المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


شهداء شهر شباط

الشهيد عدنان محمد حسن‏


الشهيد عدنان محمد حسن‏بطاقة الشهيد:

الاسم: عدنان محمد حسن‏

محل وتاريخ الولادة: البيسارية ــ 10/6/1972م

الوضع العائلي: متأهل وله ثلاثة أولاد

مكان وتاريخ الاستشهاد: جباع  ــ 28/2/1999م

نبذة عن حياة الشهيد:

صادق العهد الذي مذ حمل السلاح وعد ربه أن يلقاه مضرجاً بدمه، لطالما كان مزارعاً بارعاً يحرثُ الأرض بأصابعه العاشقة للتراب ويبذر شتولاً سرعان ما تنمو وتؤتي أكلها كل حين.. الشمسُ والتراب حُبّان اجتمعا في قلبه ولم يفرقهما سوى الهواء الذي تطاير جسده بين ذراته عندما استشهدَ كما تمنى دائماً..

مذ كان الشهيد عدنان  طفلاً يرافق والده إلى مسجد قريته "البيسارية"، ويقفُ في الصفّ الأول للمصلين في صلاة الجماعة، كان يضع نفسه في خدمة أهله وأخواته الخمسة الأكبر منه، وينفذ كل ما يُطلب منه بحبّ‏ٍ وصمت. كثيراً ما كان يقوم بإصلاح الأجهزة الالكترونية التي تتعطل بمهارةٍ وإتقان ما دلّ على دقة ملاحظته وصبره لتعلم الأشياء واكتشافها.

خمسة عشر عاماً قضاها عدنان في قريته، كان يذهب خلالها إلى مدرسة "الجهاد" في البابلية المحاذية لقريته سيراً على الأقدام، وفي فصل الصيف كان يبحثُ عن عمل ليساعد والده في تأمين لقمة العيش.

عندما أنهى الصف الثالث المتوسط، عمل صيفاً في ورشة للميكانيك في مدينة صور، وقد لفتت صاحب الورشة سرعة بديهته وحسن تصرفه وتعلمه السريع للمهنة، ما جعله ينصح والديه أن يتركاه عنده في الورشة بدلاً من المدرسة لأن طريق احترافه لهكذا مهنة قصيرة جداً.. وفعلاً هذا ما كان، وعندما سكنت العائلة في بيروت في العام 1985 فتح محلاً للعمل في مهنته، لكنه بعد عام واحد سلمه لرفيقه لينتسب هو إلى صفوف حزب الله..

شارك الشهيد عدنان في العديد من الدورات العسكرية التخصصية التي أهّلته ليكون من المجاهدين الأوائل على الثغور، أولئك المجاهدون الذين رفعوا رايات النصرِ على المواقع قبل انسحاب الجيش الصهيوني بسنوات.

كان عدنان يقضي معظم أوقاته في الجنوب على المحاور المتقدمة، وقد عرف بمبادرته وهمته العالية، وعشقه لخدمة الأخوة في الجبهة، فكان يهيئ لهم الطعام ويزرع بعض الخضار في أحواضٍ أهّلها لذلك، وعندما يعود إلى بيروت يستأنس بحرثِ الحاكورة الصغيرة أمام منزلهم والتي زرعها بالعديد من أشجار الفاكهة التي لا يزال ثمرها يُحلي طعم الحياة في اللحظات المرّة، أو يقوم بزيارات اجتماعية لجيرانه ويتشاور معهم بأمور الحي والسبل إلى تحسين أوضاعهم.

عندما أراد أن يتزوج، أخبر شريكة عمره أنه لن يترك طريق الجهاد إلا وقد حُمل شهيداً. رزق الشهيد بثلاثة أولاد: فتاة وصبيين، كانت حوراء ابنته البكر تنتظره عودته من العمل ليلاعبها كما العادة، وكذلك شقيقها محمد.. أما صغيره "علي" فقد تركه وهو في الأشهر الثلاثة الأولى من عمره، فيسمع حكايا والده الجميلة من أخوته وأمه.. أطفال عدنان إلى الآن ينتظرون عودته كل يوم، على الرغم من أنهم يعلمون أنه في الجنة..

كان للشهيد عدنان شرف المشاركة في أغلب عمليات المقاومة الإسلامية العسكرية والنوعية، وعرف بإقدامه وشجاعته كغيره من المقاومين الأشاوس الذين أذاقوا الجيش الإسرائيلي مر الهزيمة، وكان يحلو له رؤية راية المقاومة تزرع على المواقع، وإذا كان من المشاركين في إحدى العمليات المصورة فإنه كان ينتظر عرضها على التلفاز بشغفٍ ليرى عظمة إخوانه وبأسهم البتار..

قبل فترة قصيرة من استشهاده كان يخبر شقيقته أنه يتمنى أن يتقطع جسده إرباً ويتناثر في الهواء، وكأن ذلك التمني الصادق كان دعاء عفوياً طرق به باب الاستجابة..

وأتى ذلك الصباح الذي انتظره عدنان دائماً.. كان شروق الشمس منظراً آخر، لاقاه هذه المرة لقاء مودع لصديق ألفه دوماً، رسم ضوءها المشع على أطراف الدنيا بأهداب عينيه الذابلتين، وببسمة مطمئنة؛ ونظر ناحية الغروب الذي لن يرى جماليته ذا النهار، فبعد قليل سيتوجه إلى الجنوب..

وقفَ يتودع من حبات تراب الحقل، من الورود المفتحة الجميلة، من الأغصان المنتظرة أيار لتزهر، من حنايا المنزل الذي خبأ فيه تعبه ووحدته فأنبت بعض الألفة على قلبه الغريب في هذه الدنيا..

في كل مرة يخرج فيها عدنان من المنزل يكون وداعه وداع من لن يعود، لكن هذه المرة أحس الجميع بحرقة ولوعة لغيابه، وصارت النظرات تلاحقه كلما تلفت قبل أن يغادر..

توجه إلى والده وسأله ما إذا كان يحتاج لشيء فشكر أبوه الله على نعمه، وكعادته مدّ عدنان يده إلى جيبه ووضع في جيب أبيه مبلغاً من المال دون أن يعده، وودّعه.. ولم يكن من عادته التوجه إلى الجنوب بسيارته، غير أن هذه المرة ركب السيارة فسأله والده عن السبب، فأجابه؛ سأتوجه أنا والسيارة إلى الجنوب، إذا عدت تعود معي، وإن لم أعد لا تعود.. مشت السيارة وعدنان ينظر خلفه ليرفع يده ملوحاً بالوداع لوالده..

في الثامن والعشرين من شباط 1999، فجَّرت المقاومة الإسلامية عبوة ناسفة بموكب قيادي صهيوني عسكري أمني رفيع المستوى مؤلف من بضع آليات مصفحة لدى مروره على طريق مرجعيون حاصبيا عند نقطة الهرماس، ما أدى إلى مقتل قائد قوات الاحتلال في لبنان ايرز غيرشتاين مع ثلاثة آخرين وجرح ثلاثة.. إزاء هذا العمل الجهادي المميز والضربة الموجعة التي تلقتها القوات الإسرائيلية قام الطيران الحربي الإسرائيلي بالتحليق المنخفض فوق تلال عامل وقصف العديد من الأودية والأحراش، أدت قذيفة منها سقطت بالقرب من قرية جباع في إقليم التفاح إلى استشهاد الشهيدين عدنان حسن وحسين عبد الله مغنية، حيث كانا يقومان بالتصدي للطائرات، وقد تناثرت أشلاء الشهيد عدنان في الهواء كما تمنى ولاقى وجه ربه بجسد ذراته سبحت بعز قدسه في الهواء..

من وصية الشهيد:

إخواني في حزب الله:

ينتابني إحساس في قلبي يدفعني أن أتلفَّظ بما يدور في سريرتي وما يعشقه قلبي في محاكاتكم وتذكيركم؛ أوصيكم بتقوى الله ونظم أمركم والحفاظ على الأمانة الملقاة على عاتقكم وصية السيد عباس الموسوي رحمه الله وباقي الشهداء الكرام، وهي حفظ المقاومة الإسلامية والرسالة السماوية وتلبية نداء الواجب المقدس الذي طالما لبيتموه ملء إرادتكم غير مكرهين ولا مجبرين بروح حسينية آثرتم على أنفسكم التضحية والإخلاص لبارئكم مطمئنين لقضاء الله حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى..

لقد عرض على الشهيد فاروق العديد من الفرص التي يحلم بها أي شابٍ ناجح يسعى لتدعيم مستقبله المعنوي والمادي، وفتحت أبواب السفر مشرعة أمامه لمتابعة دراساته العُليا، لكنه بقي في الوطن، ليكمل طريق الجهاد، وليستشهد غريباً ويدفن جسده غريباً، غير أن ذكراه الطيبة، وذكرياته التي يلهجُ بها أهله ورفاق دربه في المقاومة الإسلامية وفي التعبئة التربوية وبين تلامذته في المدرسة، تبقى منارةً تُضيء فينا زوايانا المظلمة..
 

28-كانون الثاني-2013
استبيان