الشرقية، وعند وصولها إلى نقطة مفتوحة وقبل دخولها إلى الحرش كثيف الشجر المطلّ على اللويزة تعرّضت القوة لنيران حاصدة كثيفة، مما أدى إلى مقتل قائدها الملازم (زوهر حلميش صاحب الرقم العسكري 513673) بالنيران وإصابة عدد من الجنود، بينهم جريح قتل بعد يومين هو الرقيب (عوفر أريئيلي صاحب الرقم العسكري 513675 ).

واستمرّت النيران لتمنع أي قوة قريبة من التدخل، فاستدعى هاليفي فريق إنقاذ من ثكنة الريحان بقيادة الملازم تسور تسفي إسرائيل ليتسنى له تجهيز عدد كافٍ للتقدم باتجاه القوة المكتشفة التي أخذت تتعرض لرمايات أكثف. وبينما كانت قوة الإنقاذ تتقدم نحو القوة التي يقودها هاليفي التي كانت تبعد حوالي الـ 300 متر عن مكان القوة المستهدفة، تعرضت قوة الإنقاذ لكمين من قبل مجموعة ثانية من مجاهدي المقاومة كانت تكمن في مكان آخر قريب من الطريق الذي سلكته القوة جميعها عندما كان يقودها هاليفي لِحتفها قبل أن تفترق القوة المستهدفة الأولى وتتعرض للكمين الأول.

 فورسماع هاليفي صوت انفجار القنابل التي رماها المجاهدون على قوة الإسناد، فهم سريعاً أن مجاهدي المقاومة كانوا في حالة إطباق تامّ على منطقة الكمين الأول والثاني، وأن مجموعته هو أيضاً تتموضع بين المجاهدين. أدّت القنابل المنفجرة إلى إصابة قائد قوة الإسناد الملازم ( تسور إسرائيل صاحب الرقم العسكري: 513775 ) بجروح خطيرة قاتلة (توفي في 12 أيلول 1993 متأثراً بجراحه بعد أن بقي في العناية المشددة بحالة الخطر الشديد لمدة 4 أشهر)، ما يعني أن فريق الاسناد أصبح بدون قائد.

عندها قام قائد السرية هارتسي هاليفي الذي لم يطلق رصاصة واحدة خوف الانكشاف هو ومجموعته بتوجيه طائرات الهليكوبتر الحربية ونيران المدفعية نحو نقاط كان يفترض أن مجاهدي المقاومة يتموضعون فيها، توقف إطلاق النار من جهة المجاهدين فأمر هاليفي ما تبقى من القوة الأولى التي تعرضت للكمين الأول بالانسحاب، وطلب من عناصر قوة الاسناد مساعدتهم على الانسحاب ونقل القتلى والجرحى .

تراجعت القوتان تحت إطلاق النار من الطائرات المروحية والمدفعية المكثفة المحملة بقتيليْن وجريح ميؤوس منه وأربعة جرحى إلى ثكنة الريحان.

وحسب الرواية الاسرائيلية هذه، فإن هذا الإخفاق دفع قائد المنطقة الشمالية ، العقيد يتسحاق مردخاي إلى تشكيل لجنة تحقيق وتفتيش في أعقاب الحادث، مدعياً بأن هناك أخطاء في تمركز القوة.

وظهر من شهادات أفراد القوة صحة ما ادعاه موردخاي، إلا أن نتائج التحقيق لم تُنشر وتم حفظه وعدم الاعلان عنه. مع ذلك فقد كشفت نتيجة التحقيق أن اللجنة خلصت إلى مسؤولية هاليفي الكاملة عن الإخفاق وتجلّى ذلك من خلال نقل هاليفي إلى وحدة دورية هيئة الاركان "سييريت ماتكال" وحرمانه من الترقية لسنتيْن.

15-آذار-2024
استبيان